إذا كان ثمة توصيف ينطبق على الموازنة الثلاثية التي أُقرت من قبل مجلس النواب، يمكن وسمها بأنها موازنة (مقتدى الصدر)، فرغم الصخب والشعبوية التي رافقتها طوال الأشهر والأيام المنصرمة من اختلاف تهليلي ودعائي ولغط وشد وجذب، أقول: رغم كل ذلك، إلا أن الرطانة عن موازنة خدمية أو موازنة بنود أو برامج أو أبواب هو كلام ينبتّ عن نقطة الارتكاز التي بُنيت عليها والمتمثلة بمقتدى الصدر، لا تحفل الطبقة الشيعية الحاكمة لا بأوجاع الناس ولا بما يتناسب والعيش الكريم، ما يخيفهم هو ظلال مقتدى الصدر والحواضن التي قد تدعم أي تحرك مستقبلي له، لذا صُممت الموازنة على ثنائية : الزبائنية- الرشى من أجل سحب أي فتيل معارض في المستقبل القريب، ورغم تغليف هذه الزبائنية الريعية بتوصيفات مختلفة غير أن الدراسات الاقتصادية تقول بأننا نسير نحو الهاوية والمسألة مرتبطة بالوقت لا أكثر، تقوم فلسفة الائتلاف الحاكم على مقولة شعوبية تتمثل في (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) وهو الأمر الذي يتنافى كليا مع ابجديات الموازنات والاقتصاد بوصفه علماً يقوم على خطط وبرامج وحسابات دقيقة، هذه الحسابات التي لم ترد في بال قادة الإطار أصلا لأنهم منشغلون بهاجس مقتدى الصدر،لذا، فهي موازنة انتخابية لشراء الأصوات بالدرجة الأساس، فإن فازوا، فبها ونعمت، وإن خسروا فسيسلمون بلداً مفلساً ومديناً وبلا موارد، وفي كلا الحالتين نجد ظلال مقتدى الصدر أمامهم. أما الكرد فما طلبوه من الموازنة أيضا يقع تحت ظلال مقتدى الصدر، حليفهم الذي انفرط عقد التحالف معه واعتبروا ما يأخذونه استحقاقا لتحالفهم بعيداً عن مقتدى الصدر، ورغم أن التسريبات تقول بأنهم قد غنموا أكثر مما تحصلوا عليه سابقاً، غير أنني أظن بأنهم لم يكونوا مفاوضين بارعين، كان بإمكانهم الحصول على نصف الموازنة لو أرادوا لأن الطبقة الشيعية لا تمتلك أي رؤية مستقبلية لهذا البلد، هي فقط تنظر لأي مسار سياسي،اقتصادي،اجتماعي، اقليمي، محلي ..الخ من زاوية نظر محددة: هاجس مقتدى الصدر!
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *