أثارت الرغبة بإنشاء "درع نووي أوروبي"، نقاشات حامية في ألمانيا وأوروبا، فبينما يرى وزير الدفاع الألماني أنها "في غير وقتها"، يؤكد رئيس أعلى هيئة عسكرية في بروكسل أنها "مشروعة"، في وقت حذر حلف شمال الأطلسي "ناتو" من التشكيك بمصداقية الردع الأمريكي بأوروبا.
في هذا الصدد، اعتبر رئيس اللجنة العسكرية للاتحاد الأوروبي روبرت بريغر، يوم الجمعة، أن النقاش حول الأسلحة النووية الأوروبية أمر مشروع، بالنظر إلى موقف روسيا في المواجهة"، مشدداً على أنه إذا أراد الأوروبيون التصرف "على قدم المساواة مع القوى الأخرى"، فيتعين عليهم أيضًا "زيادة إنفاقهم الدفاعي" بشكل كبير، على حد تعبيره.
وأضاف بريغر: "طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نوعًا من تعميم القدرات النووية لبلاده"، وقال: "وهذا مجال صعب للغاية"، مشيرًا إلى أنه لا يمكن توقع إيجاد حلٍّ في المستقبل القريب.. لكننا في أوروبا لن نتمكن من تجنب العثور على إجابات هنا أيضًا".
يأتي ذلك بعدما حذر كل من وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في اجتماع لحلف شمال الأطلسي يوم الأربعاء (14 شباط/فبراير 2024) من النقاشات حول الدرع النووي الأوروبي بدون الولايات المتحدة.
وتحدث بيستوريوس عن أنها "في غير وقتها"، كما حذر ستولتنبرغ من التشكيك في "مصداقية" الردع الذي توفره الأسلحة النووية الأمريكية في أوروبا.
لكن بريغر دعا إلى النظر إلى التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على أنها "حافز". وهدد ترامب بأنه إذا فاز بالانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني، فإنه لن يدعم دول الناتو الأخرى في حالة وقوع هجوم إذا لم تستثمر ما يكفي في الدفاع.
وقال بريغر: "يجب على أوروبا أن تزيد بشكل كبير مساهمتها في الدفاع.
وبعد ذلك سنحظى مرة أخرى بمزيد من الثقة من شركائنا الرئيسيين، وخاصة الولايات المتحدة".
وأشار بريغر إلى أن الدول الأعضاء قامت بالفعل "بزيادة" إنفاقها بشكل كبير، وخاصة نتيجة للحرب التي شنّتها روسيا على أوكرانيا.
وأضاف: "لكن يمكن استخدام هذه الأموال بشكل أفضل"، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بمزيد من الاستثمارات المشتركة وقابلية التشغيل البيني للأنظمة العسكرية.
وقال بريغر: "سيستغرق الأمر عشر سنوات على الأقل حتى يكون لهذا التعاون الوثيق تأثيره - إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك". وأضاف "لا أستبعد تشكيل جيش أوروبي إذا كان هذا الأمر مرغوبًا سياسيًا. لكن الأمر يتعلق أولًا بتعاون أفضل بين القوات المسلحة الوطنية".
وبعد عامين من التحول المفاجئ الذي حققته ألمانيا في سياستها الدفاعية والذي أتى كرد فعل على الغزو الروسي لأوكرانيا، تتعامل البلاد مع موضوع كان يعدّ أيضًا من "المحرّمات الاستراتيجية"، وهو إنشاء مظلة نووية أوروبية، في مواجهة شبح إعادة انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية.
وأثارت هذه التصريحات جدلًا وطنيًا مشحونًا بالمشاعر في بلد مناهض بشدة للسلاح النووي ودائمًا ما جعل الشراكة مع الولايات المتحدة الأولوية المطلقة. وفي كانون الأول/ديسمبر تحدث وزير الخارجية السابق يوشكا فيشر عن إنشاء قوة ردع نووي أوروبية. وقال فيشر، العضو في حزب الخضر الذي نشأ من معارضة النووي: "هل ينبغي لألمانيا أن تملك أسلحة نووية؟ كلا، أوروبا؟ نعم، لأن العالم تغير".
وتأتي النقاشات في وقت تزداد فيه التحذيرات من قدرات روسيا النووية. وقدمت الولايات المتحدة للكونغرس ولحلفاء أوروبيين معلومات استخباراتية جديدة تتعلق بالقدرات النووية الروسية قالت إنها يمكن أن تشكل تهديدًا دوليًا.
وصرح جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض في مؤتمر صحفي الخميس، إن روسيا تعمل على تطوير قدرات مضادة للأقمار الصناعية في الفضاء لكن لم يتم نشرها بعد. وأضاف أن الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب التواصل الدبلوماسي المباشر مع موسكو بشأن هذا الأمر.