09 May
09May

جرى خلال اليومين الماضيين، تفسير مضامين وتوقيتات تتعلق بقرارات المحكمة الاتحادية، وزيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الى إيران، إضافة الى ما ورد من المحكمة أيضا فيما يخص حسم النزاع في مسألة رئاسة البرلمان، ومرورا بالضغط الذي يمارسه الإطار التنسيقي مؤخرا عن طريق امهال الكتل السنية أسبوعا واحدا لتقديم مرشحهم لرئاسة البرلمان، كل هذا جرى تفسيره في سياق التأثيرات والضغوطات السياسية التي يتم ممارستها، لخلق حالة من التوازن أحيانا، ومرات أخرى في إطار ضرب الخصوم السياسيين، وهي لا تبتعد في وجهتها عن التدخلات الخارجية المستمرة بالشأن العراقي.


زيارة من تدبير المالكي
قبل أيام حلقت طائرة رئيس الإقليم صوب إيران، وحملت معها مضامين واضحة وتم تداولها علنا، وأخرى تأتي في إطار المسكوت عنه الذي رسخته العملية السياسية بعد العام 2003، وتأتي الزيارة بحسب مراقبين، بعد زيارات مكوكية لنجيرفان في بغداد، التقى خلالها قيادات الإطار التنسيقي نوري المالكي وحيدر العبادي وعمار الحكيم وكذلك اللقاء برئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ومن ضمن ما تم تداوله في حلقات ضيقة داخل الإطار ان نوري المالكي هو من اتصل بالقيادة الإيرانية ورتب زيارة نيجيرفان بارزاني، وكذلك في بنك المعلومات هذا، ما تم تداوله أيضا، أن الهجوم الذي استهدف حقل كورمور للغاز داخل إقليم كردستان قبل أكثر من أسبوع، شكل تطورا خطيرا بالنسبة للقيادة الكردية، على اعتبار أن هذا الهجوم يستهدف البنى التحتية للطاقة داخل الإقليم، والمتهم فيها جهات مجهولة.


الخميني قائدنا ايضاً
وخلال الأيام الماضية، جرت زيارة رئيس الإقليم نيجيرفان الى إيران، والتقى خلالها بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي الخامنئي ورئيس الجمهورية ابراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين، وعبرت التصريحات خلال هذه الزيارة عن تحولات جوهرية جديدة في العلاقة الشائكة والمعقدة بين الطرفين، لاسيما ما نقله أحد المسؤولين الإيرانيين عن لسان نيجيرفان قوله: ان الإمام الخميني لم يكن زعيم إيران فحسب، بل قائدنا أيضا.
وربما اثمرت زيارة نيجيرفان، لدى المسؤولين الإيرانيين، من خلال الضمانات القوية حول تعاون إقليم كردستان، وانجاح الاتفاقية الأمنية مع العراق، والمتعلقة بنشاط الجماعات الإيرانية في كردستان، إضافة الى ابعاد الاتهامات الإيرانية المستمرة للإقليم بوجود نشاط لإسرائيل داخل كردستان.


حزبا طالباني وبارزاني
وفيما يتعلق بحقيبة الطلبات الكردستانية من إيران، او الخاصة تحديدا بالحزب الديمقراطي الكردستاني، ما يتعلق بانتخابات برلمان الإقليم، والخلافات القوية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين حزب طالباني وحزب مسعود بارزاني، يعتقد مراقبون، ان نيجيرفان طلب من الإيرانيين الضغط على حزب طالباني على اعتبار أن له علاقة وثيقة بالإيرانيين لكي يوافق على تأجيل هذه الانتخابات كما يريد حزب بارزاني.
وبالتزامن مع الزيارة، أصدرت المحكمة الاتحادية في العراق، قرارا بوقف إجراءات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فيما يخص بند محدد في انتخابات الإقليم، وهو ما يتيح تأجيلها في وقت لاحق.
واليوم علقت إجراءاتها الفنية والإدارية والمالية الخاصة بانتخابات برلمان إقليم كردستان لحين حسم دعاوى المحكمة الاتحادية، وهي دعاوى مستمرة بين أطراف الإقليم، بعضها يطالب بإجرائها في موعدها والأخرى تضغط باتجاه التأجيل.


مفاتيح إيرانية للأقفال العراقية
في هذا الشأن قال الكاتب والصحفي فلاح المشعل ان “القراءة الموضوعية ومتابعة الأحداث، تؤكد أن زيارة رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى إيران جاءت بعد أن تعذر عليه إيجاد الحلول الملائمة لحل أزمات الاقليم مع الاحزاب الحاكمة في بغداد، وأهمها موضوع انتخابات الاقليم وقرار المحكمة الاتحادية بشأن ذلك”.
واضاف، أن “توجه بارزاني إلى إيران لاعتقاده بانها تمتلك مفاتيح جميع الأقفال العراقية”، لافتاً الى أن “النتائج جاءت سريعة بعد أن اصدرت المحكمة الاتحادية قرارها الولائي القاضي بتجميد قرارها السابق.. أذن موضوع الانتخابات وتأجيلها وتجميد القرار القضائي السابق كان يحتل أولوية في أسباب الزيارة كما كان متوقعا”.
واوضح المشعل، أن “إيران لا يروق لها بقاء الاقليم على ما هو عليه، إلا في حالة استجابته لوصايتها والاتفاق معها على أمور تؤمن مصالحها وغاياتها السياسية والأمنية والاقتصادية، حيث ثمة اتفاقات قد جرت بهذا الخصوص بين قادة إيران ورئيس الاقليم، وإيران لا تعطي دون أن تأخذ”.
وتابع، أن “نتائج الزيارة حققت لكردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني ما أراد بشأن تأجيل الانتخابات، فيما يبقى ماذا أرادته إيران من اقليم كردستان، وهذا ستكشف عنه الأيام والأحداث المقبلة”.


اجتياح كردستان عسكرياً!
في المقابل، يعتقد استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن المحكمة الاتحادية حتى في تأخرها بإصدار القرارات الحاسمة تعطي مساحة من الوقت للقوى السياسية العراقية، وهي تدرك ان بعض القضايا يتم معالجتها في اطر سياسية، أكثر من اللجوء الى الاطر قانونية”.
وذكر الفيلي، أن “هناك حالة من شبه التوافق بين القرار السياسي والقرار القانوني”، مشيراً الى أن “المحكمة الاتحادية، لا تريد ان يذهب اقليم كردستان بعيدا عن الفيدرالية، على اعتبار ان المحكمة والقوى السياسية لديها مخاوف من ان يتحول النظام الفيدرالي في كردستان إلى نظام كونفدرالي”.
واضاف، أن “اقليم كردستان، من الناحية الجغرافية يعيش أوضاعا معقدة، اذ لا تمنح الدول المجاورة له حقوق مواطنيها من الاكراد، وفي حال استقلاله عن العراق قد تقوم هذه الدول باجتياحه عسكريا، وهذا الموقف يدخل العراق في مأزق وأزمة دولية كبيرة”.
وأشار الفيلي، الى ان “لقاء بارزاني بالمرشد الأعلى وقيادات حرس الثورة والرئيس الإيراني، اعطى انطباعا الى ان هناك مرحلة جديدة يتم تأسيسها، لعلاقة أكثر هدوءا واستقرارا، لاسيما إذا ما علمنا ان نيجيرفان قضى المرحلة الأولى من حياته في إيران وأكمل دراسته في جامعة طهران، أي ان لديه مقاربات مع إيران”، موضحا ان “نيجيرفان يفهم طبيعة السلوك السياسي والمقومات الاجتماعية لصانع القرار السياسي في إيران، واستطاع ان يوصل تطمينات انعكست على المشهد السياسي في العراق.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة