مازال الغموض يحيط بمشاركة الفصائل العراقية في الحرب السورية، التي عادت إلى دائرة الضوء منذ سقوط نظام بشار الأسد، رغم التأكيدات الحكومية على عدم انجرار العراق لدائرة الصراع ومساعي رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وتحركاته الدبلوماسية لهذا الصدد.
إذ وصل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، فجر اليوم الأربعاء ، إلى العاصمة الإيرانية طهران في زيارة غير معلنة، بعد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين عراقيين ونجل المرجع الديني في النجف محمد رضا السيستاني.وقالت وسائل إعلام رسمية في إيران، إن “الحسان وصل مطار مهر آباد الدولي في زيارة غير معلنة”، مضيفة أنه “اجتمع فور وصوله إلى طهران مع نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف”.
وبحسب تقارير إيرانية فأن “ظريف أكد خلال هذا الاجتماع على أهمية تنمية العراق واستقراره وتقدمه وأمنه، ودور المبادرات الإقليمية ومساعدة الأمم المتحدة في هذا الصدد”، مشدداً على “مواصلة وتعزيز التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق”.وقدم الحسان “تقريراً عن الوضع في العراق والأنشطة الرئيسية لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في هذا الاجتماع”.
وبحسب الإعلام الإيراني “تم في هذا اللقاء بحث أوضاع العراق والتطورات الإقليمية والدولية، بما فيها قضية فلسطين والتطورات الأخيرة في سوريا، وتأثيراتها على الأوضاع الإقليمية من وجهة نظر استراتيجية”.إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة، اليوم الأربعاء، عن هدف زيارة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان إلى طهران.
وقالت المصادر”، إن “الهدف الأساس من زيارة طهران في هذا الوقت الحساس هو نقل وجهة نظر الحكومة العراقية والمرجعية الدينية وموقفهما من تصعيد الفصائل، فضلا عن تحذيرات وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن للحكومة من دخول الفصائل في المعارك السورية”.
وشدد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أمس الثلاثاء، على أن قوات الحشد لم ولن يتدخل في الشأن السوري كما يروج له البعض، مؤكدا الالتزام بتوجيهات وقرارات القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأجرى محمد الحسان، رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، في 12ديسمبر كانون الأول الجاري، زيارة للمرجعية الدينية في النجف هي الثانية خلال شهر، اكد فيها “حرص المرجعية الدينية على استقرار العراق وإبعاده عن التجاذبات الإقليمية”، وقال في مؤتمر صحفي، عقب لقائه مع محمد رضا، نجل المرجع الديني الأعلى علي السيستاني (94 عاما)، إن اللقاء أكد أهمية التواصل المستمر بين بعثة “يونامي” والمكونات العراقية.
وأشار الحسان إلى أنه “ناقش “خطوات النأي بالعراق عن أية تجاذبات سلبية لا تخدم أمنه واستقراره”، وألا يتحول البلد إلى ساحة لتصفية الحسابات، داعيا القوى السياسية العراقية لوضع مصلحة البلد في الصدارة، والتأكيد على أن “أمن العراق والعراقيين غير قابل للمساومة”.
وزار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في 13 كانون الأول ديسمبر الجاري، العراق بشكل “غير معلن”، حيث التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأفادت مصادر مطلعة في حينها ، بأن “وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نقل تحذيرات أمريكية للسوداني من قيام الفصائل العراقية بأي أعمال عسكرية داخل سوريا خلال المرحلة المقبلة، محملا إياه مسؤولية جميع ما سيحصل، في حال لم يستطع السوداني كبح جماح تلك الفصائل”.
وحظي بلينكن، فور هبوط طائرته في مطار بغداد الدولي، باستقبال من دبلوماسيين أميركيين فقط، من دون أن يكون في استقباله أي مسؤول عراقي، بحسب ما أظهرته الصور التي وثقت لحظة نزوله من الطائرة.وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فقد حث الوزير أنتوني بلينكن، الحكومة العراقية على دعم الانتقال الديمقراطي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مشيراً إلى أهمية دور العراق في تعزيز سيادته واستقراره الإقليمي.
ونقلت الخارجية الأمريكية عن بلينكن تأكيده خلال لقائه السوداني، التزام واشنطن بدعم أمن العراق وسيادته، مشددًا على ضرورة استمرار الجهود لضمان عدم عودة تنظيم داعش، واعتبر أن التحولات الإيجابية التي شهدها العراق تعزز من فرص نجاحه المستقبلي، كما تطرق إلى أهمية دور العراق ودول المنطقة في دعم سوريا لتحقيق انتقال سياسي شامل يحمي الأقليات وينهي الطائفية.
ويسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية، كما يسعى إلى إبعاد إيران، التي تمتلك أذرعاً قوية في العراق، عن الشأن السوري، بحسب مختصين.
ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.
وكانت العاصمة بغداد قد احتضنت، في 6 كانون الأول ديسمبر الحالي، اجتماعا ثلاثيا “عراقيا- سوريا- إيرانيا”، لبحث تداعيات الأحداث الأمنية المتسارعة في سوريا، وتأثيراتها على المنطقة، بحضور وزير خارجية إيران عباس عراقجي، ووزير خارجية سوريا (السابق) بسام الصباغ، بالإضافة إلى نظيرهما العراقي فؤاد حسين.
وكان فؤاد حسين، أكد عقب الاجتماع، أن بغداد ستبادر في محاولة “لعقد اجتماع لعدد من الدول لمناقشة الموضوع السوري”، مشددا على أن “قسما من الدول” التي قد تشارك في اجتماع بغداد “هي دول أعضاء في اجتماع آستانا”، فيما أشار إلى أن بغداد تواصلت “مع العديد من الزملاء ووزراء خارجية تركيا والإمارات والسعودية ومصر والأردن ودول أوروبية وسوف نستمر بهذه الاتصالات”، شدد على ضرورة حماية الأراضي العراقية وإبعادها “عن أي هجمات إرهابية”.
ويتابع العراق تطورات المشهد السوري بقلق كبير وسط تأهب أمني على الحدود المشتركة بين البلدين، فيما أكدت بغداد دعمها لأي جهود تسهم في استقرار سوريا، بالتوازي مع التزامِها بالتعاون مع التحالف الدولي، للتصدي للإرهاب.
وانهار حكم بشار الأسد الذي استمر قرابة ربع قرن، مع دخول هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة مسلحة دمشق فجر الأحد الثامن من كانون الأول، وفرار الرئيس السوري الى روسيا.وأتى سقوط الأسد عقب هجوم واسع شنّته الفصائل المعارضة، انطلاقاً من معقلها في إدلب (شمال غرب) في 27 تشرين الثاني، سيطرت خلاله على مدن رئيسية قبل الوصول الى العاصمة.
وكان الهجوم غير مسبوق منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، والذي أسفر عن مقتل نحو نصف مليون شخص ودفع الملايين للفرار، لجأ بعضهم الى دول مختلفة في العالم.وبعد سقوط الأسد، حضّت أطراف عديدة على تفادي الفوضى في البلاد، مشددة على ضرورة حماية كل المكونات السورية المتنوعة عرقياً ودينياً.
وكان قائد إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية، وزعيم تنظيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، وجه في 5 كانون الثاني ديسمبر الجاري، رسالة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد فيها أن لا نية لدى الفصائل المسلحة السورية بتهديد أمن العراق، وفيما أشار إلى رغبته بمد جسور العلاقات السياسية والاقتصادية مع بغداد، دعا إلى منع الحشد الشعبي من المشاركة في الأحداث الجارية في بلاده.
وقررت إدارة العمليات العسكرية في سوريا تكليف محمد البشير، رئيس “حكومة الإنقاذ” العاملة في إدلب، بتشكيل حكومة تدير المرحلة الانتقالية في البلاد حتى 1 آذار مارس 2025.