أين تكمن مشكلتنا نحن العراقيين؟ هل في الهوية الوطنية؟ هل في الإنتماءات الفرعية, قومية, دينية, مذهبية, عشائرية, مناطقية؟ هل نحن الدولة, الشعب الوحيد بين الدول والشعوب التي نمتلك تعددية تنتج عنها بالضروة هويات فرعية في ظل غياب مفهوم واحد للمواطنة ؟ هل نخاف من أنفسنا أم من الآخر؟ هل نحب الوطن ونكره الحاكم؟ أي وطن نريد وأي حاكم؟ هل أي وطن أيا كان وحيالله حاكم؟ وطن أنت فيه سيد أم مسود؟ درجة أولى أم ثانية؟ هل المواطنة درجات؟ المواطنة بأبسط المفاهيم الإجتماعية هي واحدة, وحين تصبح درجات تنتفي عنها صفة المواطنة أصلا. ماذا ينتج عن ذلك؟ التوجه نحو الهويات الفرعية التي تشكل في النهاية سياج حماية لك. متى يحصل ذلك؟ حين يكون هناك خلل في منظومة الحكم.هل لشكل النظام السياسي ملكي أم جمهوري؟ ديمقراطي أم شمولي علاقة بنوعية منظومة الحكم؟ في عالمنا اليوم هناك جمهوريات أحسن من ملكيات وبالعكس. وهناك ديمقراطيات أفضل من شموليات وأحيانا هناك شموليات أفضل من ديمقراطيات وبالعكس؟ هل الخلل في الحاكم أم في الجمهور؟ هل الجمهور واحد يحكمه عقل جمعي حسب نظرية غوستاف لوبون أم يختلف من نظام سياسي الى آخر؟ الوقائع تثبت حتى بعد 150 عاما على صدور كتاب “سيكولوجيا الجماهير” لغوبون أن الجمهور العراقي لايختلف عن الجمهور الفرنسي أو الأميركي. خلال التظاهرات في العراق تم حرق الإطارات والإعتداء على المؤسسات. في فرنسا تم حرق الإطارات والإعتداء على المؤسسات. لايختلف هنا شارع السعدون في بغداد عن شارع الشانزليزيه في باريس. أمام نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد حصلت أشياء مماثلة أمام برج أيفل في باريس. في العراق إقتحم متظاهرون مبنى البرلمان وفي الولايات المتحدة الأميركية إقتحم متظاهرون مبنى الكونغرس الأميركي؟هل نسكت طبقا لنظرية المساواة بين “الكرعة وأم الشعر؟ أم نحتج؟ ماهو شكل الإحتجاج؟ هيجان وتعطيل دوام وقطع جسور أم جلد الذات من منطلق المقولة الذائعة الصيت بأننا “ماتصير لنا جارة”؟ وهل صارت “جارة” للفرنسيين والأميركيين؟ كيف نغير؟ هل التظاهرات التي تؤدي الى صدامات بين الناس يمكن أن تنذر بحرب مرة أهلية متنوعة الهويات؟ أم طبقا للمثال السوداني تؤدي الى إسقاط حكم دكتاتوري والمجئ بحكم هجين بين المدنيين والعكسر؟ هل إستسلم المدنيون في السودان؟ لم يستسلموا بل مازالوا قادرين عبر تنظيم يكاد يكون جيدا على تغيير معادلة السلطة برغم أن حكم العسكر في السودان مستمر منذ منتصف ستينات القرن الماضي حتى آواخر عام 2019. بل حتى اليوم حين أنقلبوا ثانية العام الماضي.ماذا حصل في مصر بعد وصول الإخوان الى الحكم عام 2012 في إنتخابات ديمقراطية بلاشك؟ حصل محمد مرسي على نسبة 51% من الأصوات (13 مليون صوت) مقابل 49% لمنافسه محمد شفيق.لكن ماذا حصل؟ الذي حصل أن الإخوان المسلمين دتكتروا بمجرد إستلامهم الحكم. أي إنهم تعاملوا مع الديمقراطية بوصفها جسر عبروا من خلاله الى الضفة الأخرى فقط؟ ماذا فعل الشعب المصري؟ لم يجلد ذاته.بدأت حكاية التغيير من قبل إثنين من الشباب العاطلين عن العمل. كل الذي فعله هذان الشابان إنهم قررا قررا يتمردا تمردا إيجابيا. وقعا وثيقة ونشروها بين الناس ليوقعها بعدهم بعد مدة 22 مليون مصري. إمتلكوا بجدارة الشرعية الشعبية. وحين إحتاجوها على أرض الواقع خرج الى ميدان التحرير 20 مليون مصري في يوم واحد. حصل التغيير عبر الشرعية الشعبية حين لم يحترم من أراد ركوب عربة الديمقراطية صناديق الإقتراع التي تعامل معها بوصفها مجرد .. ورقة كلينكس.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *