تشهد محافظة الديوانية منذ سنوات قريبة انتشارا كبيرا لتربية الكلاب بأنواعها ومختلف استخداماتها، ثم تطور هذا الأمر لإدخال تلك الحيوانات في استعراضات بهلوانية لتكتسب الخبرات والاختصاصات في أعمال معينة بعد سلسلة تدريبات على أيدي المختصين، فيما ينقسم وجودها بين أهداف التسلية من جهة، والتجارة لتحقيق فائدة مالية من جهة أخرى.
ويقول عضو رابطة مربي الحيوانات الأليفة في الديوانية، وأحد مربي الكلاب، عبد الله عباس (19 عاما)، خلال حديث له إن “هواية تربية الكلاب بدأت بالرواج في المحافظة بين عامي 2015 و2016 لتزداد بعد ذلك بشكل متسارع لغاية العام 2019 وتظهر بعدها تجمعات لتدريب الكلاب وتقديم الإرشادات للمربين والهواة في يوم الجمعة تحديدا كعطلة أسبوعية”.
ويضيف أن “فئة الشباب هي التي بدأت بشراء كلاب الزينة، ثم التدرج إلى ما هو أكبر مثل نوع الجيرمن الألماني، وكلاب المالينو البلجيكية والهاسكي وغيرها”.
ويتابع “الاستعراضات أصبحت معروفة بعد ذلك حيث يتجمع كل مربي الكلاب في حديقة عامة أو ملعب خماسي ليشاركوا في الفعاليات التدريبية، ثم جرى تأسيس رابطة مربي الحيوانات الأليفة، وبدأت استعراضات الكلاب بمختلف أنواعها”.
ويبين عباس، أن “الاستعراض هدفه تدريب الكلب على فهم الأوامر وتنفيذها سواء لأغراض التربية داخل المنزل، أو الحراسة، أو الصيد، أو الشراسة، أو تنفيذ أوامر الاعتقال بالنسبة للجهات الأمنية، أو تقفي الأثر في الجرائم، واكتشاف المواد المحظورة”.
وحول أسعار الكلاب في الديوانية، يوضح عباس “كلاب الزينة ذات السلالة العراقية تبدأ أسعارها من 100 ألف دينار، وصولا إلى 200 دولار للواحد، باستثناء نوع الميني بوميرانيان، وهي صغيرة الحجم وتعتبر أغلى أنواع الزينة ويصل سعره إلى 800 دولار”.
ويلفت إلى أن “نوع الجيرمن الذي يستورد من خارج العراق تتراوح أسعاره من 1000 لغاية 3000 آلاف دولار، لكن الموجود داخل الديوانية يباع بأسعار تصل إلى 800 ألف دينار وربما أكثر بحسب مواصفاته وتدريبه”.
ويردف أن “نوع المالينو هو أكثر الأنواع رغبة بالشراء لأن له عدة استخدامات يمكن الاستفادة منها في الحراسة والشراسة والصيد وأرخص سعر له في الديوانية 500 ألف دينار ويصل إلى مليون دينار حسب سلالته، أما إذا تم استيراده من الخارج فيصل سعره إلى 2000 دولار”.
ويؤكد أن “استعراض الكلاب سواء من قبل المربين أو الهواة أو المدربين ربما يكون لأهداف تجارية بحتة وتحقيق منفعة مادية من خلال جعل الراغبين بالشراء يشاهدون مواهب هذا الكلب من أي نوع كان، وقد تكون بأهداف جعله يكتسب خبرة من الاختلاط بالأنواع الأخرى والتعرض لتدريبات مختلفة أمام الجميع”.
ويشير عباس إلى أن “هناك عوائل تحب تربية الكلاب أيضا في منازلها ويخرجون للنزهة معها والاستمتاع باللعب، كما يوجد من يحبون التدريب فقط مقابل مبلغ مالي أو لغرض الاستعراض وإبراز مواهبهم في إخضاع هذه الحيوانات للأوامر ودفعها للتزاوج ربما لتنتج سلالة متواصلة بصفات قوية وممتازة”.
وينبه إلى أن “المربين والمدربين في العراق أصبحوا ينافسون الدول الأوروبية حيث يقومون بمزاوجات بين سلالات مختلفة لإنتاج سلالات جديدة”.
ويختم حديثه “هناك عيادات بيطرية خاصة بالعناية بالكلاب ومنحها اللقاحات، إضافة إلى وجود حمامات لغسلها وتنظيفها، كما توفر هذه العيادات الأطعمة ايضا والمستلزمات الطبية كافة، فضلا عن منح الكلاب العناية اللازمة في كل وقت”.
يشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بشكل عام أصبحت بيئة مناسبة للترويج عن بيع الكلاب بأنواعها، حيث تنشر المحال المختصة بهذا المجال كل ما هو جديد من استيراداتها وبمواصفات مختلفة وأحجام متعددة، كما وتعلن عن أسعار بعضها يكون معقول أو مبالغ به بالنسبة لأنواع معينة يقبل عليها القليل من الأشخاص.
وفي السياق، يرى رئيس نقابة الأطباء البيطريين في الديوانية، محمود الشمري، خلال حديث لـه أن “رواج تجارة أو تربية الكلاب في المحافظة أصبحت أمرا طبيعيا ولأغراض متعددة أبرزها رغبة الأشخاص في وجودها بالمنازل، أو استخدامها لغرض الحراسات والصيد”.
ويشرح أن “النقابة معنية بمنح الموافقات لفتح المحال التجارية لبيع الكلاب أو العيادات البيطرية، فضلا عن القيام بجولات تفتيشية لمراقبة الالتزام بالشروط الصحية”.
ويشير إلى أن “النقابة معنية بوضع ضوابط استيراد هذه الكلاب بسلالاتها المختلفة من البلدان الأوروبية والأفريقية والعربية أيضا، حيث يتم فحصها في المطارات والمنافذ الحدودية والتأكد من سلامتها، أما إذا كانت مصابة بفيروس ما فيتم حجرها في محاجر خاصة موجودة بكل منفذ أو مطار لحين اتخاذ الإجراء بشأنها”.
وينفي الشمري “وجود حظر للاستيراد بشكل مطلق إلا من إسرائيل، أما بقية الدول فيكون حظر بعضها بناء على ظهور مرض أو انتشار فيروس في دولة ما فيتم إيقاف الاستيراد لفترة معينة لحين انتهاء الخطر، والكلاب بشكل عام تعتبر حاضنة للفيروسات الخطيرة والبيسطة أيضا وأبرزها الهربس الذي يمثل أخطر أنواع الفيروسات التي تصيبها بالعادة وهي تقوم بنقله إلى الأشخاص أو الحيوانات الإخرى بعد فترة اكتماله داخل جسدها”.
ويحذر الشمري “إدخال الكلاب إلى المنازل وملامستها مباشرة من قبل الإنسان أمرا لا ننصح به لأن الأطفال خصوصا لديهم ضعف في المناعة ما يجعلهم عرضة للأمراض بشكل كبير”.
ويلزم قانون الصحة الحيوانية الذي صدر عام 2012 في العراق، السلطة الإدارية والجهات المختصة بتحديد أسواق وساحات بيع وشراء الحيوانات الحية بمختلف أنواعها في كل محافظة مع مراعاة أحكام هذا القانون والمحددات البيئية، كما ويمنع نقل ومرور الحيوانات ومنتجاتها ومخلفاتها بين المحافظات إلا إذا كانت مصحوبة بشهادة صحية بيطرية تؤكد خلوها من الأمراض المعدية أو الوبائية وبخلافه يتم حجزها فورا.
ووفقا للمادة 25 من القانون ذاته يجب على أصحاب الكلاب والقطط الالتزام بربطها بقيد وتحرير أسمائهم وعناوينهم في رباطها وتقوم السلطة الصحية البيطرية بقتل أو حجز السائبة منها التي ليس لها كمام دون تعويض، كما ويجب تسجيلها لدى السلطة الصحية البيطرية لغرض الحصول على شهادة صحية بيطرية لها تسمح لهم بإيوائها داخل منازلهم أو محالهم، إضافة لأهمية التلقيح ضد الأمراض الوبائية والمشتركة بين الإنسان والحيوان.
من جهته، يقول مدير عام دائرة الثروة الحيوانية، في وزارة الزراعة، وليد محمد رزوقي، خلال حديث لـه إنه “تم منح 650 موافقة استيراد لكلاب الزينة في العام 2022، و200 موافقة في العام 2023، و25 موافقة في العام 2024”.
ويضيف “جرى منح 80 موافقة مناصفة بين عامي 2022 و2023 لاستيراد كلاب الحراسة، أما بالنسبة للشروط الصحية والوبائية والمناشئ المسموح بها فهو من اختصاص دائرة البيطرة”.
ويوضح رزوقي، أن “كلاب الزينة يتم استيرادها إلى العراق من سوريا، وكلاب الحراسة تكون من بلغاريا وهي من فصيله K9 لصالح وزارة الداخلية والشركات الأمنية، وكلاب الصيد والتي تستخدم للسباقات الرياضية تكون حيوانات مصاحبة مع الوافدين للعراق أحيانا ويتم تكاثرها”.
وحول الشروط الواجب توفرها لاستيراد هذه الكلاب، حددها المديرعام للدائرة بـ”الشهادات الصحية المرافقة وتدقيقها من قبل المحاجر البيطرية في المنافذ الحدودية والمطارات”.
يذكر أن عمليات بيع الحيوانات وأبرزها الكلاب والقطط شهدت حركة نشطة بعد توقفها لفترة نتيجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا بين عامي 2019 و 2021 ما أسفر عن افتتاح العديد من عيادات البيطرة بمختلف المحافظات العراقية للعناية بها، فيما يحذر مختصون من خطورة الجهل في تربيتها لما له من نتائج صحية خطيرة على الأفراد.