يساور القلق مجددا، محافظة ديالى التي تستعد لإجراء الانتخابات المحلية بعد سلسلة حوادث أمنية متكررة آخرها ما حدث في قرية العمرانية، وفيما شدد مراقبون للشأن السياسي على ضرورة رفع المستوى الأمني في المحافظة، أكدوا أن مثل هذه الحوادث ستسبب عزوفا جماهيريا عن الانتخابات، في المقابل قلل قيادي في الإطار التنسيقي من تأثير ذلك على يوم الاقتراع.
ويقول الباحث في الشأن السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـه، إن "بعض المشاكل والخلافات السياسية يتم استغلالها من قبل التنظيمات الإرهابية لشن الهجمات، وهذه الخروق عادة ما تحصل بسبب التراخي الأمني في مسك بعض المناطق".
وعن تهديد هذه الحوادث للعملية الانتخابية المقبلة، يبيّن جودة، أن "أهم عوامل نجاح أي عملية انتخابية هو الاستقرار الأمني، وأي خروق في هذا الملف قد تؤثر بشكل كبير ومباشر على الاقتراع، ونخشى زيادة مثل هكذا عمليات إرهابية في قادم الأيام للتأثير على سير العملية الانتخابية".
ويضيف جودة، أن "الأطراف السياسية مطالبة بعدم استخدام الدعوات والشعارات الطائفية والقومية من أجل كسب بعض الأصوات، فهذه الدعوات أيضا لها تداعيات على الصعيد الأمني وتهديد السلم المجتمعي، كما على الجهات المختصة متابعة ومحاسبة من يطلق هكذا دعوات مرفوضة".
ووقع هجوم مزدوج الخميس الماضي نفذه مجهولون بعبوتين ناسفتين وأسلحة قنص استهدف مركبة تقل مدنيين بين ناحية الوجيهية وقرية العمرانية في المقدادية شمال شرقي ديالى، ما تسبب بسقوط أكثر من 25 شخصا بين قتيل وجريح، ولم تكشف حتى الآن الجهة التي نفذت العملية على الرغم من أن الرواية الحكومية قالت إن التحقيق الأولي وجه الاتهام إلى تنظيم داعش.
وتشهد ديالى تنازعا كبيرا على إدارتها إضافة إلى أنها تضم خليطا من المكونات القومية والطائفية والحزبية، كما تضم منافذ حدودية مهمة مع إيران وغالبا ما تكون مخترقة من قبل عصابات التهريب.
من جهته، يصف المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـه، ما حدث في ديالى من خرق أمني بـ"الكبير والخطير، خصوصاً أنه حدث في مناطق يفترض أن تكون ممسوكة أمنياً وليس فيها أي فراغ، وهذا يتطلب مراجعة للخطط الأمنية والعسكرية في ديالى والمحافظات المحاذية لها".
ويضيف الشريفي أن "عدم الاستقرار الأمني وتكرار الخروق، له تأثيرات على العملية الانتخابية المقبلة، فلا يمكن إجراء الاقتراع في ظل هذا التوتر الأمني، إذ تدفع هذه الظروف الكثيرين للعزوف عن المشاركة خشية من أي استهداف يعترضون له من قبل الجماعات الإرهابية وغيرها".
ويحذر من أن "التنظيمات الإرهابية تستغل أي أحداث في البلاد من مشاكل سياسية وغيرها لغرض تنفيذ أجنداتها، ولهذا نرى مع كل مشكلة تبرز خروق أمنية، وهذا يهدف إلى إثارة الفتن وتهديد السلم المجتمعي، ومحاولة إعطاء انطباع عن أن هكذا جرائم هي بدوافع طائفية أو قومية".
وشهدت هذه الحادثة اهتماما مركزيا كبيرا من بغداد إذ عقد وزير الداخلية، أمس السبت اجتماعاً أمنياً في مقر قيادة شرطة محافظة ديالى، مع عدد من القادة والضباط، ووجه الاتهام لتنظيم، مشدداً على أن "رد فعل القطعات الأمنية ستكون قاسية وغير متوقعة ضد العناصر الجبانة التي أقدمت على هذا الفعل وسيكون مصيرها وخلال أيام إما الموت أو خلف القضبان"، مؤكداً "محاسبة المقصرين في هذا الحادث".
كما وصل نائب قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن قيس المحمداوي أمس، إلى محافظة ديالى يرافقه قائد القوات البرية وعدد من ضباط هيئة ركن القيادة للوقوف على ملابسات الحادث، وجرى تشكيل لجنة عليا للتحقيق بملابسات هذه الحادثة.
في المقابل، يؤكد القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـه، أن "ما حدث من خرق في ديالى لن يمر مرور الكرام، فهناك تحقيقات تجري منذ وقوع الحادث حتى الآن، وهناك نية حقيقية لكشف كل تفاصيل الحادثة ومن يقف خلفها".
ويستبعد الفتلاوي، أن "يكون لهذا الخرق تداعيات على العملية الانتخابية، خصوصا أن هناك خطة أمنية خاصة وضعت لتأمين الانتخابات قبل أيام من انطلاقها وبعد أيام من انتهائها، وهذه الخطة ستشارك فيها كل قطعات القوات العراقية ووفق خطط محكمة وتعتمد على الجهد الاستخباراتي في الدرجة الأساس".
ويضيف أن "هناك من يريد التأثير على الاستقرار الذي يشهده العراق على المستوى والأمني وحتى السياسي من خلال بث بعض الشائعات، لكن الشعب أصبح يدرك ويعرف أصحاب هذه التوجهات"، مؤكدا أن "انتخابات مجالس المحافظات ستجري في موعدها ولا مبرر لتأجيلها لأي سبب كان".
ومن المفترض أن تجرى الانتخابات المحلية، في 18 كانون الأول الحالي، وسط محاذير سياسية وأمنية، إذ غالبا ما يتواصل خلط الأوراق السياسية بالأمنية، وخاصة في محافظة ديالى مع قرب أي انتخابات لغرض التسقيط السياسي واستفزاز المشاعر القومية والطائفية.