معلومات جديدة تكشف حول الربط السككي مع إيران، وتتمثل بتوقيع حكومة مصطفى الكاظمي على اتفاقية الربط، التي تنص على مد سكة حديد حمولتها خاصة بنقل البضائع وليس المسافرين فقط، حسب ما كشف مستشار سابق، وفيما أشار إلى أن هذا الربط جاء بعد إلغاء قرار تأجيله من قبل رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي، حتى يتم ترسيم الحدود البحرية والبرية، دعا السوداني لاتخاذ إجراءات سريعة لوقف أو تعديل الاتفاقية، إلا أن خبيرا قانونيا رهن إمكانية تعديل الاتفاقية أو تأجيلها بطبيعة بنودها، وما إذا كانت تسمح بذلك أم لا.
ويقول مستشار وزير النقل السابق حسن العبادي، خلال حديث له، إن "قضية الربط السككي مع دول الجوار، سواء إيران أو الكويت، رفضتها كل الحكومات السابقة، حتى يتم ترسيم الحدود البحرية مع إيران".
ويضيف العبادي، أن "وزارة الخارجية أرسلت كتابا عاجلا إلى رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بعنوان خط سكة حديد البصرة الشلامجة بين العراق وإيران، وورد في الكتاب (إشارة لاجتماع الوفد العراقي مع الإيراني الذي عقد في 21 تشرين الثاني 2020، بحضور رئيس الوزراء ووزير النقل ورئيس دائرة الدول المجاورة في وزارة الخارجية، تمخض عنه إلغاء التوجيهات الصادرة من رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي في آب 2019، والمتمثلة بتأجيل عرض مذكرة التفاهم مع إيران بشأن خط سكة الحديد لحين ترسيم الحدود البرية والبحرية".
ويكمل حديثه، أن "وزارة الخارجية طلبت من الكاظمي إجابتها بشكل تحرير، وقد وردت الإجابة فعلا في 27 كانون الأول 2020، وتضمنت التوجيه بالمباشرة بالتفاوض مع الجانب الإيراني وعقد مذكرة تفاهم بين الجانبين وبدء عمل لجان ترسيم الحدود البرية، وهو ما جرى فعلا وباشرت اللجان بترسيم الحدود وتحديد النقطة الصفرية لالتقاء السكتين العراقية والإيرانية".
ويتابع: "بعد ذلك تم عقد الاتفاقية في 12 كانون الثاني 2021، بين وزير النقل العراقي ووقع وكالة عنه الوكيل الفني للوزارة، فيما وقع عن الجانب الإيراني وزير الطرق".
ويكشف أن "الاتفاقية نصت على أن الـ(أكسل لود) وهي تعني الحمولة المحورية للسكك، تكون بقيمة 25 طنا، وهذه الحمولة تستخدم لغرض نقل البضائع، في حين أن قيمة (الاكسل لود) التي تستخدم لنقل المسافرين تكون 14 طنا".
ويلفت إلى أن "الربط السككي، وحسب تأكيد وزير النقل الحالي سيكون مخصصا لنقل المسافرين، ونحن نتمنى هذا، لأنه إذا استخدم لنقل البضائع، فأنه سيسبب ضررا كبيرا للعراق، خاصة قبل إكمال ميناء الفاو، لذا على رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني اتخاذ الإجراء اللازم بهذا الخصوص، وبشكل سريع".
وكان وزير النقل رزاق محيبس، أعلن مطلع الشهر الحالي، عن عقد اتفاق مع الجانب الإيراني على تنفيذ سكة حديد لنقل المسافرين بين مدينتي الشلامجة والبصرة، خلال وجوده في إيران بزيارة رسمية، كما تضمن العقد البدء بعمليات إزالة الألغام المزروعة منذ حرب الثماني سنوات بين البلدين، في المناطق الحدودية، إلى جانب إنشاء جسر متحرك على شط العرب، على أن يجري إنجازه خلال عام ونصف.
وكان رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، أعلن في أيار مايو 2021، عن وصول المفاوضات مع إيران لبناء خط سكة حديد بين البصرة والشلامجة لمراحلها النهائية.
