قبل ايام ادلي الستار على اكبر بطولة عالمية لأكثر لعبة شعبية في العالم في أصغر دولة عربية من حيث المساحة وعدد السكان ولكنها كبيرة في الاقتصاد والتأثير الدولي واكثر تمسكاً بقيمها، لقد أثبتت دولة قطر الشقيقة أن الدول لا تقاس بحجم المساحة ولا بكثرة عدد السكان بل تقاس بحجم احترامها لذاتها واحترام مواطنيها والأهم حب المواطنين حكاماً ومحكومين لتراب وطنهم واستعدادهم للدفاع عنه و التفاني في رفع رايته وسمو شأنه بين الدول الأخرى وقوة التأثير على المستوى الإقليمي والدولي ، نعم انه مونديال قطر الذي دخلت فيه هذه الدولة التاريخ من أوسع أبوابه وأضحى المليارات من سكان هذا الكوكب تلهج باسمها فمن لا يعرف بعد اليوم دولة قطر؟ فالنجاح يبدأ بفكرة والفكرة تنمو في ذهن أصحابها حتى تصبح مشروعاً ثم يكون هذا المشروع حقيقة.
كرنفال دولي
لقد فكرت قطر بجرأة وثقة عالية في تنظيم هكذا كرنفال دولي فخططت لهذا المشروع وبذلت مجهود كبير حتى حصلت على شرف تنظيم واستضافة هذه البطولة العالمية ولكن ليس الهدف أن تستضيف وحسب بل ان تنجح في تنظيم هذه البطولة العالمية الكبيرة وعليك ان تسخر الامكانيات من أجل هذا النجاح فنجحت قطر الدولة مرة اخرى في تنظيم واستقبال الملايين على اراضيها ومن شتى بقاع الأرض بمختلف الوانهم وأشكالهم ودياناتهم ومعتقداتهم وثقافاتهم فكيف نجحت دولة قطر بفرض قيميها على كل من وطأة قدماه على أرضها وفرضت احترام هذه القيم على الجماهير المليونية المختلفة؟ وتجسد هذا الاحترام في مواقف كثيرة منها ما ظهرت وبثت في وسائل الإعلام المختلفة حتى وصلت إلينا وصلت إلى الملايين من البشر وربما غيرها الكثير من هذه المواقف فعلى سبيل المثال منعت الدولة المضيفة دخول الخمور إلى الملاعب ومنعت الذين يرتدون اللباس الذي يشير إلى العنصرية مثل الزي الصليبي الذي كان يرتدي بعض الجمهور الإنجليزي ومنعت كذلك رفع علم المثليين او ما يسمى مجتمع ميم رغم الاعتراض الشديد لوفود اكبر دول العالم كما شاهدنا وشاهد العالم الصورة التذكارية لمنتخب المانيا وهم يضعون ايديهم على أفواههم اشارة واعتراضاً على إجراءات الدولة المضيفة واعتبروا ذلك مساس بقيم الحريات كون المثلية مسموح بها في تقاليد وقيم دولتهم ودول كثيرة اخرى.
وبالمقابل قامت قطر الدولة التي لم تدخر جهدا بفتح ًنوافذ التعرف على القيم والمبادئ الاسلامية والعربية امام الجماهير العالمية المليونية ففتحت المساجد ابوابها والمتاحف التي تحاكي تاريخنا وقيمنا وتنظيم المعارض والامسيات الثقافية والفنون لكي يتعرف الزوار عن قرب والانفتاح على ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع العربي الاسلامي واعطاء صورة ناصعة لسماحة ديننا الاسلامي الحنيف في نشر مبادئ السلام والمحبة والاعتدال والوسطية ونبذ الكراهية للآخر وان العرب والمسلمين ليسوا ارهابين كما يتصورون الذي ما برحت دول ومنظمات معادية بلصق الارهاب زوراً وبهتاناً بهم وبدينهم الاسلامي الحنيف وقامت بتغيير الكثيرين من الاشخاص لهذه الصورة النمطية العالقة في اذهان المجتمعات الغربية بشكل خاص نتيجة الماكنة الاعلامية المغرضة ، وان التأثير المقابل الذي قدمته قطر تجلى بوضوح باعتناق الاسلام لمئات من الجماهير الحاضرة لمتابعة البطولة او تشجيع منتخبات دولهم … فهذا النجاح الفكري والقيمي أرى انه اكثر اهمية من النجاح اللوجستي والتنظيمي الباهر الذي حققته دولة قطر والذي راهن الكثير حول العالم على عدم قدرتها في تنظيم هكذا بطولة عالمية كبيرة ولكنها في النهاية كسب الرهان وعلى اعلى المستويات.
اما الفكرة التي هزت واشغلت العالم وأوصلت رسالة عظيمة هي فكرة العباءة العربية البشت فالعظمة ان تاتي بفكرة بسيطة من حيث الفعل والاداء لتعطيك اثر ونتيجة كبيرة تتخطى كل الحدود فهذه الفكرة التي أختارها صاحبها اللحظة الاغلى والاثمن من ايام وساعات ولحظات البطولة الا وهي لحظة التتويج فأي عبقري قدح فكره واختار هذه اللحظة لعمل ما وجاء بفكرة ألباس هذه العباءة العربية البشت من قبل راعي البطولة ورئيس الدولة المضيفة واثناء تسليم كأس البطولة 2022 لاشهر لاعب عرفه التاريخ ميسي لتسجل وتحفر هذه اللحظة في اذهان المليارات من البشر ولتبقى عالقة في الذاكرة لاجيال قادمة.
صاحب فكرة
ان ماتعنيه فكرة ارتداء اللاعب الاسطوري ميسي البشت العربي وفي لحظة استلامه كأس البطولة ؟ اعتقد جازماً ان صاحب الفكرة أراد بذكاء ان يوصل رسالة لكل العالم ان قطر نجحت وتميزت في تنظيم المونديال الاكبر عام 2022 وبذات الوقت اراد بارتداء البطل لهذه العباءة ليكون شاهداً حياً على هذا النجاح الكبير لمًا لهذه العباءة او البشت من دلالات على كرم الضيافة العربية الاصيلة وعلى المروءة والشجاعة واكرام الضيف الذي يتحلى به الفرد العربي نعم اكرام الضيف ليبقى الضيف عزيزاً طالما احترم اهل الدار والتزم بقيمهم فلا يحق للضيف التقدم على صاحب الدار مهما على شأنه وهو مقيماً على ارض مضيفه ولا يكون كما اراد السويسري رئس اتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا عندما ارادة تقديم الضيف الرئيس الفرنسي على المضيف صاحب الدار امير دولة قطر وان كان الضيف رئيس دولة عظمى كفرنسا.
لذلك أبى الامير بشجاعة العربي الاصيل وفطنة قبل على كونه رئيس دولة قطر فتصدى لهذا الموقف الذي صدر من رئيس الفيفا ومنع اي احد ان يتقدم عليه عند نزولهم الى ارض الملعب لتتويج البطل الفائز ووصيفه في البطولة ولم يتنازل عن حقه في تتويج الفائز وتسليم الكاس باعتباره رئيس الدولة المنظمة للبطولة كما هو معروف وبكل أباء. فكان هذا الموقف الشجاع مسك ختام المونديال الذي تجسدت فيه القيم العربية الاسلامية بمعانيها فاستحقت ان نسميها مونديال القيم والاخلاق مونديال قطر 2022، كلنا فخر بهذا الانجاز كوننا عرب.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *