16 Dec
16Dec

اختلفت التفسيرات حول موافقة إيران الأخيرة على زيادة المراقبة على منشآتها النووية، بين من يرى أنها مرونة بحكم المستجدات الأخيرة، ويراها آخرون رضوخًا أو مراوغة جديدة، اعتادت عليها طهران في إطار المقايضات للحفاظ على برنامجها النووي من التهديدات والضغوط.

أكد خبراء في الشؤون الدولية والإيرانية، في تصريحات "، أن التعامل الحالي لطهران يعكس رضوخًا في صورة مرونة بغرض المراوغة، لتجاوز مرحلة حرجة تكبدت فيها إيران خسائر قياسية خلال شهرين فقط، لم تشهد لها مثيلاً طوال الأربعين عامًا الماضية.

يأتي ذلك في سياق فشل مشروعاتها التوسعية، على رأسها ما حدث لـ"حزب الله" وسقوط نظام بشار الأسد الحليف في سوريا، ما أفقدها أحد أهم ممراتها الحيوية لترابط نفوذها الإقليمي.وذكرت وكالة "رويترز" في تقرير حديث أن إيران وافقت على تشديد رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة "فوردو" النووية، بعد تسريعها تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقترب من الدرجة المطلوبة لتصنيع أسلحة نووية.

وأضاف التقرير السري الذي أرسلته الوكالة إلى الدول الأعضاء: "وافقت إيران على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي".يرى المحلل السياسي المختص في الشأن الإيراني، طاهر أبو نضال، أن موافقة طهران على زيادة المراقبة وما تضمنه ذلك من تراجع عن مواقف سابقة، يعكس حالة من الخوف تظهر في شكل "رضوخ".

وأوضح أن موقف إيران بات ضعيفًا، والأفضل لها هو التماشي مع المستجدات الحالية، خصوصًا مع قرب استلام الرئيس الجمهوري دونالد ترامب للسلطة وما قد يترتب على ذلك من ضغوط جديدة.وأشار أبو نضال، في تصريحات، إلى أن هذا التراجع يأتي في أعقاب خسائر فادحة تعرضت لها الميليشيات الإيرانية وأذرعها، سواء في لبنان أم سوريا. كما تزامن ذلك مع انهيار نظام الأسد الذي كان الجسر الأساسي لتواجد إيران في المنطقة، ما يعكس حجم المخاوف التي تعيشها طهران على أكثر من مستوى.

مراوغة أم حسن نية؟

من جهة أخرى، يفسر الباحث في مركز "ستاندرد" للدراسات والأبحاث الإستراتيجية، فرهاد عمر، موافقة إيران على زيادة المراقبة على منشآتها النووية بأنها مراوغة.وأوضح أن طهران تحترف "اللعب على الحبال" فيما يتعلق بمنشآتها النووية، إذ تسعى لتحقيق مكاسب مرحلية تتناسب مع المستجدات والمصالح.وأكد عمر لـ"إرم نيوز"، أن إيران تلجأ إلى المقايضة في ملفها النووي كلما تعرضت لأزمة في مناطق نفوذها، كما هو الحال في لبنان وسوريا.وتابع: "الضغوط المتزايدة على إيران تدفعها إلى استخدام التكتيكات المؤقتة لكسب الوقت، في انتظار تبدل الظروف بما يخدم مصالحها".

إعادة ترتيب الأوراق

أما الباحث في العلاقات الدولية، هاشم سليمان، فيرى أن إيران تحاول إعادة ترتيب أوراقها من خلال الرضوخ في ملف المراقبة النووية، مع السعي إلى فتح قنوات جديدة للتفاوض، خاصة مع قدوم إدارة أمريكية جديدة.وبين سليمان لـ"إرم نيوز"، أن موافقة طهران على زيادة المراقبة قد تكون محاولة للتهدئة أو التمهيد لصفقة، تهدف إلى تخفيف آثار العقوبات المفروضة عليها والتي تلقي بظلالها السلبية على الداخل الإيراني. كما لم يستبعد أن تكون هناك تفاهمات غير معلنة بين طهران وإدارة ترامب الجديدة.واختتم سليمان حديثه بالإشارة إلى أن إيران قد تستغل هذه الفترة الحرجة لتخفيف الضغط الخارجي، في ظل ما وصفه بـ"الخسائر الإستراتيجية" التي تكبدتها في المنطقة، مع الاحتفاظ بقدرتها على المراوغة لتحقيق مكاسب مستقبلية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة