يقترب اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس بشأن الحرب الدائرة في قطاع غزة من مراحلها الأخيرة، وسط ترجيحات أن يتم التوصل إليه خلال الأيام القليلة المقبلة، إلا أن عددًا من الألغام تهدد بنسف المفاوضات المتقدمة التي يجريها الوسطاء.
ووفق تقارير إعلامية، فإن الوسطاء يعملون مع طرفي القتال في غزة من أجل سد الفجوات المتعلقة بالاتفاق الذي سيكون على بضع مراحل، فيما يؤكد مسؤولون في حركة حماس وإسرائيل أن التقدم الأخير سيؤدي إلى اتفاق بينهما قريبًا.
ومن "الألغام" التي تحمل قضايا جوهرية، وتهدد إمكانية التوصل لاتفاق: نقاط التمركز العسكري، وعودة النازحين لشمال غزة، والإفراج عن كبار الأسرى، وحكم الحركة لغزة، وهو الملف الأكثر تهديدًا وخطورة.
نقاط التمركز العسكري
وترفض "حماس" بقاء الجيش الإسرائيلي في نقاطه المتمركز فيها حاليًّا، وتطالب بانسحاب جزئي في بداية الاتفاق، في حين لم يتم التوصل لتفاهمات بشأن المناطق التي سينسحب منها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك محورا نتساريم وفيلادلفيا.
كما تصر الحركة على عدم وجود أي نقطة تفتيش إسرائيلية على طريق الرشيد الساحلي الذي يربط وسط وجنوب القطاع مع غزة وشمالها، والذي من المتوقع أن يكون الممر الخاص بعودة النازحين إلى غزة والشمال بعد سريان اتفاق التهدئة.
وقال المحلل السياسي، طلال عوكل، إن "هذا الملف سيكون الأقل تعقيدًا بين الجانبين، خاصة أن هناك توجهًا إسرائيليًّا لتقديم تنازلات بهذا الملف فيما يتعلق بمحوري فيلادلفيا ونتساريم"، مشيرًا إلى أن الملف يمكن أن يفجر المفاوضات في حال رفضت إسرائيل عودة النازحين لشمال القطاع.
وأوضح عوكل،"، أن "ذلك يعني رغبة إسرائيل في تنفيذ خطتها الأمنية والعسكرية في شمال القطاع، والمعروفة باسم خطة الجنرالات ، وهو ما سيكون عاملًا في زيادة الضغط الرسمي والشعبي على حماس".
عودة النازحين
تعد عودة النازحين القضية الأهم في أي اتفاق للتهدئة بين الطرفين، خاصة أن حركة حماس لا يمكن لها التنازل عنه تحت أي ظرف كان، فيما تشير التقديرات إلى إمكانية قبول إسرائيل بعودة النازحين على مراحل، بحيث تبدأ المرحلة الأولى بالنساء والأطفال ثم الفئات الأخرى.
وأشار عوكل، إلى أن "حماس في إطار تنازلاتها غير المسبوقة للتوصل لاتفاق تهدئة، ستقبل أن تكون العودة للنازحين تدريجية، وفي إطار يتم الاتفاق عليه يتناسب ومراحل التهدئة مع إسرائيل"، لافتًا إلى أنها تدرك أن رفضها سيكون سببًا في انهيار التهدئة.
وأوضح أن "تنازل حماس عن ذلك ربما يقابله تنازل إسرائيلي بالسماح للنازحين بالعودة إلى شمال القطاع، خاصة أن تل أبيب ضمنت عدم قدرة السكان على العيش في بلداته على إثر عمليتها العسكرية الأخيرة التي دمرت كل معالم الحياة في الشمال".وتابع أن "عودة النازحين والسماح بمرور شاحنات المساعدات بكميات أكبر من الحالية سيساعد حماس على تمرير أي اتفاق مع إسرائيل تتجاوز به الانتقادات غير المسبوقة، وتقنع الفصائل المسلحة الأخرى بالالتزام به".
الإفراج عن كبار الأسرى
ومن الملفات التي تعد ملغومة في مفاوضات التهدئة، أسماء الأسرى الفلسطينيين المطلوب من إسرائيل الإفراج عنهم في إطار صفقة تبادل الرهائن، وخاصة كبار الأسرى وأصحاب المؤبدات العالية ومن تصفهم إسرائيل بـ"الملطخة أيديهم بالدماء".وفيما تطالب حماس بأن تشمل الصفقة أسماء، مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، نقلت تقارير إعلامية عن مسؤولين في الحركة، قولهم، إن "إسرائيل ترفض حتى اللحظة الموافقة على الإفراج عن كبار الأسرى والقادة الفلسطينيين، مصرة على نفي أصحاب الأحكام العالية".
وحسب تقارير فلسطينية، فإن "مباحثات يجريها الوسطاء مع طرفي القتال في غزة بشأن أسماء ومحكوميات الأسرى المنوي الإفراج عنهم في السجون الإسرائيلية، وسط ترجيحات بأن يتم إبعاد أصحاب المحكوميات العالية إلى الخارج، والباقين إلى الضفة وغزة". ويرى المحلل السياسي، باسم الزبيدي، أن "حماس ترغب بصفقة تتضمن الإفراج عن قيادات بارزة وعدد كبير من أصحاب المحكوميات العالية لتبرير حجم الخسائر التي تعرض لها قطاع غزة"، مؤكدًا أنه دون ذلك ستكون مهمة الحركة صعبة في تبرير الخسائر الفادحة لغزة وسكانها.وأوضح الزبيدي، لـ"إرم نيوز"، أنه "دون الإفراج عن أسماء بارزة فإن الحركة ستكون فشلت بتحقيق أبرز أهدافها من الهجوم على إسرائيل، وهو ما سيكون سببًا في رفع وتيرة المطالبات المتعلقة بوقف أعمالها القتالية، وتسليم حكم غزة لجهة جديدة".
حكم غزة
وتصر "حماس" على إبقاء حكمها لغزة، بالرغم من إبدائها مؤشرات إيجابية بشأن قبولها مشاركة السلطة الفلسطينية وحركة فتح في لجنة اجتماعية تدير شؤون القطاع بعد الحرب، إلا أن تلك اللجنة لا تمتلك أي صلاحيات سياسية أو أمنية.وقال الزبيدي، إن "حماس تقدم كل التنازلات الممكنة من أجل الحفاظ على حكمها في غزة، آملة أن تستعيده بعد الحرب من خلال ترتيب أوضاعها الداخلية". وأكد أن إسرائيل لن تسمح بذلك لأنه يعني فشلها في تحقيق أهداف أطول حرب في تاريخها.وأوضح أن "حماس ستحاول إيجاد بنود غير معلنة في الاتفاق غير المباشر مع إسرائيل، تمكنها من الاستمرار في حكم غزة بشكل منفرد"، لافتًا إلى أنها قد تسمح بدور جزئي للسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بإعادة الإعمار.وزاد: "الحركة دون ضمانها لحكم غزة لن تمانع الدخول في حرب طويلة الأمد مع إسرائيل، ولن تقبل بأي اتفاق مع حكومة بنيامين نتنياهو"، مشددًا على أن الحركة بحاجة لحكم غزة لضمان بقائها، خاصة أن تخليها عن الحكم سيكون بمثابة بداية النهاية لها، وفق تقديره.