اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية زيارة بايدن المفاجئة إلى كييف، "تاريخية" بالنسبة لأقوى زعيم غربي يزور البلاد في زمن الحرب، مشيرة إلى أن "الخطوة الجريئة" تؤكد التصميم الغربي على مواصلة دعم أوكرانيا قبل أيام فقط من الذكرى الأولى للغزو.
وفي حديثه في "قصر مارينسكي" الرئاسي، أدان بايدن ما وصفه بـ"حرب الفتح التي شنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أوكرانيا"، معلنًا عن حزمة مساعدات إضافية لكييف بقيمة 500 مليون دولار.
ونقلت المجلة عن مسؤولين أمريكيين بارزين قولهم إن زيارة بايدن جاءت بعد "مداولات أمنية مكثفة ومحكمة" بالبيت الأبيض، مشيرين إلى أن الإدارة أجرت مناقشات مع دائرة صغيرة فقط من الوكالات، بما في ذلك "الخدمة السرية" ووزارة الدفاع. وأضافوا أنه تم أيضاً اطلاع الجانب الروسي على مخطط الزيارة "لأغراض عدم التضارب".
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن زيارة بايدن إلى كييف تعد الأخيرة من بين كبار القادة الغربيين، بعد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتس، ورئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك.
في غضون ذلك، ذكرت تقارير أمريكية أنه من خلال رحلته "المثيرة" إلى كييف، صعد بايدن بشكل مباشر مواجهته مع نظيره الروسي من جهة، ومع منتقديه الجمهوريين في الداخل من جهة أخرى. كما تأتي الزيارة في الوقت الذي توجه فيه وانغ يي، كبير الدبلوماسيين الصينيين، إلى موسكو.
ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن زيارة بايدن تزيد "العداء والتنافس" مع نظيره الروسي، إذ من المقرر أن يلقي كل زعيم خطابًا، اليوم الثلاثاء، حيث ستظهر وجهات النظر العالمية المختلفة تمامًا لأقوى رجلين في العالم في "لحظة نادرة على الشاشات" قبل ثلاثة أيام من الذكرى الأولى للحرب.
وقالت الصحيفة إن ظهور بايدن- الذي وصل إلى بولندا مساء أمس- المفاجئ في القصر الرئاسي في كييف يهدف أولاً إلى تعزيز الروح المعنوية للأوكرانيين، لكنه يعد أيضًا أول "جولة تنافسية مباشرة" بين الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي، "نظرًا لرمزية كييف بالنسبة لبوتبن".
واعتبرت الصحيفة أن الحرب في أوكرانيا تدور حول "القوة" و"مبدأ السيادة الإقليمية"، وما إذا كان النظام العالمي المصمم من قبل الغرب - الذي زعم الأمريكيون أنه سينتصر لعقود - سينجو في الواقع من تحديات جديدة من موسكو وبكين.
وقالت الصحيفة إن الحرب "أصبحت منافسة متزايدة بين اثنين من المحاربين القدامى، أحدهما يبلغ من العمر 70 عامًا (بوتين) والآخر 80 عامًا (بايدن)." وأضافت: "اليوم، ستصبح وجهات النظر المختلفة إلى حد كبير لهذين الزعيمين واضحة للعيان في لحظة نادرة على شاشات التلفزيون."
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة بايدن تأتي في وقت يكافح فيه الرئيس الأمريكي في الداخل من "رياح سياسية عاتية"، والتي تمثل أكبر نقطة ضعف لقدرته على الاستمرار في المسار الحالي تجاه أوكرانيا، حيث توجد بالفعل "تصدعات في أقصى اليسار وأقصى اليمين".
وعلى الجانب الروسي، سارعت وسائل الإعلام لإدانة زيارة بايدن إلى كييف، إذ وصفت الخطوة بأنها تثبت تصريحات بوتين بأن الولايات المتحدة "تقف وراء القتال في أوكرانيا وتشجعه". ونقلت وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" عن محلل قوله إن زيارة بايدن أظهرت أن حكومة زيلينسكي كانت "أداة يحركها الغرب".
وذكرت وكالة الأنباء الروسية الحكومية، "تاس"، أن زيارة بايدن إلى كييف، ورحلة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلى أنقرة، تهدفان إلى صرف انتباه العالم عن خطاب بوتين المرتقب، اليوم. ونقلت عن محللين قولهم إنه بهذه "الطريقة التي تندرج تحت مسمى الهجوم الدعائي"، تحاول القيادة الأمريكية التأثير على الجمهور المحلي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.
وقال المحللون الروس إن الخطوات "الاستفزازية" لن تؤثر على سير "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا. وأضافوا: "النجاح في أوكرانيا سيعطي الديمقراطيين ميزة تنافسية هائلة في الانتخابات." وتابعوا: "كما تتمثل مهمة بلينكن في التغلب على مقاومة تركيا لانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، إذ تعتقد واشنطن أن أنقرة ستكون أكثر مرونة بعد الزلزال".