وتسعى إيران إلى إحياء مشروع الربط السككي بين ميناء الإمام الخميني (ماهشهر) والبصرة، بهدف نقل البضائع للعراق عن طريق البر، بدلا من أن يستقبل العراق البواخر ويكون هو الجهة الرئيسة لاستقبالها، الأمر الذي قد يمنع ميناء الفاو الكبير من تحقيق أية نقلة نوعية في الاقتصاد العراقي المعتمد على النفط فقط بشكل رئيس.
ويعد ملف المياه العراقية الدولية، من أهم الملفات التي لم تحسم، فبعد أن أثيرت قبل سنوات قضية "بيع" العراق لخور عبدالله إلى الكويت وجرى اتهام مسؤولين عراقيين بالحصول على رشى كبيرة، يتجدد الحديث الآن حول القناة البحرية، والتي تقع بعد مدخل خورعبدالله، حيث بدأت اجتماعات إيرانية كويتية لترسيمها دون مشاركة العراق.
وكشفت معلومات قبل أيام، عن التفاصيل الكاملة لضياع حقوق العراق بالمساحة المائية الدولية، وتتمثل بعدم ترسيمها من الجانب العراقي لغاية الآن، ما دفع الكويت وإيران إلى البدء بترسيم هذه المنطقة والاستيلاء عليها، وفقدان العراق لحقوقه فيها، خاصة وأنها تبلغ 300 ميل بحري، فضلا عن اقتراب السواحل الإيرانية من الموانئ العراقية، وباتت تبعد 3 أميال بحرية فقط.
إلى ذلك، يوضح الخبير القانوني أمير الدعمي، خلال حديث لـه أن "التعديل ببنود أي اتفاقية، يعود لطبيعة بنود الاتفاقية، فهناك اتفاقية تبرمها حكومة، وتكون قابلة للتعديل من الحكومة التي تليها، وبعضها لا يسمح بذلك حيث تتضمن شروطا جزائية".
ويتابع أن "من الأمثلة، هو توقيع اتفاقية مد أنبوب النفط من البصرة للعقبة، فهذه الاتفاقية وقعت في حكومة نوري المالكي ولغاية الآن، كل حكومة جديدة تبحثها وما زالت غير منفذة لكونها قابلة للمراجعة، لكن بالمقابل هناك اتفاقيات تكون نافذة من تاريخ توقيعها"، مستدركا أن "الإجابة على السؤال تتطلب كشف بنود الاتفاقية".
كما كشفت الصحيفة، قبل أيام، عن تعرض خبراء بترسيم الحدود والبحار لتهديدات كثيرة وصلت للتصفيات الجسدية، ما دفع بعضهم لترك منازلهم ووظائفهم، بفعل إصرارهم على كشف خفايا ما يجري وخاصة عمليات شراء الذمم الجارية بين المسؤولين لصالح دول مجاورة، وخاصة الكويت وإيران.
وبدأ مشروع الربط السككي بين البصرة وإيران، يأخذ صداه في العام 2014، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، حيث طرحت طهران مشروع ربط سككي بين البصرة وميناء الإمام الخميني جنوبي إيران على الخليج العربي، وتضمن المشروع في وقته ربط ميناء الإمام الخميني بمنفذ الشلامجة والبصرة، وصولا إلى ميناء اللاذقية في سوريا، ويبلغ طول الربط السككي من البصرة إلى منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران 32.5 كيلومتر فقط، ومن المفترض أن تستخدم هذه السكة لنقل المسافرين والبضائع.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، سبق وأن أبدى رفضه للربط السككي مع إيران، وأكد قبل توليه منصبه: "لا أجد حاليا أي مصلحة للعراق في أي ربط سككي مع دول الجوار قبل أن ننشئ ميناء الفاو الكبير".
يذكر أن مساعي الربط السككي لم تقتصر على إيران فقط، بل طرحت الكويت مرارا مشروعا مشابها لربط البصرة بميناء مبارك الكويتي عبر خط سكك حديد، تستخدم لنقل البضائع، مستخدمة كل السبل لتنفيذه، ما أثار ردود أفعال شعبية ورسمية رافضة.
وبحسب تقرير مفصل نشر في 25 تموز يوليو 2020، فان ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق آسيا وبين أوروبا، وسيحول العراق إلى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع إلى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن التفاصيل الكاملة للقناة الجافة، التي تربط البصرة بنينوى، وصولا إلى تركيا، وهو ما بحثه السوداني في زيارته إلى تركيا مؤخرا، وكان أبرز ملف شهدته مفاوضاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.