يطرح إرسال إيران، لجواد الغفاري، أحد أبرز قادة "فيلق القدس" إلى سوريا على رأس وفد استشاري، تساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يلعبه الجنرال بالحرس الثوري الإيراني، في معارك شمال سوريا، وخاصةً أن الإيرانيين يرون فيه "رجل المهمات الصعبة"، في ظل وضع صعب تعيشه سلطات دمشق، بعد سقوط مدينة حلب في أيدي الفصائل المسلحة. وسبق لغفاري أن قاد ميليشيات إيران في سوريا، حتى خروجه في العام 2020، بعد أن قاد العديد من المعارك في شرق سوريا وشمالها، وأهمها معركة استعادة حلب من الفصائل المسلحة، إلى جوار قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة العام 2020.
من هو جواد الغفاري؟
كان جواد الغفاري ثالث قائد للقوات الإيرانية في سوريا منذ بداية الأزمة في البلاد. حيث تولى في البداية قائد قاعدة دمشق ثم تولى قيادة قاعدة حلب، وفي السنوات الأخيرة كان القائد العام للمستشارين الإيرانيين وحلفاء إيران مثل حزب الله وفاطميون في سوريا".
ويقول الباحث الإيراني المتخصص في الشؤون الإقليمية مسعود أسد اللهي، لوكالة تسنيم الإيرانية، إن "حضور الغفاري كان مؤثرًا للغاية وبمرافقة ومتابعة سليماني نجحوا في تكوين وتجهيز قوات الدفاع الوطني وأنقذوا العاصمة السورية من السقوط في العام 2012، وأمنوا طريق المطار، وأخيرًا تم فتح طريق خناصر وفتح طريق حلب". ويضيف أنه "في فبراير/ شباط 2016، وبعد تحرير بلدتي نبل والزهراء "الشيعيتين" في ريف حلب، بدأت مهمة جواد الغفاري، الذي أصبح قائد مجموعة المستشارين، وكان المقرر أن تنتهي مهمته في بدايات العام 2020".
وتشير مصادر إيرانية إلى أن "مهمات جواد الغفاري تركزت في عمليات تحرير حلب، ودير الزور والميادين والبوكمال والانتصار على (داعش)"، وبحسب هذه المصادر "كان من المقرر أن تنتهي مهمته في بدايات العام 2020، لكن مقتل قاسم سليماني في بداية الشهر الأول من العام 2020 على يد ترامب، أخّر موضوع نقله بسبب تداعيات هذا التطور والوضع الجديد".
عن المناصب التي تولاها الغفاري في سوريا، يقول أسد اللهي: "نظرًا لأهمية حلب، اقترح قاسم سليماني على الغفاري أن ينتقل من قيادة قاعدة دمشق إلى قاعدة حلب، ونجحوا في وضع خطة لفتح طريق حلب - خناصر، وتمركزوا في حلب، وبعد ذلك تولى الغفاري قيادة القوات الاستشارية في العام 2016".
وتقول مصادر إيرانية إن جواد الغفاري كان "يتمتع بشعبية خاصة بدأت من حلب وامتدت لتمام الجغرافيا السورية بعدها" على حد قولها.
أقوى شخصية إيرانية في سوريا
وصفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية جواد الغفاري، بأنه أقوى شخصية عسكرية إيرانية في سوريا في أثناء توليه لقيادة قاعدة حلب في العام 2019، وقالت إنه كان يخضع للقيادة المباشرة لقائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
وذكرت أن الجنرال الغفاري هو المسؤول عن مخطط إرسال طائرات مُسيّرة مفخخة من سوريا، إلى إسرائيل.
وجاء في تقرير نقلته وسائل الإعلام العبرية عن الأجهزة الأمنية، أن "الغفاري هو أحد المحاربين القدامى الذين شاركوا في الحرب الإيرانية العراقية"، واعتبرته "أحد كبار القادة في (فيلق القدس)، المعروف كوحدة قتالية سرية مختارة للحرس الثوري الإيراني وينشط في جميع أنحاء العالم". وأوضح التقرير، أن "الغفاري الذي كان يعمل قائدًا للقوات الإيرانية في سوريا ويتولى قيادة مشروع تعزيز الوجود العسكري الإيراني على الأراضي السورية، وكان يقود عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة من قوميات وجنسيات مختلفة في أرجاء سوريا، وبضمن ذلك (حزب الله) اللبناني".
وأشار إلى أنه أشرف بنفسه على تجنيد العناصر التي أنيط بها تنفيذ العمليتين الانتحاريتين بطائرات مُسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، والتي قالت إسرائيل إن قصفًا نفذته قرب دمشق هو الذي أجهض الخطة.كما ذكرت مواقع للمعارضة السورية أن "الغفاري كان يقوم بنقل وتوزيع عناصر الميليشيات الموالية لإيران القادمة من دول المنطقة، خصوصًا العراق ولبنان، بالإضافة إلى أفغانستان، حيث يقوم بتنفيذ مخطط الحرس بإنشاء طريق بري رابط بين طهران وبيروت".
خبرة وأهداف
وفقًا لمراقبين، يمتلك جواد الغفاري خبرة كبيرة في التخطيط للمعارك، وقد عمل على امتداد الجغرافيا السورية طيلة 4 سنوات، ويعرف مدينة حلب بشكل جيد جدًا، وهو الذي قاد إلى جانب قاسم سليماني عملية إعادتها إلى سيطرة القوات الحكومية.ومن هنا، يبدو أن إيران أرسلت، وفقًا للمراقبين، واحدًا من أبرز وأقوى قادة الحرس الثوري، وأكثرهم خبرة، في محاولة لتكرار تجربة استعادة مدينة حلب من سيطرة الفصائل المسلحة؛ نظرًا للأهمية الإستراتيجية الكبرى للمدينة في المخططات الإيرانية، والأهم لحماية "الكريدور" الإيراني" الذي يعبر من العراق إلى سوريا وصولًا إلى لبنان، بهدف الحفاظ على شريان السلاح متدفقًا إلى حزب الله، بعد أن فقد جزءًا كبيرًا من ترسانته خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.