10 Mar
10Mar

بدأت الطاقة الشمسية تأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام الدولي، خاصة وأنها يمكن أن تسهم في تعويض جزء من الطاقة الكهربائية للمنازل والمؤسسات في أوقات الذروة، مع إمكانية تحويلها إلى قطاع منتج يمكنه تخفيف الضغط على مناطق واسعة من البلاد.
ويتجه العراق لتطوير هذا القطاع بشتى الطرق، وكان آخرها إبرام العقود مع شركات كبرى مختصة بهذا المجال، فضلا عن التسهيلات التي قدمها لأجل استخدام وشراء ألواح الطاقة الشمسية، لكن بحسب مختصين، فإن هذا التوجه لن يحل أزمة الكهرباء بشكل كبير، بل سيكون جزءا بسيطا من الأزمة.
ويقول الخبير في الطاقة كوفند شيرواني، خلال حديث لـه إن “توجه العراق لمشاريع الطاقة الشمسية هو أمر في غاية الأهمية لأن الطاقة النظيفة كلفتها قليلة ويمكن الاستفادة من أشعة الشمس المتوافرة بشكل كبير في العراق بحدود 300 يوم من مجموع أيام السنة”.
ويضيف شيرواني، أن “هذا المشروع قد تأخر قليلا، فقد كانت الفكرة البدء بمشروع لمحطة طاقة شمسية تنتج 1000 ميغاواط مع شركة إماراتية، ثم توقف الحديث عن ذلك مع قرب الاتفاق مع شركة آكوا باور السعودية لمشروع بنفس السعة مع وزارة الكهرباء”، مبينا أن “هذه العقود مهمة جدا ومفيدة، وذلك لسرعة تنفيذها مقارنة بالمشاريع الأخرى، ولا تحتاج إلى وقود كبقية محطات الكهرباء في العراق التي تعمل إما بالديزل أو الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أن كلفتها كبيرة وتعد من الملوثات للبيئة”.
ويؤكد أن “العراق ما زال يعتمد بالدرجة الأساس على الوقود الأحفوري لحين اكتمال مشاريع الطاقة النظيفة، فالبنية التحتية في البلاد ما تزال تعتمد على النفط والغاز، لكن التحول للطاقة المتجددة سيكون مفيدا ومتوافقا مع مقررات مؤتمر المناخ الدولي في الإمارات العربية المتحدة، خاصة وأن مقررات مؤتمر المناخ حددت عام 2050 هو العام صفر كربوني، وهذا يعني أن تستعد جميع الدول المنتجة للنفط إلى الاستغناء عنه، وهذا يتطلب خططا مكثفة وجدية وتخصيص موازنات لمواجهة الآثار المترتبة على عمليات حرق الكربون”.
ويوضح الخبير في مجال الطاقة، أن “كلفة إنتاج ميغاواط من الطاقة الشمسية تقل عن كلفة الوقود الأحفوري بمقدار الربع أو الثلث، وهذه المشاريع قد تكون مكلفة في البداية، لأن أغلب المواد والألواح والبطاريات وأنظمة الربط مستوردة، لكن من حسن الحظ أيضا، تخطط وزارة الصناعة اليوم لإنجاز ألواح للطاقة الشمسية في العراق عن طريق دمج شركتي الزوراء والمنصور التي كانت متخصصة بصناعة المعدات الشمسية كالألواح والخلايا”.
ويلفت شيرواني، إلى أن “إنتاج الألواح الشمسية في العراق سيخفض الكلف إلى حد كبير، ويتيح المجال أن تستخدم المنظومة الشمسية حتى في البيوت والمنازل والدوائر، وبالتالي يقل الضغط على الشبكة الوطنية بدرجة كبيرة، ومن المفيد أن نذكر أن مصرف الرافدين أيضا بدأ يقدم سلفا للمواطنين الراغبين بنصب هذه المنظومات في منازلهم”.
وتسعى شركة “توتال إنرجي” الفرنسية للنفط والغاز خلال عامين إلى تسليم الجزء الأول من مشروعها للطاقة الشمسية في العراق الذي تبلغ قدرته الإنتاجية ألف ميغاواط.
وكان وزير الكهرباء زياد علي فاضل، أعلن أواخر الشهر الماضي، عن قرب توقيع عقد إنشاء محطة للطاقة ‏الشمسية بقدرة 1000 ميغاواط في النجف مع شركة أكوا باور السعودية. ‏
كما كان الوزير، قد أكد في شهر كانون الثاني يناير الماضي، على اتخاذ وزارته خطوات فعلية لتنويع مصادر ‏الطاقة في البلاد، ومنها الطاقة الشمسية وتقليل الاعتماد على الغاز المستورد المشغل للمحطات الغازية.
وفي هذا الشأن، يبين مستشار رئيس الحكومة مظهر محمد صالح، خلال حديث لـه أن “العراق هو أحد أكثر البلدان العالم المرشحة لاستخدام الطاقات المتجددة النظيفة لاسيما الطاقة الشمسية بسبب عدد الساعات التي تشرق بها الشمس في العراق، ونحن جزء من سياسة تصفير الكربون والتي يقصد بها أن ما ينبعث من الكربون يجب أن يكون مساويا لما يتم امتصاصه منه”.
ويضيف صالح، أن “العراق أمام منهجين لاستخدام الطاقة أولهما إيقاف حرق الغاز المصاحب للنفط الخام المنتج في غضون العامين المقبلين والتي ستستخدم لتغذية محطات الطاقة الكهربائية وبالتالي يدخل ضمن أنواع الطاقة النظيفة، والثاني تشجيع ربط الشبكة الوطنية والوحدات الفردية بالطاقة النظيفة المنتجة من الطاقة الشمسية وهذه بها مرونة كبيرة للنشاط الاقتصادي الفردي بالقرى والأرياف والوحدات السكنية”.
ويتابع “نحن نحتاج إلى هذا المسار باتجاهين، الأول أن ندخل في عصر الطاقة المتجددة ونحترم اتفاقات تصفير الكربون، والثاني الاستخدام الأمثل للغاز الطبيعي، وهي مسارات متنوعة والعراق يحتاج إلى تطبيق هذه المسارات عبر إنتاج الطاقة واستخدامه”.
ويؤكد أن “المشروع ناجح والبدايات جيدة وأنا أشجع الدخول في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة عن طريق الطاقة الشمسية بأي مشاريع من هذا النوع فهي تزدهر بمرور الزمن إلى إنتاج ضعف الطاقة الكهربائية الحالية ليس لأغراض السكن وأنما لأغراض الإنتاج أيضا، لذلك نحن يجب أن نتسابق في إنتاج الطاقة النظيفة التي تتوافر كل فرص نجاحها”.
ويعاني العراق منذ تسعينيات القرن الماضي من تردي إنتاج الطاقة الكهربائية، وتفاقمت الأزمة بعد العام 2003 جراء قيام القوات الأمريكية بقصف محطات الإنتاج خلال حرب الإطاحة بالنظام السابق، ما أدى إلى انهيار الإنتاج، وعلى الرغم من صرف عشرات المليارات من الدولارات طوال العشرين سنة الماضية إلا أن المشكلة لم يتم حلها بشكل جذري.
بدوره، يبين النائب عن كتلة صادقون، أحمد الموسوي، خلال حديث لـه أن “أزمة الطاقة الكهربائية هي الأهم لدى الحكومة العراقية فإذا ما استطعنا أن نزيد الإنتاج فبالتأكيد ستحل هذه الأزمة، وبالخصوص نحن مقبلون على فصل الصيف الذي تكون فيه الأزمة أكثر ضغطا على الدولة بصورة عامة، لذلك ينبغي أن تكون أكثر جدية في تعاقداتها مع الشركات”.
ويشدد على أنه “ينبغي أن تكون التعاقدات التي تعقدها الحكومات مع الشركات منتجة وليس كما كان في السابق حيث صرفت وزارة الكهرباء مليارات الدولارات ولكن دون جدوى بإنشاء محطات لم يتم استثمارها بالشكل الصحيح”.
ويرى أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتابع هذا الملف ونرى التطور الحاصل فأن وزارة الكهرباء تخطو بخطوات واقعية من أجل حل هذه الأزمة”.
ويرجح الموسوي أن “توجه العراق نحو الطاقة النظيفة يمكن أن يحل جزءا من المشكلة وليس المشكلة برمتها لأن طبيعة النظام والهيكلية الموجودة في وزارة الكهرباء والشبكات الكهربائية ونقل الطاقة كل هذا يحتاج إلى وقت طويل حتى نستطيع التحول من إنتاج الطاقة بالوقود الأحفوري إلى الطاقة الشمسية، واعتقد أن نسبة النجاح لن تكون كبيرة إلا بمرور الزمن ولابد أن تكون هناك حكومات مستقرة في العراق أي أن تكون هناك دولة مستقرة حتى تستطيع التوجه نحو هذا المنحى”.
وكان البنك المركزي العراقي قد كشف في 2 تشرين الثاني نوفمبر 2023، عن عزوف المواطنين عن مبادرته في تقديم قروض لاستخدام الطاقة النظيفة ومنها اقتناء ألواح الطاقة الشمسية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة