21 Dec
21Dec

كشف تقرير لصحيفة أمريكية، اليوم الخميس، أن الصين تخطط لاختبار جيل جديد من الأسلحة النووية في الموقع الذي جربت فيه أول قنبلة ذرية قبل حوالي 60 عاما، فيما رفضت وزارة الخارجية الصينية هذه "الأوهام"، ووصفتها بأنها ادعاءات "غير مسؤولة على الإطلاق".


وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز فان صور التقطتها الأقمار الصناعية مؤخرا تُظهر حفر خندق عمودي بعمق ثلث ميل على الأقل (531 متر)، "بالتالي فهو أقوى دليل على أن بكين تنوي اختبار جيل جديد من الأسلحة النووية التي من شأنها رفع قدرة الفتك لقوتها الصاروخية المتنامية سريعا".


ولسنوات، عبرت الإدارات الأميركية وخبراء مستقلون عن مخاوفهم بشأن قاعدة "Lop Nur"، الصينية في حين أشارت تقارير إلى احتمالية استخدامها لإجراء تجارب طوال العام وسط جو يتسم بـ "انعدام الشفافية"، وفق تعبير الصحيفة الأميركية.


وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن "موجات" من صور الأقمار الصناعية اليوم تظهر أن القاعدة العسكرية تحظى بحفريات جديدة، "والتي تعد مثالية لاحتواء العواصف الملتهبة من الإشعاعات المميتة الناجمة عن الانفجارات النووية"، إضافة إلى المئات من عمليات التحديث والتوسيع للقاعدة العسكرية.


وتطرقت الصحيفة، مستعينة بصور التقطت عبر الأقمار الصناعية، إلى عدد من تلك التحديثات، من بينها إنشاء أو إعادة ترميم أكثر من 30 مبنى في قاعدة "Malan" الداعمة لـ "Lop Nur"، منذ عام 2017.


كما نوهت الصحيفة إلى أن العديد من الطرق ظهرت قرب طريق يقع على بعد 75 ميلا (120 كلم) من موقع تجارب سابق، كما أكدت إنشاء طرق جديدة لشبكة الطرق التابعة للقاعدة العسكرية الأساسية، والتي تمتد مسافة 30 ميلا (48 كلم) عبر منطقة جديدة في التلال الشرقية قرب "Lop Nur".


وسلطت الصحيفة الضوء على أنفاق حفرت في جوانب جبال كانت تستخدم في تجارب نووية سابقة، وذكرت أن صور الأقمار الصناعية توحي بأن أحد هذه الأنفاق على الأقل تمت إعادة حفره وإنشائه.

وأظهرت صور أخرى ما وصفته الصحيفة بـ "موقع مرجح جديد لاختبار مستقبلي تحت الأرض"، وذكرت أن الأنفاق العمودية في المنطقة المُطوَّرة حديثا يمكنها أن توفر الدعم لتجارب ذرية أوسع مقارنة بالشبكة القديمة من الأنفاق الأفقية.


وقال تونغ تشاو، الخبير النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي للصحيفة: "تشير كل الأدلة إلى أن الصين تقوم باستعدادات تسمح لها باستئناف التجارب النووية".


ووصف سيغفريد س. هيكر، المدير السابق لمختبر لوس ألاموس للأسلحة في نيو مكسيكو، عملية إعادة بناء "Lop Nur" بأنها خارجة عن إطار المألوف، مضيفا "واصل الروس والأميركيون نشاطهم في مواقع تجاربهم، لكن ليس بهذا الشكل".


ويقول محللون إن النشاط في "Lop Nur" يشير إلى تحديث واسع النطاق للمؤسسة النووية الصينية، محذرين من أنه قد يسرع من تراكم الأسلحة و"يشعل عصرا جديدا من التنافس الذري".


ويضيفون أن تحركات الصين، إلى جانب تحركات القوى النووية الأخرى، يمكن أن تقوض معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي بدأ تطبيقها، في عام 1996.


وأقرت القوى الذرية في العالم المعاهدة بعد الحرب الباردة كوسيلة للحد من سباق التسلح النووي المكلف.


وتم الكشف عن الأدلة الجديدة في "Lop Nur" على يدي ريني بابيارز، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية، أحد أذرع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون".


ويقول بابيارز، وهو خبير في استطلاع الأقمار الصناعية وكذلك البرنامج النووي لبكين، إن التفجيرات في الأعمدة العميقة يمكن أن تسرع الجهود الرامية إلى تحسين أنواع جديدة من الأسلحة النووية لترسانة البلاد سريعة النمو.


وشارك خبراء مستقلون فحصوا صور الأقمار الصناعية مخاوف بابيارز في حديثهم للصحيفة.


ويقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية إنهم تابعوا إعادة إحياء "Lop Nur" لسنوات. ويرون أنه في حين أن البناء واضح، إلا أن الغرض منه خفي تماما، مرجحين للصحيفة أن الصين ربما تستعد لإجراء تجربة نووية.


لكن المسؤولين أكدوا في الوقت ذاته أن الرئيس الصيني، شي جينبيغ، قد لا ينوي المضي قدما بإجراء تجارب ما لم تبادر الولايات المتحدة أو روسيا إلى ذلك، ويرجحون أنه قد يقوم بالتحوط في رهاناته، من خلال حفر الآبار العمودية العميقة حتى تتمكن الصين من التصرف بسرعة إذا لزم الأمر.


وردت وزارة الخارجية الصينية، يوم الاثنين الماضي، على أسئلة حول التحديثات في "Lop Nur"، ورفضتها في بيان ووصفتها بأنها "تتشبث بالظلال (بالأوهام)"، وتثير بلا أساس "التهديد النووي الصيني". ووصفت مثل هذه الادعاءات بأنها "غير مسؤولة على الإطلاق".


وشددت الوزارة أيضا على التزام بكين باحترام معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وهو الموقف الذي أضافت أنه "حظي بإشادة كبيرة من المجتمع الدولي"، مشيرة إلى أن الصين لن تدخر أي جهد لتحقيق الطموح النبيل المتمثل في الحظر الشامل والقضاء التام على الأسلحة النووية.


محادثات "نادرة" مع واشنطن

وفي نوفمبر الماضي، أجرت الولايات المتحدة والصين محادثات "نادرة" بشأن الحد من الأسلحة النووية، في خطوة جديدة ترمي إلى تقليل انعدام الثقة بين البلدين، وفق ما نقلته فرانس برس.


وأتت المحادثات، التي باتت أول اجتماع مخصّص للأسلحة النووية بين القوتين منذ عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، في وقت تعرب فيه الولايات المتحدة عن قلقها إزاء الترسانة النووية المتنامية للصين.


وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، في تصريح للصحفيين حينها: "لقد دعونا باستمرار جمهورية الصين الشعبية إلى الانخراط بشكل جوهري في قضايا الحدّ من التسلح والحدّ من المخاطر الاستراتيجية".


وأضاف أن هذا الانخراط هو "مواصلة لجهود إدارة العلاقة بحس من المسؤولية وضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع".


وقال "البنتاغون" في تقرير أعده بطلب من الكونغرس، في أكتوبر الماضي، إن الصين تطور ترسانتها النووية بسرعة أكبر مما كانت الولايات المتحدة تتوقعه.


وأضافت أن الصين تمتلك أكثر من 500 رأس حربية نووية جاهزة للاستخدام منذ مايو عام 2023، ومن المرجّح أن يكون لديها أكثر من ألف رأس بحلول عام 2030.


وتمتلك الولايات المتحدة حالياً نحو 3700 رأس حربية نووية، خلف روسيا التي تمتلك نحو 4500 رأس نووي، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام الذي أحصى 410 رؤوس نووية لدى الصين.


وسعت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، متوجّسة من تنامي الترسانة الصينية، إلى توسيع نطاق معاهدة ستارت الجديدة للأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة، لكي تشمل الصين.


ووافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، عند توليه منصبه على تمديد معاهدة ستارت الجديدة حتى فبراير عام 2026.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة