يبدو أن معركة باخموت على وشك أن تحسم لصالح القوات الروسية التي حققت تقدما كبيرا بعد حوالي 7 أشهر من القتال العنيف ضد الجيش الأوكراني، حيث كشفت تقارير متطابقة أن قوات موسكو تحاصر المدينة من مختلف الجهات.
وأعلن قائد مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية، الجمعة، أن مدينة باخموت حيث تتركز حالياً المعارك في شرق أوكرانيا باتت "محاصرة عمليا" من قواته، حسبما نقلت فرانس برس.
وقال يفغيني بريغوجين في فيديو نشره مكتبه الإعلامي على تطبيق تلغرام إن "وحدات فاغنر حاصرت باخموت عمليا، ولم يعد هناك سوى طريق واحد" للخروج من المدينة.
ومع تواصل المعارك الأخيرة في المدينة المحاصرة بشرق أوكرانيا، يخاطر عشرات المتطوعين، بحياتهم داخل المدينة، لإسعاف المدنيين وتجميع جثث الضحايا، وتحدث عدد منهم لصحيفة "الغارديان" عن "أوضاع صعبة" داخل المدينة خلال الأيام الأخيرة.
واستخدم عدد من المتطوعين الذين تمكنوا من الوصول إلى باخموت في الأسبوع الماضي كلمة "الجحيم" لوصف ما مروا به وما عاشوه في طريقهم نحو المدينة، في حديثهم للصحيفة البريطانية.
وتعرف المدينة المحاصرة بشكل شبه كامل من قبل القوات الروسية، إطلاق نار كثيف من الجانبين، واندلاع حرائق ووقوع انفجارات قوية خلال الأيام الأخيرة.
كما تشهد الطرق المؤدية نحو المدينة الشرقية، تبادل نار متواصل؛ ومع وجود القناصين في الشوارع، أصبح الوصول إلى المدينة أكثر خطورة على فرق الإنقاذ، في وقت تصاعدت فيه الدعوات المطالبة بضرورة انسحاب القوات الأوكرانية من أجزاء المدينة التي ما تزال تسيطر عليها.
تكشف أولها دانيلوف، متطوعة مع منظمة إغاثة أوكرانية غير حكومية، إنها عملت في باخموت طوال الأشهر الماضية من الهجوم الروسي، ولأول مرة "لم نتمكن من الوصول إلى الوصول إلى وسط المدينة في الأيام الأخيرة".
وتتابع: "كان أقرب ما يمكن أن نصل إليه هو 500 متر في منطقة وسط المدينة"، مضيفة: كل شيء يتم قصفه بقذائف الهاون، ولا يمكن التقدم أكثر كنا نحاول إجلاء المدنيين من أسفل النهر آخر مرة. لم نتمكن حتى من الاقتراب".
"الطريق الرئيسي الذي اعتدنا استخدامه يتم قصفه باستمرار، كان السابع والعشرون [من فبراير] اليوم الأسوأ، ويوم الجحيم. لقد كان أصعب يوم مررنا به منذ أن عملنا هنا بسبب إطلاق النار المستمر والهجمات الجوية".
من جانبه يقول دانييل ويلك، سائق كندي متطوع، إن الوضع صعب للغاية، موضحا إذا حاولت السير في الطريق الرئيسي، سيحاول شخص ما قتلك، هناك قناصة في الشارع يطلقون النار على المدنيين. إنهم لا يبالون.. إنها مذبحة".
"لقد كنت في جميع أنحاء المدينة. لا تزال هناك بعض الأجزاء التي تبدو طبيعية تقريبا بالنسبة لمدينة في دونباس"، مضيفا أن "الباقي دمر تماما. في المرة الأخيرة التي قدت فيها سيارتي، أحصيت ستة أعمدة من الدخان. هناك حرائق في كل مكان".
وفي الأسبوع الذي أصبح فيه وضع القوات المدافعة عن باخموت غير محتمل، ترسم روايات دانيلوفا وويلك والمتطوعين المدنيين الآخرين الذين تحدثوا إلى الغارديان، صورة حية لمدينة يخشى الكثيرون وقوعها قريبا جدا في أيدي الروس.
وخلال الأيام الأخيرة، وحتى وسط ورود تقارير عن زيادة التعزيزات الأوكرانية في المنطقة، كافحت قوات كييف لصد التقدم الروسي إلى شمال وجنوب المدينة.
وتعرضت طرق الإمداد الأوكرانية لنيران كثيفة من المدفعية الروسية والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، ويبدو أن الحصار الطويل والبطيء الذي أودى بحياة الآلاف من الجنود يخنق آخر منفذ متاح أمام الأوكرانين.
قال ألكسندر رودنيانسكي، المستشار الاقتصادي للرئيس فولوديمير زيلينسكي ، في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لقد سيطروا على المدينة حتى الآن، ولكن إذا لزم الأمر، فسوف تنسحب قواتنا استراتيجيا، مضيفا: قواتنا تزن كل الخيارات ولن نضحي بكل أفراد شعبنا من أجل لا شيء."
ويبدو أن المعركة التي تجسد صمود أوكرانيا على وشك أن تحسم لصالح القوات الروسية، بعد أن وقف الجيش الأوكراني، أمام القصف المتواصل والقتال العنيف لأشهر.
ومع ذلك، تشير الصحيفة نقلا عن محللين أنه في حين أن سقوط باخموت "سيكون بمثابة ضربة لأوكرانيا وانتصارا دعائيا للكرملين، فإن الاستيلاء عليها لن يقدم ميزة إستراتيجية حقيقية لروسيا".
تقع المدينة في اتجاه الشمال الشرقي لمنطقة دونيتسك، على بعد حوالي 20 كيلومترا من منطقة لوهانسك، وكانت هدفا للقوات الروسية منذ أشهر.
وأشار رودنيانسكي إلى أن روسيا استخدمت أفضل قوات مجموعة فاغنر لمحاولة تطويق المدينة.
وكشف نائب وزير الدفاع الأوكراني حنا ماليار، في وقت سابق هذا الأسبوع إنه تم إرسال تعزيزات إلى باخموت.
وقال المحلل العسكري الأوكراني أوليه جدانوف ، إن التعزيزات ربما تم إرسالها لكسب الوقت لتعزيز خطوط إطلاق النار الأوكرانية على تل في تشاسيف يار، على بعد حوالي15 كم غرب باخموت.
وتابع إن أي انسحاب محتمل للقوات الأوكرانية من باخموت "لن يؤثر على مسار الحرب بأي شكل من الأشكال"، بسبب مواقع إطلاق النار في تشاسيف يار.
وحققت القوات الروسية مكاسب متزايدة في أنحاء المدينة، لكن القوات الأوكرانية لم تتراجع مما أدى إلى معركة طويلة تذكر بالمواجهات التي عرفتها مدن شرقية أخرى العام الماضي، مثل سيفيرودونتسك.
وفي يناير الماضي، استولت القوات الروسية على بلدة سوليدار المجاورة، واستولوا منذ ذلك الحين على سلسلة من القرى والبلدات، شمال باخموت.
وإذا تمكن الروس من الاستيلاء على باخموت، فستكون المدن الصناعية القريبة، تحت رحمة مدفعيتهم وقذائف الهاون البعيدة، ويبقى من غير الواضح إلى أين ستعود القوات الأوكرانية بالضبط إذا انسحبت من المدينة.
لكن خبراء لا يرجحون أن يؤدي الاستيلاء على باخموت إلى تغيير الصورة العامة للحرب في شرق أوكرانيا بشكل كبير، حيث لم يتغير سوى وضع العديد من المناطق منذ بداية العام الجاري.