21 Nov
21Nov

بدأت تداعيات الجفاف تظهر بشكل جلي، وتحولت إلى أزمة مركبة وخطيرة، تتمثل بنزوح المزارعين من الريف إلى المدينة ومحافظات أخرى، ما يضع الجهات الرسمية والمختصة والأمنية أمام مهمة صعبة.

مسؤولون ونواب، أكدوا أن أعداد العائلات النازحة بسبب الجفاف كبيرة جدا، وهي أكبر من الرقم الذي أعلنته وزارة الهجرة والمهجرين، وفيما طالبوا بضرورة تحرك الحكومة بشكل عاجل لمعالجة هذه الأزمة، حذروا من تداعيات أمنية بسبب النزوح لمحافظات أخرى، فضلا عن التحدي الأكبر وهو توفير فرص عمل لهم بعد تركهم لأراضيهم الزراعية.

ويقول رئيس الجمعيات الفلاحية في العراق حيدر عبدالواحد العبادي، خلال حديث لـه، إن "هناك موجة نزوح كبيرة حصلت في الكثير من القرى والأرياف بمختلف المحافظات، بسبب التغييرات المناخية والجفاف التي تعاني منه هذه المناطق".

ويضيف العبادي، أن "عدد النازحين بسبب التغييرات المناخية، نعتقد أنه أكثر بكثير من الرقم المعلن من قبل وزارة الهجرة والمهجرين، وهناك ضرورة لتحرك حكومي سريع بهدف مساعدة هؤلاء النازحين، خصوصاً وأنهم فقدوا الأراضي التي كانوا يعتاشون عليها".

ويتابع "لقد حذرنا سابقا من خطورة أزمة الجفاف في المناطق الزراعية، ولما لها من تداعيات قد تدفع بالكثير إلى الهجرة نحو المدن، وهذا الأمر حصل، خصوصاً في ظل عدم وجود اهتمام حكومي كبير بهذا الملف رغم خطورته".

وكانت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان جابرو، كشفت يوم أمس الاثنين، عن انضمام محافظتي ديالى والديوانية إلى قائمة المحافظات التي شهدت نزوحاً بسبب التغيرات المناخية، فيما بينت تسجيل نحو 7 آلاف عائلة نازحة، والعدد الأكبر كان من محافظة ذي قار والتي سجلت أكثر من 4 آلاف عائلة، تلتها ميسان بـ1354 عائلة، ومن ثم البصرة والتي يعدُّ نازحوها أكثر ضعفاً وهشاشة بسبب تدنِّي فرص العمل، والمثنى 409 عوائل.

فيما بينت الوزير في حديثها أيضا، أن الوزارة تمتلك آلية لدعم الفئات النازحة بسبب داعش وليس بسبب التصحر، مشيرة إلى أن الوزارة دعمت تلك العائلات على مستوى المساعدات الإنسانية، إلا أن غالبيتهم فقدوا عملهم ما أثر بشكل كبير عليهم، فضلاً عن الصراع الذي يعانونه في مجتمع محافظاتهم أو تلك التي نزحوا إليها، ما أثر في التماسك المجتمعي في المنطقة.

وكانت تقاريركشفت في العام الماضي، عن هجرة الفلاحين لأرضيهم الزراعية بسبب الجفاف، وتوجههم للعمل كسائي سيارات أجرة، بهدف توفير قوت يومهم.

يشار إلى أن محافظة كربلاء، كانت الوجهة الأبرز للنازحين بسبب الجفاف، حيث استقروا فيها بغية الحصول على فرص عمل، لكونها مدينة ذات طابع سياحي ديني، وتتوفر فيها مختلف أنواع المهن، لكن هذا الأمر لم يسر بشكل طبيعي، بل برزت دعوات لتحديد تواجد النازحين أو منعهم، من قبل مسؤولين في المحافظة ونواب عنها.

إلى ذلك، يؤكد عضو مرصد العراق الأخضر، المختص بشؤون البيئة عمر عبد اللطيف، خلال حديث لـه، أن "هناك موجة هجرة كبيرة في المحافظات الجنوبية، ومحافظتي ديالى والديوانية أنضمتا حديثا لموجة النزوح، وهذا بسبب شح المياه بصورة عامة، سواء الشرب أو الزراعة".

ويتابع أن "هذا الموضوع خطير جداً وهناك تحذيرات من قبل جهات أمنية متعددة بأن هذا الأمر يهدد السلم الأهلي والمجتمعي، فقد تكون هناك نزاعات وحروب ما بين العوائل التي تسكن في المحافظات وبين النازحين الوافدين من المحافظات الأخرى، فهذه مشكلة مثبتة ومتوقعة لدى الجهات الأمنية".

ويستطرد "هناك صعوبة في كيفية توفير معيشة لهؤلاء النازحين، فهذه العوائل تحتاج إلى معونات مختلفة فبعد أن كانت تعمل في بيع حليب الأبقار ومشتقاته والزراعة، وصلت الآن إلى مدن جديدة ليس لديها أي عمل فيها، خصوصاً وأن تلك المحافظات تعتبر بالنسبة لهم مدن جديدة ويجب أن تكون لهم فرص عمل فيها، وهذا هو سبب شمولهم من قبل وزارة العمل ببرنامج المشاريع الصغيرة والمتوسطة".

ويلفت إلى أن "المرحلة المقبلة قد تكون خطيرة جداً في فصل الصيف، حيث قد يدفع إلى نزوح المزيد من العوائل بسبب التغيرات المناخية، بالتالي على الجهات المختصة إعادة النظر بخططها وإمكانية الاهتمام بهذه العوائل وتوفير فرص عمل لهم، وبخلاف ذلك قد يكون مصير تلك العوائل مجهول".

وتشير تقارير الأمم المتحدة عن البيئة في العراق، إلى أن البلاد تعد من بين الدول الخمس الأولى الأكثر تضرراً من التغييرات المناخية على مستوى العالم، وتأتي في المرتبة 39 بين الدول الأكثر إجهادا للمياه، مؤكدة أن العام 2022 كان ثاني أكثر المواسم جفافاً منذ 40 عاماً.

ويواجه العراق مصيرا كارثيا جراء شح المياه التي تراجعت كمياتها إلى مستوى ينذر باحتمال فقدان مياه الشرب، في ضوء انخفاض المخزون المائي الاستراتيجي إلى 7.5 مليارات متر مكعب للمرة الأولى بتاريخ البلاد، وفق ما أفادت به وزارة الموارد المائية في أيلول سبتمبر الماضي.

من جهته، يبين عضو لجنة الزراعة والمياه في البرلمان ثامر الجبوري، خلال حديث لـه، أن "العراق خلال الفترة الماضية مر بأزمة جفاف كبيرة وخطيرة، وهذه الأزمة اكيد لها تداعيات ومنها حصول هجرة من قبل بعض الفلاحين إلى مناطق أخرى من اجل إيجاد لقمة العيش".

ويلفت الجبوري، إلى أن "لجنة الزراعة والمياه، ستعمل على استضافة الجهات الحكومية ذات العلاقة من وزارات الهجرة والزراعة والموارد، بهدف إيجاد حلول سريعة للحد من الهجرة من المناطق الزراعية نحو المدن والحفاظ على الزراعة وتوفير كافة المستلزمات لدعم الفلاحين".

ويؤكد أن "الحكومة العراقية تولي اهتماما كبيرا لملف المياه وتجاوز أزمة الجفاف والحوارات والاتصالات مستمرة بشكل شبه يومي مع دول المنبع من أجل ضمان وصول حصة العراق المائية العادلة".

ويعود سبب انحسار مياه دجلة والفرات إلى "سياسات دول المنبع" التي قامت ببناء العديد من مشاريع السدود والاستصلاح الكبرى، دون التنسيق مع العراق الذي يعد دولة مصب، وذلك ما أثر على استحقاقاته التاريخية في النهرين اللذين تراجعت الإيرادات الواصلة لهما إلى أقل من 30 بالمئة من معدلاتها الطبيعية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة