على نحو مفاجئ احتدمت المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، بالعاصمة الخرطوم، في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتطّلع إلى عودة الأطراف المتحاربة لطاولة التفاوض لوقف الحرب، بحسب خبراء سياسيين سودانيين تحدثوا
.واحتدمت المواجهات العسكرية، حينما بدأ الجيش السوداني يوم الخميس، هجومًا واسعًا على مواقع قوات الدعم السريع في الخرطوم، والخرطوم بحري، في حين أكدت الأخيرة تصديها للهجوم وتكبيدها خسائر فادحة في صفوف قوات الجيش.وجدد الجيش السوداني، القصف المدفعي والغارات الجوية، يوم الجمعة، على مواقع سيطرة قوات الدعم السريع في الخرطوم وشمال الخرطوم بحري، وفق شهود عيان.ورغم المواجهات العسكرية واسعة النطاق يوم الخميس، والتي استمرت نحو 8 ساعات، إلا أن الطرفين لم يصدر أي تعليق على سير المعارك، على غير العادة التي درج عليها الطرفان منذ بداية الحرب.
وتعقيبا على ذلك، أكد المستشار بقوات الدعم السريع، الباشا طبيق، عبر منصة "إكس"، أن "الجيش والجماعات الإرهابية والحركات المرتزقة والمستنفرين، تعرضوا يوم الخميس لخسائر كبيرة في الأرواح والعتاد"، بعد التصدي لثلاث متحركات في الخرطوم.وأضاف طبيق: أنه "بعد سحق قوات الدعم السريع لمليشيات البرهان والجماعات الإرهابية والمستنفرين والحركات المرتزقة، لجأت غرف "البلابسة الإعلامية والكيزان"، في نشر الإشاعات والأكاذيب".
وكانت قوات الجيش السوداني وحلفاؤها، هاجمت قوات الدعم السريع في الخرطوم بحري بعد عبور جسر الحلفايا من "أمدرمان"، كما حاولت عبور جسري الحديد والفتيحاب تجاه الخرطوم مصحوبة بتغطية جوية كثيفة، بجانب متحركين آخرين من الشجرة والري المصري، جنوب الخرطوم.
معسكر الحرب
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبو عبيدة برغوث، أن التصعيد العسكري الأخير تقف وراءه مجموعة دعاة استمرار الحرب، الذين لا يرغبون في السلام، ولا يريدون للجيش أن يذهب إلى التفاوض.وقال برغوث ": إن "هذه المجموعة درجت في كل مرة على تصعيد العمل العسكري، متى ما بانت في الأفق مؤشرات لبدء عملية تفاوضية، فيما المعسكر الرافض للسلام، أراد من التصعيد الميداني الأخير، أن يثبت من خلاله أنه موجود، وأن موقفه صحيح، ولا بد من الاستمرار في الحرب".
وأضاف برغوث أن "الواقع على الأرض، يكشف فشل تخطيط مجموعة دعاة الحرب، حيث ظلوا يتجرعون الهزيمة في كل مرة، وما حدث أمس في الخرطوم من هزائم للجيش، يضاف إلى هزائمه المتلاحقة". وتابع: "يجب أن يدرك دعاة الحرب أن طريقهم الذي يسيرون فيه، لن يوصلهم إلى أي شيء سوى مزيد من الهزائم".وأشار برغوث، إلى أن استمرار الحرب، يعني زيادة معاناة الشعب السوداني، وتدمير البنية التحية، فضلًا عن تدمير مقدرات الجيش السوداني نفسه.
ودعا من سماهم بدعاة الحرب، إلى التسليم بحقيقة خسارتهم من استمرار التصعيد العسكري، مشيرًا إلى أن محاولة الخرطوم فشلت فشلًا ذريعًا.وأضاف أن "دعاة الحرب كانوا يريدون أن يرسلوا رسالة مفادها، "أنهم مستمرون في القتال، وأنه الخيار الأفضل خصوصًا لو أنهم حققوا انتصارات، ولكنهم تفاجأوا بالفشل الذريع للعملية".
وأكد أنهم حتى إن انتصروا في معارك الخرطوم، فلن يذهبوا إلى التفاوض، بل سيجدون ذلك محفزًا لهم للاستمرار في الحرب، داعيًا بإعادة حساباتهم مرة أخرى، ليعلموا أن الحرب لن تكون الخيار الأفضل، وعليهم الذهاب إلى التفاوض.وكانت المعارك العسكرية احتدمت في العاصمة السودانية، يوم الخميس، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بمناطق متعددة من مدينتي الخرطوم وبحري، في "رسالة من داعمي الحرب إلى البرهان الموجود حاليًا في نيويورك، لقطع الطريق أمام أي محاولات للذهاب إلى المفاوضات"، بحسب خبراء.
يأتي ذلك، على الرغم من المبادرات الدولية والإقليمية المتواصلة، لحث الأطراف المتقاتلة على الذهاب إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على وقف الحرب.ورغم احتدام المعارك، يتوقع خبراء، أن تنجح التحركات الأمريكية الأخيرة بشأن الأزمة، في جمع طرفي الحرب قريبًا على طاولة المفاوضات للتوصل لاتفاق وقف النار.
رسالة
واعتبر المحلل السياسي صلاح حسن جمعة، أن المعارك التي احتدمت الخميس، هي "رسالة من داعمي الحرب إلى البرهان الموجود حاليًا في نيويورك لقطع الطريق أمام أي محاولات للذهاب إلى المفاوضات".وقال جمعة : إن "دعاة الحرب من الإسلاميين المتغلغلين داخل الجيش، قادوا هذا الهجوم، بغرض إيصال رسالة إلى البرهان، أنهم قادرون على حسم المعركة عسكريًا".وأشار إلى أن "نتائج المعارك جاءت عكس ما يتمنى أنصار الحرب، حيث صدت قوات الدعم السريع كل محاولات الجيش، رغم أنه هاجم من ثلاثة محاور مختلفة".
ويوجَد قائد الجيش السوداني هذه الأيام في نيويورك، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ينتظر أن يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، لبحث جهود استئناف التفاوض مع قوات الدعم السريع لوقف الحرب التي تعصف بالبلاد.وألقى البرهان يوم الخميس، خطابًا أمام الجمعية العمومية، وجد انتقادات واسعة من المراقبين، حيث اعتبره البعض أنه غير مسؤول، وجاء معبرًا عن دعاة الحرب وتنظيم الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني.