ما تزال أزمة كركوك تزداد تعقيدا، فبعد العديد من المقترحات التي قدمت للتوصل إلى حل لإدارة المحافظة، ويكون مرضٍ لجميع مكوناتها، طرح المكون التركماني فيها مقترحا جديدا يقضي بحل المجلس وتشكيل إدارة من قبل الحكومة الاتحادية، لكن هذا الحل، قوبل برفض من جميع قوى المحافظة.
وكان القيادي التركماني والمسؤول في حركة بدر بمحافظة كركوك محمد مهدي البياتي، قدم مؤخرا مقترحا لحل مجلس محافظة كركوك، في ظل عدم توصل المكونات إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة المحلية، وأشار في بيانه إلى أن تهميش التركمان وإبعادهم عن المعادلة السياسية في كركوك أدى إلى ازمة سياسية وانسداد كبير.
وحول هذا الطرح، يوضح عضو التحالف التركماني في كركوك، عباس الأغا، خلال حديث لـه أن “مجلس كركوك فشل فشلا ذريعا ولم يعد باستطاعته تقديم أي حل للخروج من الأزمة”.
ويتابع الأغا، أن “المهمة الأولى لمجلس المحافظة هي تسمية مناصب الحكومة المحلية وأداء الرقابة على الدوائر وإصدار القرارات، وكل تلك المهام لا يقوم بها حالياً مجلس محافظة كركوك”، مضيفا أن “حل المجلس هو أفضل قرار، شريطة إعادة الانتخابات وتنظيف سجلات الناخبين، وان تتم إدارة المحافظة من خلية حكومية مصغرة من قبل رئاسة الوزراء”.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عقد في 29 أيار مايو الماضي، الاجتماع الثالث للقوى السياسية الممثلة لمكونات محافظة كركوك، والمنضوية في ائتلاف إدارة كركوك، وشهد الاجتماع استعراض الجهود والمشاورات المبذولة لإقرار ورقة الاتفاق السياسي بين مكونات المحافظة، والآليات الكفيلة بتشكيل الحكومة المحلية، وفقاً للقانون، وكذلك الاتفاق على عقد جلسة لمجلس المحافظة ضمن سقف زمني متفق عليه.
يذكر أن محافظة كركوك، أجرت أول انتخابات عام 2005، وفي 18 كانون الأول يناير 2023 شهدت إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ونال الكورد فيها سبعة مقاعد، وانضمت إليهم كتلة بابليون التي فازت بمقعد الكوتا، ليصبح مجموع المقاعد ثمانية، وفي المقابل نال العرب ستة مقاعد، فيما حصل التركمان على مقعدين.
من جهته، ترى عضو مجلس محافظة كركوك عن الاتحاد الوطني الكردستاني، بروين فاتح، خلال حديث لـه أن “مقترح حل مجلس المحافظة غير منطقي ومخالف للدستور”.
وتؤكد فاتح، أن “المواطن الكركوكي خرج إلى الانتخابات وأدلى بصوته لغرض التغيير، وحل مجلس المحافظة يعني العودة للمربع الأول وتعقيد المشهد الأكبر”، مبينة أن “هذا المقترح هو من شخصيات خسرت في الانتخابات ولم تستطيع الظفر بمقاعد داخل المجلس، والحل هو بالتنازلات من طرف معين، وليس بحل المجلس المنتخب بشكل شرعي”.
وتوضح أن “الحل الأمثل أيضاً في الوقت الحالي ولحين حل عقدة تسمية المناصب الجديدة، يتمثل بقيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتسمية وزير العدل خالد شواني محافظا لكركوك أو أن يقوم بإدارة المدينة من مهمة أدنى، لآن بقاء المحافظ الحالي راكان الجبوري يعقد الأوضاع أكثر”.
وكان محافظ كركوك بالوكالة، راكان سعيد الجبوري، قد دعا في 30 كانون الثاني يناير الماضي، الفائزين بعضوية مجلس المحافظة لعقد أول اجتماع للمجلس في الأول من شباط فبراير الماضي لاختيار رئيس مجلس المحافظة ونائبيه، وانتخاب المحافظ ونائبيه، إلا أن الخلافات حالت دون حسم انتخاب المحافظ حيث تطالب الكتل الكردية بالمنصب، كما أن العرب أيضا يريدون الاستمرار بإدارة المحافظة، وكذلك التركمان يطمحون للفوز بالمنصب.
إلى ذلك، يبين عضو مجلس محافظة كركوك عن الحزب الديمقراطي الكردستاني حسن مجيد، خلال حديث لـه أن “على المكونات الثلاثة تقديم تنازلات وعدم التمسك برأيهم، كونه يعقد المشهد، ولكن مقترح حل المجلس وإعادة الانتخابات يضر بكركوك”.
ويردف أن “الحزب الديمقراطي كان مع أي حل ينهي أزمة كركوك وأبدى مرونة تامة، ولكن الأطراف الأخرى ماتزال تصر على منصب المحافظ، الأمر الذي زاد من تعقيد القضية”.
ووفقا لقانون انتخابات مجالس المحافظات الذي ينص على وجوب انعقاد أول جلسة خلال 15 يوما من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات، كما يأتي بعد يوم واحد من تأدية أعضاء المجلس اليمين القانونية أمام القاضي، ويترأس الجلسة الأولى لمجلس المحافظة أكبر أعضاء المجلس سنا، وهي بروين فاتح من كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني.
وفي الجلسة الأولى لمجلس المحافظة يجب انتخاب رئيس المجلس ونائبه وذلك بأغلبية أصوات المجلس (50+1)، أي أن الفائز يجب أن يحصل على تسعة أصوات من أعضاء مجلس محافظة كركوك، لكن لا توجد فقرة قانونية توضح المدة التي يمكن للمجلس ترك جلسته مفتوحة في حال لم يتم حسم المنصبين في الجلسة الأولى.
من جهته، يبين منسق هيئة الرأي العربية في كركوك ناظم الشمري، خلال حديث لـه أن “تشكيل الحكومة المحلية في كركوك وتسمية المناصب أصبح أمراً مستحيلاً”.
ويرى الشمري، أن “الحل الأمثل لوضع كركوك هو بإعادة الانتخابات وحل مجلس المحافظة الحالي، كونه فشل بأبرز مهمة ملقاة على عاتقه، وهي تشكيل الحكومة وتسمية المحافظ”، مبينا أن “هناك صراعات داخل المكونات وصراعات بين المكونات نفسها، وبالتالي من المستحيل تسمية المناصب وتشكيل الحكومة المحلية في كركوك، رغم جميع المبادرات التي طرحت، فالحل هو بتقديم طلب من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى البرلمان لحل المجلس وتحديد موعد جديد لانتخابات المجلس”.
ويتابع أنه “طيلة هذه المدة سيكون من غير المنطقي تعيين محافظ جديد لكركوك أو إجراء أي تغيير في الوضع الحالي، كون المدينة تنعم بالاستقرار الأمني والإداري، والأفضل بقاء المحافظ الحالي”.
ورغم مضي أشهر على إعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات، ما زالت كركوك بلا إدارة محلية تتولى شؤون المحافظة التي ما زالت غير مستقرة أمنيا بشكل تام حيث ما زالت جيوب وخلايا لتنظيم داعش تتواجد في وديان واراضٍ المحافظة وتنفذ بين وقت آخر عمليات تستهدف القوات الأمنية، كما أن كركوك تعد عقدة سياسية للأحزاب الكردية فيما بينها، وكذلك الأحزاب التركمانية والعربية شيعية وسنية.