16 Aug
16Aug

تحافظ معدلات الطلاق في العراق على ارتفاعها غير المسبوق، وفقا لإحصائية النصف الأول من العام الحالي، والتي سجلت أكثر من 36 ألف حالة في عموم البلاد عدا إقليم كردستان، ما قابله تباين في التفسيرات بين المختصين، ففيما عزا البعض تلك الظاهرة إلى تردي الظرف الاقتصادي للعوائل، أرجعها آخرون للزواج المبكر، والتباين في المستوى الثقافي بين الأزواج، وتعاطي المخدرات، وسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقول مدير مكتب حقوق الإنسان في ذي قار داخل عبد الحسين، خلال حديث لـه إن "الإحصائيات والزيارات الميدانية للحالات التي يتم تسجيلها تثير العديد من التساؤلات والاستفسارات حول حجم هذه الظاهرة، ولعل أبرز هذه الحالات هو الزواج المبكر، وغير المدروس، والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين الزوجين الذي يدفعهم إلى التخاصم والمشاكل ومن ثم الطلاق".

ووفقا للبيانات الشهرية التي يصدرها مجلس القضاء الأعلى العراقي فإن حالات الطلاق في 16 محكمة استئناف بلغت 36251 حالة في غضون الأشهر الستة الأولى من العام 2023 أي 199 حالة يوميا.

ويضيف عبد الحسين، أن "أغلب حالات الانفصال تحصل بين شريحة الشباب، وهذا مؤشر خطير لتفكك الأسرة وسبب رئيس في خلق الجرائم، تصل إلى القتل بين الأزواج"، لافتا إلى أن "هذا الملف يستدعي وضعه على طاولة نقاش جاد من الجهات المعنية والتشارك في إمكانية الحد منها عبر دورات وورش تثقيفية بمشاركة منظمات المجتمع المدني لزيادة المستوى الفكري لدى الأزواج، فضلا عن دور المؤسسات الأكاديمية من الجامعات، لأنه إذا ما استمرت هذه الحال ستكون النتائج مرعبة".

وكان شهر أيار مايو الماضي، هو الأعلى من بين أشهر النصف الأول من العام في حالات الطلاق، إذ سجل 6728 حالة، ويأتي بعده آذار مارس الذي شهد 6518 حالة، ومن ثم كانون الثاني إذ بلغ 6335 حالة طلاق.

من جهته، يقول المحامي حسين الخاقاني، خلال حديث لـه إن "سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كان لها الأثر البالغ في تفكيك الأسرة العراقية، فضلا عن البناء غير الصحيح للعائلة من ناحية الزواج من دون معايير صحيحة، فتارة تكون الزوجة حاصلة على شهادة أكاديمية، والزوج لا يملك شهادة دراسية، وهذا ما يخلق فوارق بين الاثنين وتنتهي العلاقة إلى التفريق".

ويشير الخاقاني أيضاً، إلى أن "الظروف السياسية في البلاد، وهي واحدة من أهم أسباب تفشي حالات الطلاق في البلاد، إذ أن هذه الأوضاع تشعر الزوج بعدم الاستقرار والطمأنينة للظروف المحيطة به".

وسجل العام الماضي، نحو 70 ألف حالة طلاق في المحاكم، بمعدل وسطي يبلغ قرابة 200 حالة يوميا، بحسب إحصائية للقضاء.

وتفاقمت حالات تزويج القاصرات وفقا لمسؤولين في وزارة الداخلية، إلى نحو 50 بالمئة عما كانت عليه عام 2011، ما نجم عنه ارتفاع حالات الطلاق والعنف الأسري وزيادة معدلات الانتحار.

وينشر مجلس القضاء الأعلى شهريا أعداد الطلاق، لكن لا تشمل تلك الإحصائيات حالات الطلاق المسجلة في محاكم إقليم كردستان العراق، مما يعني أن الرقم أكبر بكثير عند احتساب كافة الحالات في العراق ككل.

إلى ذلك، يرى مسؤول منظمة التواصل والإخاء الإنسانية علي الناشي، خلال حديثه لـه أن "تسجيل هذا العدد من حالات الطلاق هو تهديد للسلم المجتمعي، والخطوة الأولى نحو تفكيك الأسرة، وقد تنتشر هذه العدوى كالمرض، واعتقد أن لظاهرة تعاطي المخدرات أثرا في هذا".

ويطرح الناشي، حلولا لتزايد حالات الطلاق في البلاد تتمثل بـ"تخصيص باحثين اجتماعيين يمتلكون المعرفة في هذا الملف، يقومون بدراسة شخصية الزوجين قبل الزواج وبعده لتقريب الآراء والأفكار، فضلا عن أهمية نشر ثقافة التسامح والتقارب، وإلا فالأمر سيقودنا إلى أضرار طويلة الأمد يمتد أثرها إلى الأطفال".

وكان المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق حذر العام الماضي، من خطورة تدهور الوضع الاقتصادي والذي بدوره أثر بشكل كبير ومباشر في ازدياد نسب الطلاق بشكل غير مسبوق، مؤكدا أن "العامل الاقتصادي يشكل ما نسبته قرابة الخمسين بالمئة من حالات الطلاق وأخرى بسبب زواج القاصرات والتعامل السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي وبدورنا نطالب الحكومة إيجاد الحلول المناسبة للحد من هذه الظاهرة".

وبحسب نتائج المسح الوطني للمرأة العراقية، الذي تم تنفيذه بالشراكة مع الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط الاتحادية وهيئة إحصاء إقليم كردستان، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان مكتب العراق للعام 2021، بلغت نسبة النساء اللواتي تزوجن قبل بلوغهن سن الـ18 عاما 25.5 بالمئة، بينما أظهرت نتائج المسح أن نسبة المؤشر نفسه في كردستان بلغت 22.6 بالمئة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة