أزمة رواتب موظفي الإقليم، وإعادة تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، من أهم الملفات التي تصدرت النقاشات يوم أمس في جلسة استضافة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في البرلمان، وفيما عزا الأخير تعطيل الرواتب إلى عدم تسليم حكومة كردستان الواردات غير النفطية إلى بغداد، أكد مراقب كردي أن هذه المعضلة ستبقى ما لم تدفع المستحقات من الموازنة التشغيلية أسوة ببقية المحافظات.
وواصل موظفون في إقليم كردستان احتجاجاتهم لليوم الثامن والأربعين على التوالي، بسبب عدم صرف رواتب شهر تشرين الأول أكتوبر، مما أثار موجة من الإضرابات في المدارس والمؤسسات بمحافظة السليمانية، خاصة في منطقة رابرين، حيث أعلن مجلس المعلمين المحتجين استمرار الإضراب حتى تحقيق مطالبهم.
وخلال الأيام الماضية، شهد الإقليم تصعيدا في الإضرابات داخل المدارس والمؤسسات الإدارية، مع تأكيد الموظفين والمعلمين المحتجين أنهم لن يعودوا إلى أعمالهم قبل صرف الرواتب.
ويقول الباحث في الدراسات الإستراتيجية كاظم ياور، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “معضلة رواتب الموظفين منذ سنوات وهي تحل بطرق وأساليب وقتية وتخديرية، حتى قرارات المحكمة الاتحادية التي صدرت بخصوص توطين الرواتب وما يتعلق بها كانت بحاجة إلى تدقيق وتمحيص أكثر للمساواة الموظفين في الدولة العراقية سواء كانوا في المحافظات العراقية أو في إقليم كردستان “.
ويضيف ياور أن “المساواة حق مكفول دستورا لجميع الموظفين، ولكن إجرائيا هذا غير موجود، فعندما تصدر المحكمة الاتحادية قرارا يجب أن يطبق بالشكل الصحيح من قبل الجهات التنظيمية ويسري على جميع المواطنين في كردستان أو باقي المحافظات العراقية”.
ويتابع أن “الحكومة الاتحادية تضع رواتب موظفي الإقليم من ضمن حصة الموازنة العامة المخصصة للإقليم، وليس ضمن الموازنة التشغيلية للبلاد المستمرة بإطلاق الرواتب شهريا، لذا يحصل تأخير في دفع الرواتب باستمرار، وهذا ما لا يعانيه الموظفون العراقيون في جميع المحافظات خارج الإقليم، لأن رواتبهم تدفع ضمن الموازنة التشغيلية، وما لم تحل هذه القضية فستبقى المشكلة عالقة”.
وحضر السوداني، أمس الأربعاء، إلى مبنى مجلس النواب، برفقة وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير التخطيط محمد تميم، ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وناقشت جلسة الاستضافة التي طلبها السوداني جملة من القضايا المهمة المتعلقة بعمل الحكومة والتنسيق مع السلطة التشريعية.
ولدى إجابته على سؤال لنائب كردي، أكد رئيس الوزراء أن مسألة الرواتب ليست سياسية وأن إقليم كردستان لم يسبق وأن التزم بأي مادة أو فقرة من قانون الموازنة، وذكر أنه لن تجري مناقلة في رواتب إقليم كردستان، بل سيتم صرف 760 مليار دينار فقط لأن حصة إقليم كردستان المثبتة هي 12.67%.
وفي ما يخص تصدير النفط عبر جيهان، وهو أحد الملفات التي ناقشها السوداني مع البرلمان، يؤكد ياور إن “إعادة تصدير نفط كردستان أمر مهم، وإن كانت الإيرادات تذهب إلى الخزينة العامة، لكن هناك ضرائب على الشركات ونسبة مئوية لتنمية الأقاليم وهذه إيرادات سوف تستثمرها وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم في تعظيم الإيرادات ودفع المستحقات التي بذمتها”.
وكان السوداني، أكد خلال الجلسة على أهمية تعديل قانون الموازنة العامة لمعالجة مسألة تسويق نفط إقليم كردستان، فيما لفت إلى أن غرامة يومية يتحملها العراق لعدم تصدير النفط وفقاً لاتفاقية مع تركيا.
وفي هذا الشأن، يشير خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، خلال حديث ، إلى أن “تصدير نفط الإقليم متوقف منذ آذار من العام الماضي، ما يعني خسارة قيمة 20 شهرا من التوقف عن تصدير أكثر من 400 ألف برميل يوميا ألحق خسائر لا تقل عن 18 مليار دولار أمريكي وهذا الرقم لا يستهان به في بلد تعاني موازنته من عجز لعامين متتاليين”.
ويضيف شيرواني أن “رئاسة الوزراء قبل أسبوع قدمت مقترحا لتجاوز العقبة الرئيسية للتصدير المتوقف وهو احتساب كلف الإنتاج والنقل لنفط الإقليم، علما أن القيمة المثبتة في الموازنة لهذه الكلف في المادة 12 من الموازنة كانت أقل بكثير مما قدرته وزارة الثروات في الإقليم، فالفرق كان بحدود النصف”.
ووفقا للخبير النفطي، فإن :رئاسة الوزراء اقترحت أن تكلف جهة أجنبية استشارية متخصصة بوضع تقديرات عاجلة لكلف الإنتاج والنقل لكل حقل نفطي لأنه كما هو معروف أن الظروف الجيولوجية والمخاطر وعدم وجود بنى تحتية تجعل هذه الكلف أعلى في كردستان مما موجود في الحقول الجنوبية”، لافتا إلى أن “هذه المشكلة إذا ما حلت ستوضع أرقام تصادق عليها الوزارتان (الاتحادية والإقليم) وتستطيع الشركات أن تعمل وفق هامش ربحي مناسب”.
ويتابع أن “مقترح رئاسة الوزراء تضمن أيضا الشروع فورا بتصدير 400 ألف برميل يوميا وبسعر أولي قيمته 16 دولارا للبرميل وهذا السعر مؤقت ريثما يتم تقديرات نهائية من قبل الجهة الاستشارية الأجنبية”.
ويلفت إلى أن “الفكرة من مقترح رئاسة الوزراء بتعديل المادة 12 من الموازنة هو إيقاف الهدر الكبير بسبب عدم تصدير نفط الاقليم، لأن هذا الخط متوقع أن يمثل المسار الأمثل للنفط العراقي تجاه الأسواق الأوربية والأمريكية وهو ما يتعذر عبر الموانئ الجنوبية والبحر الأحمر بسبب الاستهدافات العسكرية والحروب الإقليمية”.