01 Aug
01Aug

أجمع مراقبون أتراك وعراقيون، على أهمية الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، كونها ستسهم في حل الملفات العالقة، فضلاً عن أهمّيتها بالنسبة لطريق التنمية، فيما أشاروا إلى أن هذه الزيارة لن تكون بروتوكولية، بل ستنتج عنها لجان مشتركة بشأن القضايا الحساسة، وسيتصدرها ملف "العمال الكردستاني"، مرجحين أن يكون هذا الملف مفتاح التفاوض على الملفات الأخرى، مثل النفط والمياه.

ويقول المحلل السياسي التركي جواد غوك، خلال حديث له إن "زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تبدو مهمة جدا، فهي لا تشبه الزيارات السابقة، كما أن الزيارة ستكون فنية وعملية، خصوصاً وأن هناك إشارات تتيح للعراق أن يضغط على تركيا بملف المياه، وأن يصل إلى نتائج جيدة".

ويضيف غوك، أن "الحكومة التركية تريد أن تساعد العراق، إذ تسعى أن لا تكون الزيارة بروتوكولية، بل ستشهد تشكيل لجان فنية، ومناقشة قضايا المياه والقصف الجوي التركي، وهذه الملفات بحاحة للجان مشتركة، لأنها حساسة".

وبشأن طريق التنمية، يوضح المحلل السياسي، أن "الحكومة التركية مستعدة، ونحن نعرف أن العراق سبق وأن احتضن مؤتمرا ناجحا بشأن هذا الطريق، فتركيا مستعدة لهذا الطريق عبر المطارات والموانئ، وهذا فضلاً عن حاجتها لطرق جديدة تدعم تجارتها".

ومن المؤمل أن يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العاصمة بغداد، خلال الأيام المقبلة، إذ أعلن عن الزيارة، لكن لم يحدد موعدها بالتحديد حتى الآن.

وتعد هذه الزيارة هي الثانية لأردوغان، بعد أن زار العراق في عام 2011، كما تأتي بعد أن أجرى أردوغان زيارة إلى السعودية والإمارات وقطر، قبل أيام، حيث اختتم جولة خليجية، بعد أن زار دولا آسيوية عديدة، عقب فوزه بالانتخابات وحصوله على دورة رئاسية ثالثة أمدها 5 سنوات.

ويرتبط العراق مع تركيا بملفات كثيرة، تشمل كافة المجالات، ولعل أهمها ملف المياه، حيث قلّلت تركيا الإطلاقات المائية للعراق بشكل كبير، وبلغت نسبة ما يرده 30 بالمئة فقط من استحقاقه الأساسي، وذلك عبر بنائها السدود على نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية.

ولا توجد اتفاقية مياه بين العراق وتركيا، وإنما هناك بروتوكولات تم توقيعها بين الجانبين على مر العقود الماضية تتعلق بحصص المياه العابرة إلى الأراضي العراقية.

والملف البارز الآخر، هو الأمني، المتمثل بتنفيذ أنقرة عمليات عسكرية واسعة عبر الطيران والتوغل البري، في إقليم كردستان، بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة على أنه إرهابي.

ومنذ مطلع العام 2021، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى إعلانها عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

من جهته، يبيّن الباحث المختص بالعلاقات العراقية التركية عادل زين العابدين، خلال حديث لـه أن "زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق من المتوقع أن تركز على الجانب الاقتصادي والتجاري بين البلدين، لمجموعة من الأسباب أولها وضع الاقتصاد التركي ليس بالوضع الجيد، ولذلك تبحث تركيا عن تقوية اقتصادها عبر العراق الذي يعتبر شريكا اقتصاديا وتجاريا مهما لها، إلى جانب أن فوز أردوغان بالانتخابات وضعه أمام مسؤولية تحسين الاقتصاد والعملة".

ويلفت إلى أن "موضوع تصدير النفط من إقليم كردستان العراق لتركيا ودول العالم، يعد من أهم محاور الزيارة، وسيتم الوصول إلى تسوية معينة لاستئناف تصدير النفط، لأن كل الأطراف متضررة، وهذا إلى جانب الملفات التقليدية، وهي الملف الأمني وملف المياه".

ويستطرد بشأن "الملف الأمني المتعلق بحزب العمال الكردستاني، فأردوغان منزعج جدا من قضية عدم اتخاذ العراق لخطوات ملموسة في ما يتعلق بطرد عناصر الحزب"، مضيفا أن "هذا الملف سيكون مطروحاً وبقوة، خاصة وأن الجانب العراقي حاليا يبني نقاطاً أمنية في شمال البلد بالتعاون مع شركات تركية على الحدود العراقية التركية".

ويلفت إلى أنه "فيما يخص ملف المياه، لا أتوقع أن يتم اتخاذ خطوات ملموسة، كما أن الزيارة لن تشهد التطرق إلى الملفات السياسية، فهي زيارة رسمية على مستوى حكومة البلدين، رغم أن هناك إمكانية لتدخل تركي بهدف لم الشمل داخل البيت السياسي الكردي والبيت السياسي السني، لكن ليس من خلال هذه الزيارة الرسمية".

ويؤكد أن "الزيارة ممكن أن يتم خلالها إعادة الطيران التركي مع مطار السليمانية"، متابعا "فيما يخص طريق التنمية، فإن تركيا تعطي أهمية كبيرة لهذا الطريق، إذ يعد ممرا لربط تركيا بدول الخليج وغيرها، خاصة وأن أردوغان اختتم مؤخرا زيارة لدول الخليج".

وفي تموز يوليو 2022، قصفت القوات التركية مصيفا سياحيا في قرية برخ التابعة لقضاء زاخو بمحافظة دهوك، ما تسبب بإصابة ومقتل 31 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تأكيدات شهود عيان في المنطقة بأن هذا المصيف يقع عند حدود زاخو وتحيط به نقاط القوات التركية، ولا يشهد أي نشاط إرهابي من قبل أي جماعة.

وتقدم العراق بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي بشأن القصف التركي آنذاك، وعقد المجلس جلسة في 26 تموز يوليو من العام الماضي، وفيها أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الأدلة من موقع الاعتداء على مصيف دهوك، تضمنت شظايا مقذوفات مدفعية ثقيلة، هي ذاتها التي يستخدمها الجيش التركي، وأن هناك حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب إلى الشمال بسبب الاعتداء التركي.

في الأثناء، يبين الباحث من مركز دراسات الشرق الأوسط أورسام، سلجوق باجالان، خلال حديث لـه أن "هناك ترقباً في العراق وتركيا لزيارة أردوغان إلى بغداد، وهذه الزيارة تأتي لحسم الملفات الحساسة بين البلدين، المتعلقة بالأمن أو ما يخص حزب العمال الكردستاني، والمياه والاقتصاد، وهذا يؤكد أن الزيارة لن تكون بروتوكولية، بل ستكون زيارة اتفاق وحسم للملفات العالقة بين البلدين".

ويستطرد بالقول "من المؤمل أن يتم خلال زيارة أردوغان زيادة الإطلاقات المائية إلى العراق، من أجل تجاوز بغداد لأزمتها بالجفاف مع فصل الصيف والارتفاع الكبير في درجات الحرارة، كما سيبحث الرئيس التركي ملف إعادة تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، وهذا الملف سيكون حوله تفاوض موسع، خصوصاً وأن الجانب التركي يريد إعفاءه من الأموال التي يجب دفعها وفق قرار محكمة باريس، ومن المؤمل أن يتم حسم الموضوع".

ويؤكد أن "أردوغان سيبحث في بغداد تواجد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وما يشكل هذا التواجد من خطورة أمنية على الأمن القومي التركي، فهذا الملف سوف يتصدر المباحثات العراقية التركية، خصوصاً وأن الجانب التركي يهتم كثيرا بهذا الملف، وربما يكون هذا الملف تفاوضيا لحسم الملفات الأخرى الحساسة المتعلقة بالمياه والاقتصاد".

في المقابل، فإن حجم صادرات تركيا للعراق، بلغ مستويات مرتفعة تجاوزت الـ15 مليار دولار، وسط مساع تقودها أنقرة لإيصاله إلى 20 مليار دولار، ووفقا للإحصائيات التي تصدر شهريا، فإن العراق دائما ما يتصدر قائمة المستوردين من تركيا، وبكل المجالات بدءا من المواد الخام وصولا إلى السكائر والمشروبات والمواد الغذائية.

وإلى جانب هذه الملفات، فإن أردوغان له اليد الطولى على بعض القوى السياسية العراقية، وخاصة التابعة للمكون السني، وسبق أن كان السبب يجمع رئيس المشروع العربي خميس الخنجر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ما نتج عن الصلح بينهما تشكيل تحالف السيادة، وذلك فضلا عن العلاقة التي تربط الشخصيتين بأردوغان ورئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، وهذا ما يتجسد عبر اللقاءات المستمرة بين هذه الأطراف.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة