أدى الغزو الروسي لأوكرانيا لتغيير العقيدة العسكرية لتايوان استعدادا لأي هجوم مفاجئ من الصين التي طالب بتوحيد الجزيرة مع برها الرئيسي.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، تتجه تايوان لتغيير قواعد الخدمة العسكرية الإلزامية للشباب وتدرس اختبار برنامجا لتجديد المعلومات للجنود الاحتياطيين مدته أسبوعين مع قضاء المزيد من الساعات في التدريبات القتالية.
بالنسبة للكثيرين في تايوان، منحت أوكرانيا دروس في التكتيكات العسكرية والأسلحة التي يمكن أن تبطئ قوة أي غزو صيني محتمل. كما كان تحذيرًا صارخًا من أن الجزيرة قد تكون غير مستعدة بشكل كاف لهجوم واسع النطاق.
وتقول الصحيفة الأميركية إن دفاعات تايوان تفتقر إلى التجهيز والكوادر البشرية. وتعهدت رئيس تايوان، تساي إنغ وين، بالدفاع عن الجزيرة، لكنها كافحت لفرض رؤية استراتيجية جديدة.
وتعيش الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، تحت تهديد الغزو الصيني منذ انفصال الجانبين في نهاية حرب أهلية في 1949. وتعتبر بكين الجزيرة الديمقراطية جزءا من أراضيها يجب أن يعود إليها وبالقوة إذا لزم الأمر.
وتنفق تايوان المليارات على الطائرات المقاتلة والغواصات، ومع ذلك فإن مجنديها بالكاد يحصلون على ما يكفي من الذخيرة للتدريب.
وينظر الكثيرون إلى الخدمة العسكرية الإلزامية على أنها قصيرة جدًا، وبرنامج الاحتياط غير صارم بما فيه الكفاية. ويبني الجيش التايواني قوة محترفة، لكنه كافح لتجنيد والاحتفاظ بالجنود ذوي المهارات العالية.
كان قادة الجزيرة يسعون إلى إنهاء التجنيد الإجباري لصالح قوة محترفة من المتطوعين. وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان إنها حققت أكثر من 95 بالمئة من أهداف التجنيد العام الماضي. لكن الخبراء يقولون إن الإرث الاستبدادي للجيش، إلى جانب الأجور المنخفضة نسبيا، جعل من الصعب جذب المجندين المهرة.
"رأس حربة"قبل ثلاثة عقود، كان على المجندين أن يتدربوا لمدة تصل إلى ثلاث سنوات وأن يركضوا حوالي ثلاثة أميال في اليوم. في المقابل، يخدم المجندون الآن لمدة أربعة أشهر فقط ويركضون أقل من ميلين في اليوم إن وجد ذلك، وفقا للخبراء والمتدربين الجدد.
وتدرس إدارة الرئيسة تساي تمديد فترة الخدمة العسكرية من أربعة أشهر إلى عام واحد مع زيادة وتيرة التدريب للقوات الاحتياطية.
وقال داني شي، طالب في أكاديمية عسكرية يبلغ من العمر 21 عامًا، "كشخص تايواني، أعتقد أننا يجب أن نكون أكثر جدية في الاستعداد للحرب".
وتعكس التعديلات الجديدة تغييرًا حادًا في مواقف تايوان، حيث كان الكثيرون غير مبالين منذ فترة طويلة بتقدم الصين، أو استسلموا للهزيمة أو أن البعض متفائلين بشكل أعمى بشأن الدعم من الولايات المتحدة.
وسعت تساي إلى الاستفادة من الصراع في أوكرانيا لدفع أجندتها. وعملت على تعيين فريق من الخبراء لدراسة استراتيجية أوكرانيا.
لكن الدفع باتجاه هذه التغييرات يحتمل ألا تحظى بشعبية، لا سيما الإنفاق العسكري الذي يزيد حاليا عن 2 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لتايوان.
وقال الأستاذ بمعهد الشؤون الدولية والدراسات الاستراتيجية بجامعة تامكانغ، ألكسندر هوانغ، "لا يمكننا أن ننظر إلى معاناة الشعب الأوكراني على أنها أخبار فقط. يجب أن يكون درسًا نتعلمه".
واشترت تساي صواريخ هاربون وأسلحة أخرى تماشياً مع التحول الاستراتيجي، لكنها تواجه مقاومة من بعض القادة العسكريين الذين يجادلون بأن الأسلحة الصغيرة ليست مفيدة للوقوف في وجه الصين.
ويقول القادة العسكريون إن الصواريخ بعيدة المدى القادرة على ضرب البر الرئيسي قد تردع بكين.
من جانبه، قال إينوك وو، مؤسس "فورورد آليانس"، وهي مجموعة غير حكومية تعقد ورش عمل للدفاع المدني، إن القوة المدنية المدربة يمكن أن تكون "رأس الحربة" في الدفاع عن تايوان.
وأضاف: "هذا ما سوف يصنع تايوان أو يكسرها".