وقع العراق اتفاقا مبدئيا لاستيراد الغاز من تركمانستان، في خطوة عدها متخصصون بـ"الممكنة فنيا"، وفيما أشاروا إلى أن إكمال الخط يتطلب عامين بعد العقد النهائي، وأن من شأنه تعويض الغاز الإيراني، شددوا على أهمية استثمار الغاز العراقي، بما فيه حقول إقليم كردستان، بدلا من اللجوء للاستيراد.
ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث لـه إن "توجه العراق لاستيراد الغاز من تركمانستان، أمر ممكن فنيا، حيث يتم نقل الغاز عبر أنابيب تمر في تركيا".
ويضيف الجواهري، أن "إنشاء خط أنابيب للحصول على الغاز من تركمانستان يحتاج إلى أكثر من عامين، وذلك بعد الاتفاق النهائي، وهذا يعتمد على تفاصيل الاتفاق بتحديد حجم وطول الأنابيب وكلفتها وغيرها من الإجراءات الفنية".
ويتابع الخبير في النفطي، أن "استيراد العراق للغاز من تركمانستان سوف ينهي قضية استيراد الغاز الإيراني بالكامل، فالغاز المستورد من تركمانستان سيكفي لتشغيل كامل المحطات الكهربائية، وبالتالي ربما نرى معرقلات للمشروع من قبل بعض الأطراف السياسية".
وكانت وزارة النفط، أعلنت يوم أمس الخميس، الاتفاق مبدئيا على استيراد الغاز من تركمانستان لتلبية جزء من احتياجات محطات الطاقة الكهربائية، وفق مذكرة تعاون يجري الإعداد لها لهذا الغرض، ومن المؤمل التوقيع عليها قبل نهاية العام الجاري.
يذكر أن وزارة الكهرباء، كشفت في كانون الأول ديسمبر 2022، أن العراق لديه مباحثات مستمرة مع الجانب القطري وتركمانستان لتوريد الغاز بجزئيات محددة لسد النقص الحاصل، لكنه ما زال بحاجة ماسة للغاز الإيراني.
يذكر أن العراق سدد ما بذمته من أموال لإيران عن توريد الغاز له، مع الديون المتراكمة وذلك منتصف العام الماضي وبالتزامن مع إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي.
وأعلنت الحكومة العراقية، في تموز يوليو الماضي، عن توقيع اتفاق مع الجانب الإيراني، بمقايضة الغاز الإيراني المستورد والمشغّل لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية، بالنفط الخام العراقي والنفط الأسود، وذلك بعد مفاوضات استمرت لأيام عدة، فيما وصف البيان الحكومي الاتفاق بأنه جاء لـ"تفادي مشكلات التمويل وتعقيدات العقوبات الأمريكية التي حالت دون استمرارية تسديد متطلبات الاستيرادات".
وخلال الفترة الماضية، ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى 50 مئوية، بدأت الكهرباء بالتراجع وحصول انطفاء تام في عدد من مدن البلاد، مع عدم التزام أصحاب المولدات الأهلية بالتسعيرة وساعات التشغيل المتفق عليها.
من جهته، يبين الخبير في الطاقة والنفط كوفند شيرواني، خلال حديث لـه أن "العراق بحاجة إلى كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لتشغيل المحطات الكهربائية، خاصة في فصل الصيف، وحاليا يتم استيراد الغاز والكهرباء من إيران وبتكلفة عالية جداً، والحل الأفضل كان بزيادة استثمار الغاز الطبيعي في العراق".
ويؤكد شيرواني، أن "خيارات استيراد الغاز المتاحة إما من قطر أو تركمانستان، لكن الحل الأفضل هو التعجيل في استثمار حقول الغاز لدى العراق، وهذا الامر يوفر ملايين الدولارات لخزينة الدولة"، مضيفا "يوجد حل آخر وهو التعاون مع إقليم كردستان، فهناك حقل غاز مستثمر وينتج ما يقارب 400 مليون قدم مكعب في اليوم، ويمكن التنسيق مع أربيل لزيادة الإنتاج واستثماره".
يشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ذكرت أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا الى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فإن هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.
وتنتشر حقول الغاز المصاحب والطبيعي في معظم المحافظات النفطية العراقية، بواقع 70 بالمائة في حقول البصرة (مجنون، حلفاية والرميلة)، 10 بالمائة في حقول كركوك، 20 بالمائة في المناطق الشمالية والغربية في البلاد، وذلك بحسب إحصائية كاملة ضمن ملف الغاز، الذي نُشرت العام الماضي.