هذا ما قالته امرأة غزاوية وهي تحمل أغراضها على متنها نازحة الى حيث لا تدري، كانت تظن ان الفلسطينيين لن يخوضوا معركتهم مع الكيان الصهيوني لوحدهم، وانما سيقف العرب الى جانبهم، أليسوا عمقهم الموثوق، والأمة التي ينتمون لها، ويشتركون مع أبنائها في اللغة والدم والدين والتاريخ ؟، فاذا بهم وحدهم يصارعون هذا المتوحش الذي لم يرق قلبه لطفل او شيخ او امرأة او شجرة، فيهدم البيوت والمدارس والمستشفيات على الرؤوس بلا رحمة، بينما العرب يتفرجون وكأنهم غرباء عن هذا الشعب المظلوم الذي لم يطالب سوى بأرضه التي مضى على احتلالها أكثر من سبعين عاما.
صدقيني يا سيدتي الأمة مغلوب على أمرها، وأبناؤها ما عادوا قادرين حتى على متابعة ما تنقله الفضائيات من مشاهد موتكم المتواصل، فمصيرها بيد حكامها الذين تترفع كلمة (الجبن) أن ينعتوا بها، لقد قيدوا الأمة بأغلالهم قبل الأعداء، وانت تعلمين ان امتك ليس من عادتها الرضوخ والاستسلام والخنوع، فمن الحكام من سُلبت ارادته، ومنهم من جُبل على العمالة، ومنهم من يخشى ازاحته عن عرشه، ومنهم من يخاف على رأسه من الاغتيال، كما اغتال الآثمون قادة المقاومة وآخرهم هنية في طهران وشاكر في بيروت والقائمة تطول، وكلهم يبررون خنوعهم بذرائع سياسية باهتة، والا كيف لعربي غيور أن يصمت حيال أكثر من ثلاثين ألف شهيد وأضعافهم من المصابين.
لم يبرز من حكامنا طوال أشهر أي فعل يردع هذه الهمجية، مع أن لديهم من الوسائل والطرق شتى، ونحن لا نطالب بالباطل، بل أصحاب قضية، أرضنا مسلوبة، وعجزت كل الأساليب عن استرجاعها والعودة لها، وكيف يسترجع شعب أعزل حقه في أرضه ؟، ليس مقبولا التذرع بما قامت به حماس في طوفان الأقصى، والقاء اللوم عليها، فعندما يركد الماء لابد من تحريكه قبل أن يفسد، والا ما المطلوب من الفلسطينيين فعله بعد عشرات العقود التي لم تفض الى استرجاع حق، ولا حتى أمل بالحصول عليه، وجهات نظركم بحماس وحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين وغيرها من قوى المقاومة ليست عذرا مقنعا للصمت المطبق الذي يلف نظامنا العربي المخزي.
لم يعد الصهاينة يخشون من ردود فعل حكوماتنا أبدا، يعلمون تمام العلم، ان حكامنا لن يقدموا على شيء وان كان بلا قيمة، بل امتنعوا حتى عن التصريح الذي يوضح موقفا، ولكن سُمح لهم بالاستنكار والشجب فقط، لذا صار العدو يضرب في أي مكان ويستهدف أي مقاوم يا أختي العزيزة المثكولة بأبنائك وأهلك وجيرانك، ان حكامنا بخنوعهم يمهدون الطريق للصهاينة لتحقيق حلمهم بدولة تمتد من النيل الى الفرات، وما جرائم الاغتيالات الأخيرة الا رسائل لهم قبل الشعوب : بأن من يلعب بذيله هكذا يكون مصيره، وفي أحسن الأحوال لن يبقى على عرشه، لذا نحن يائسون منهم تماما. فبقاء الحال يعني ان حلمهم سيتحقق لامحالة وان اقتضى منهم نصف قرن آخر، وان خطوات تنفيذه الأولى بدأت من غزة، وكوني على يقين ايتها الفلسطينية المجاهدة ان ايقاف هذا الحلم يجب أن يكون من غزة وليس من غيرها. للصهاينة ومن خلفهم أمريكا والغرب صبر طويل يمتد لعقود، وبذرائع شتى سينفردون بدولنا الواحدة تلو الأخرى، كما انفردوا بالعراق وليبيا وسوريا، وسيحشدون العالم ضدنا، وبعض من حكامنا سيقفون الى جانبهم عندما يستهدفوننا والعراق مثال، وأول المستهدفين المحيطين بهم وصولا الى ضفاف الفرات، لقد ألهوا دولنا المعقود عليها الأمر كلا بهم، وسيكون آخر المستهدفين من يبتسمون عند استشهاد أحد قادة المقاومة، وسيأتي اليوم الذي سيندمون فيه. لقد قال الآباء : المصير المشترك يربطنا أيضا وليس اللغة والدين والدم والتاريخ، والآن الأمة مهددة بمصيرها، ولابد من موقف حاسم اذا أردنا أن نظل أحرارا.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"