10 Jun
10Jun

أثار استهداف المطاعم والوكالات البارزة من الشركات الأجنبية في بغداد قبل أيام، ردود أفعال رافضة وسخطا شعبيا، بسبب انعكاس تلك الأحداث على العاصمة، في وقت، كشف مصدر مطلع، عن وقوف أطراف سياسية غير مشاركة في الحكومة، وراء تلك الهجمات، متحدثا عن سعي الإطار التنسيقي لتهدئتها عبر رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.
وفيما يسمي مراقبون تلك الاستهدافات بالمقاطعة “العرجاء”، يضع قيادي في عصائب أهل الحق، تبريرا لمهاجمة تلك المطاعم تحت حجة “دعم الكيان الصهيوني”، في وقت تشدد فيه القوات الأمنية الإجراءات على شوارع العاصمة، وهو ما انتقده خبراء ومواطنون.
وتعرضت بعض المطاعم والماركات الأمريكية في وقت سابق إلى هجوم من قبل محتجين رافضين وجود تلك الشركات داخل العراق بسبب موقف واشنطن من الحرب على غزة، فيما قاموا بتكسير المحال وإغلاقها بعد ان تدخلت القوات الأمنية لتعيد افتتاحها والسيطرة على الأمر.
ويقول مصدر سياسي مطلع، خلال حديث لـه إن “الهجمات الأخيرة على المصالح الأمريكية تقودها أطراف غير مشتركة في حكومة السوداني، وأعلنت عن نفسها كمعارضة خارج الإطار التنسيقي، وحتى خارج ائتلاف إدارة الدولة، وهي لديها جماعات مسلحة ضمن فصائل المقاومة بشكل عام، لكنها لا تريد الانصياع للتوجهات الحكومية الرامية للتهدئة مع الجانب الأمريكي بما يخص التواجد العسكري الأجنبي، وحتى الموقف من القضية الفلسطينية المكتفي بالبيانات الاستنكارية”.
رسائل خاصة
ويضيف المصدر، أن “الأطراف السياسية داخل الإطار التنسيقي دعت برسائل خاصة بينها إلى ضرورة وجود طرف فاعل يمكنه التأثير على تلك الأطراف التي تقود الهجمات على المصالح الأمريكية لأن ذلك سيجعل المواقف متضاربة أمام المفاوضات الجارية والتي تعتبرها حكومة السوداني أكبر إنجازاتها فيما لو تحققت بوضع جدولة زمنية لخروج القوات العسكرية الأجنبية والاكتفاء بالتدريب”.
ويؤكد أن “مهمة التهدئة قد تبناها رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم وهو يخوض جولة مكوكية على الأطراف الفاعلة في هيكل فصائل المقاومة الإسلامية، والحكيم هو أجدر من يمكنه لعب دور التهدئة وإقناع الأطراف المستهدفة للمصالح الأمريكية بضرورة منح الحكومة فرصة جادة لرسم خارطة أمنية واضحة للبلد من خلال المفاوضات مع الأميركان”.
ويلفت المصدر إلى أن “رئيس تيار الحكمة التقى بزعامات من فصائل المقاومة أبرزهم الأمين العام حركة النجباء أكرم الكعبي وعدة شخصيات من كتائب حزب الله العراقي للتباحث في هذا الأمر”.
ويرجح أن “تفضي الأيام المقبلة إلى إيقاف استهداف المصالح الأمريكية، انطلاقا من احترام مصلحة العراق العليا التي تقودها الزعامات السياسية والحكومة، ولا يمكن المجازفة بالملف الأمني للعراق من خلال هذه التصرفات الفردية وخاصة في بغداد التي تعتبر مصدر القرار العراقي”.
التعامل بحزم
وينبه المصدر، إلى أن “التوجيهات الحكومية صدرت وبشكل صارم في التعامل بقوة مع أي تجدد لمثل هكذا هجمات من أجل ردع القائمين بها، وخاصة بعد عمليات ملاحقة المنفذين واعتقالهم وفقا لأوامر قضائية”.
وفي الرابع من حزيران يونيو الجاري، أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على متهمين بمهاجمة المطاعم في العاصمة بغداد وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، معربة عن أسفها لانتماء بعض المتهمين إلى جهاز أمني وقيامهم بتلك الأعمال “التخريبية” بحجة استهداف المصالح الأمريكية.
من جانبه، يرى القيادي في حركة عصائب أهل الحق، علي الفتلاوي، خلال حديث لـه، أن “الهجمات على المصالح الأمريكية تكشف عن رغبة شعبية بعدم تواجد شركات وشخصيات داعمة للكيان الصهيوني، والشعب العراقي عبر عن رغبته بمقاطعة المنتجات الأمريكية والشركات الداعمة للاحتلال الصهيوني وذلك كله من أجل دعم الشعب الفلسطيني وما يجري عليه من اعتداءات”.
ويبين أن “الاستثمار في العراق مشرع وفقا للقوانين، لصالح الجهات التي تحمل سيرة حسنة وخبرات ليس عليها شائبة، ولكن بالوقت نفسه لا يمكن السماح لشركات ومصالح أمريكية لديها دعم للاحتلال الإسرائيلي وتتبع حكوماتها بكل القرارات، فالعراق ليس بحاجة لشركات أمريكية من هذا النوع، ويمكن السماح للاستثمار بصورة رسمية ووفق إجراءات رصينة وإجازات رسمية تتابعها الحكومة وتتقصى خلفياتها”.
بقايا احتلال
ويشدد الفتلاوي، على أن “هذه الشركات تمثل بقايا الاحتلال الأمريكي في العراق أيضا، ما يستدعي ضرورة فرض إجراءات موازية لمطالب إخراج القوات الأمريكية واستمرار إدانة الإجراء الأمريكي والصهيوني في فلسطين، كالخروج بتظاهرات والتنديد وغلق الوكالات الأمريكية التجارية هي رغبات شعبية بحتة”.
ويدعي المهاجمون أن هجماتهم تأتي تعبيرا عن الغضب من الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل في حربها على غزة، حيث تشهد بلدان عدة حملات مقاطعة واسعة للمنشآت الغربية، لا سيما الأمريكية.
يشار إلى أن الهجمات الأخيرة للجماعات المسلحة قد تزامنت مع بيان للمسؤول في كتائب حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، والذي دعا فيه إلى مهاجمة ما وصفه بـ”توابع الاحتلال”، كما دعا الأجهزة الأمنية إلى مساعدة المجاميع.
بدوره، يحذر المحلل السياسي، غالب الدعمي، خلال حديث لـه، من أن “الهجمات ضربت مصالح عراقية قبل أن تكون أمريكية لأن من يديرها هم شخصيات عراقية وتستثمر في العراق بعد قيامها بشراء إجازة من الوكالة الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية لتكون فرعا لها في بغداد، وأموال هذه المصالح عراقية وموظفوها جميعهم من الجنسية العراقية”.
مقاطعة عرجاء
ويردف الدعمي، أن “الجهات المهاجمة إذا أرادت مقاطعة المنتجات الأمريكية فالأمر لا يتوقف على الكنتاكي بل يجب مقاطعة السيارات والموبايلات والطائرات وغيرها، لكن المهاجمة والتخريب للمطاعم والشركات فقط بهكذا طرق تخريبية، هي مقاطعة عرجاء وردة الفعل من المواطنين عامة أوضحت مدى الاستياء منها”.
ويعتبر الدعمي أن “هدف الهجمات هو بيان موقف معارض من الجهات المنفذة لسياسة الحكومة في ملف التواجد الأمريكي والضغط عليها لاتخاذ خطوات أكثر جدية”.
وأدانت السفيرة الأمريكية إلينا رومانسكي، تلك الهجمات، داعية الحكومة العراقية إلى إجراء تحقيق شامل، وتقديم المسؤولين عن الهجمات إلى العدالة، ومنع أي هجمات مستقبلية.
وعلى خلفية هذه التطورات، شهدت العاصمة بغداد انتشارا غير مسبوق بالنسبة للقطعات الأمنية وتحديداً في المناطق التي تضمّ مطاعم أو وكالات تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، في مناطق الكرادة والجادرية وشارع فلسطين وحي الجامعة إضافة إلى العرصات.
وعن هذا الأمر، يؤكد النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي خلال حديث لـه إن “القوات الأمنية تمسك الأرض في حالة وجود خرق أمني، وهذا الانتشار الذي تشهده بغداد جاء بعد حادثة المطاعم التي تعرضت للهجوم، فلا سبيل غير مسك الأرض والتصدي لحالات الخروج عن القانون والنظام العام”.
مسك الأرض
ويضيف الحمامي، أن “كل مجتمع له ثقافة خاصة، والمتجاوزون على القانون والإرهابيون لا يتأثرون بإجراءات نصب الكاميرات والمعلومات الاستخبارية، فبعد تنفيذ الجريمة لا تنفع الكاميرات أو أي إجراء آخر خاصة وان هؤلاء قد يحتمون بجهة ما”.
من جهته، يشير الخبير الأمني عقيل الطائي، خلال حديث لـه إن “الانتشار العسكري داخل بغداد يثير قلق المواطن، وهذا الروتين والأداء النمطي يدل على عدم امتلاك الدولة المعلومة الدقيقة أو استخدام الأجهزة الحديثة والمتطورة”.
ويضيف الطائي أن “هذه الإجراءات إجهاد للمنتسبين وإرباك للوضع الداخلي في العراق، كما أن حماية المطاعم والشركات لا يجب ان تتم وفق هذه الطريقة، بل يجب أن تستند إلى خطط منظمة ومحكمة”.
ويتابع أن “التضامن مع الشعب الفلسطيني والمقاطعة حق مشروع وأمر طبيعي لكن على الحكومة أن تقرأ الشارع وردود الأفعال التي قد تحصل وما قد ينتج عنها من إثارة حفيظة الشارع والمواطن”.
ولاقت هذه الخطوات ردود أفعال عكسية في الشارع العراقي خاصة وان بغداد تشهد ازدحامات كبيرة ما يصعب من تحرك المواطنين خاصة في منطقة الكرادة والجادرية وحي الجامعة اضافة إلى شارع فلسطين المنطقة شبه المغلقة بسبب المرابطات والمفارز الأمنية المتواجدة بالقرب من مطاعم وشركات أمريكية.
عسكرة مجددا
ويتحدث سداد الجبوري (38 عاما)، عن أن “رؤية هذه القطعات العسكرية في شوارع بغداد تذكرنا بأوقات عصيبة مر بها كل عراقي خلال سنوات الطائفية والقتل الذي كان يسود شوارع البلد”.
ويرى الجبوري، أن “مثل هكذا ردود أفعال حكومية قد تزيد الطين بلة وينتج عنها تصعيد خطير من قبل المواطنين رفضا لعسكرة المدن والعودة إلى المربع الأول في ما يخص الوضع الأمني المتوتر خاصة وأننا نعيش استقرارا امنيا وسياسيا شبه جيد”.
ويطالب الحكومة بـ”أن تتعامل مثل هكذا قضايا بشكل ذكي وان لا تستفز المواطن وعدم إشعاره بحالة أمنية غير مستقرة ومريبة وكأنّها تحضر لانقلاب عسكري أو حدث امنّي كبير”.
ويوضح أن “هذه التصرفات ترسل ردود أفعال سلبية، ليس داخليا فقط بل تنعكس حتى على الاستثمار، وان الشركات قد ترى في العراق بيئة غير مستقرة وطاردة للمشاريع الاستثمارية”.
وسجلت عموم مناطق العاصمة بغداد ليل الخميس الماضي انتشارا أمنيا غير مسبوق من خلال إعادة الحواجز الأمنية المتنقلة، وإجراء عمليات تفتيش للسيارات والمارة في عموم مناطق العاصمة ما تسبب بحالة إرباك في حركة السير والمرور وانزعاج بين المواطنين.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة