13 Dec
13Dec

50 دقيقة إستغرقت المكالمة الهاتفية التي جرت بعد ظهر يوم الاحد 10 كانون الاول / ديسمبر بين فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو، الذي اضطرّ لمغادرة اجتماع حكومته للتحدث مع الرئيس الروسي. الكرملين وحكومة تل ابيب تحدثا باقتضاب عن مضمون المكالمة.
واذا كان البيان الاسرائيلي أكثر وضوحا. فان لهجة الإعلان الروسي كانت جافة وأكثر إيجازاً. وفي كل الاحوال، لا يمكن مقارنتها بالنبرة الودية التي هيمنت على القمة الروسية الإيرانية ولا بالأجواء الاحتفالية المهيبة التي تخللت زيارة بوتين إلى كل من ابو ظبي والرياض. نتنياهو إدعى أنه أعرب لبوتين عن عدم رضاه عن موقف روسيا في الأمم المتحدة والمحافل الأخرى فيما يتعلق بالممارسات الاسرائيلية في غزة.
ودعا إلى الضغط على الصليب الأحمر للسماح لممثلي هذه المنظمة بالوصول إلى حوالي 137 أسيرا تحتجزهم حماس. وفي الوقت نفسه، شكر روسيا على مساعدتها في إطلاق سراح المحتجزين الذين يحملون جنسية مزدوجة روسية وإسرائيلية.
أما الكرملين، فقال إن الوضع في قطاع غزة كان في صلب المكالمة الهاتفية. بعد ذلك، ووفق بيان الرئاسة الروسية: “أكد فلاديمير بوتين من جديد موقفه المبدئي الرافض للإرهاب بجميع مظاهره وإدانته له. وفي الوقت نفسه، من المهم للغاية ألا تؤدي مكافحة التهديدات الإرهابية إلى عواقب وخيمة على السكان المدنيين.
الجانب الروسي مستعد لتقديم كل مساعدة ممكنة من أجل تخفيف معاناة المدنيين وتهدئة الصراع”. هذه العبارات المقتضبة لا تحتاج لأكثر من 10 إلى 15 دقيقة. عماذا تحدث الاثنان في ما تبقى من الوقت؟ إذا تمعنا في البيان الإسرائيلي سنقرأ فيه: “انتقد الزعيم الإسرائيلي بشدة ما أسماه “التعاون الخطير” بين روسيا وإيران”. لهجة البيان تبدو وكأنها تحمل تهديدا.
ولكن، بأي حق يتدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي في العلاقات الثنائية بين دولتين ذات السيادة، هما روسيا وإيران؟ لا عجب في أن يتململ نتنياهو ليس فقط من تنامي العلاقات بين موسكو وطهران، وانما من الحفاوة التي استقبل بها بوتين في كل من الإمارات والسعودية اللتين راهن عليهما رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي حتى آخر لحظة لإظهار التشقق في وحدة الصف العربي الإسلامي ازاء المجزرة التي يرتكبها في غزة.
وبالمناسبة، ليست تل ابيب وحدها متململة، ولكن ايضا السلطات الأمريكية، التي لا تملك إمكانية للتواصل مباشرة مع موسكو. بعد جولة فلاديمير بوتين المدوية في منطقة الخليج، وأكثر من ذلك بعد زيارة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي لموسكو، شعرت الولايات المتحدة أنها تفقد نفوذها في المنطقة.
ليس بالضرورة، ولكن يمكن الافتراض أن إيران ربما كانت تجس نبض روسيا من أجل الحصول على موافقة على تقديم دعم أكثر جدية لحركة المقاومة الاسلامية “حماس” مما هو عليه الآن. وهذا يعني رفع منسوب التصعيد، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار توعد المقاومين في غزة بمفاجآت جديدة يخبّئون للعدو. ثمة رأي بأن نتنياهو اراد ان يستفهم من بوتين موقف روسيا ويخبر الرئيس الروسي بنواياه.
لا شك في أن هذه النوايا عداونية حتى الجنون في هذه المرحلة. بالتأكيد، قال نتنياهو لبوتين إن الجيش الإسرائيلي، وبدعم من الولايات المتحدة، مستعد للذهاب إلى النهاية وإنه ليس خائفا من توسع رقعة الحرب.
ولكن هل هذا صحيح؟ على أي حال، تريد واشنطن أن تفهم كيف سيكون رد فعل الكرملين على التصعيد العسكري. وفق بعض التسريبات فان موسكو أفهمت تل ابيب بان موضوع إقامة دولة فلسطينية أمر حتمي ولا يمكن التنصل منه بعد اليوم، وأنها تصنف ما تقوم به إسرائيل كجرائم حرب لا يمكن السكوت عليها. كذلك، ثمة معلومات تفيد بان روسيا تنوي إرسال مساعدات إنسانية مباشرة إلى غزة ولا تريد اي عرقلة اسرائيلية لهذا الأمر.
ربما كانت هناك في مرحلة ما محاولة لمقايضة موسكو بمقابل لعدم التدخل. لكن روسيا تنتصر في أوكرانيا وهي في غنى عن أي مقايضة، ولا سيما أن الكيان الاسرائيلي لم يتمكن من البقاء على الحياد في هذا الصراع.
وعلاوة على ذلك، وفر كيان الاحتلال ملاذا للكثير من خصوم بوتين ومنتقدي سياسته في أوكرانيا. على أي حال، من الواضح أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتعاملان مرة أخرى مع روسيا كلاعب رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، يجب أن يحسب له حساب.


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة