18 Jul
18Jul

بعد توقف دام خمسة أشهر، عادت القواعد الأمريكية وفي مقدمتها “عين الأسد” إلى الاستهداف بطائرتين مسيرة، وهو تطور عده مراقبون جديدا ومتزامنا مع مقدم السفيرة الأمريكية الجديدة وحمى الانتخابات في واشنطن وتصاعد الحرب في غزة وجنوب لبنان، في محاولة من الفصائل الموالية لإيران لـ”جس النبض” واختبار ردة فعل واشنطن مع هذه التطورات.
ويقول المحلل السياسي مجاشع التميمي، خلال حديث له، إن “استهداف قاعدة عين الأسد التي تضم قوات التحالف الدولي قد تكون ردة فعل لمحور المقاومة الذي تتزعمه إيران على ما يحصل من تصعيد كبير وخطير في قطاع غزة وجنوب لبنان، لكن لا أحد يمكن أن يجزم أن الحدث تم بتوجيه من طهران كما أنه من الصعوبة التأكيد على أن مثل هكذا حدث يتم من قبل فصائل عراقية دون قرار إيراني في النهاية”.
ويضيف أن “عملية الاستهداف تمت قبيل بدء المشاورات العراقية مع التحالف الدولي لتحديد موعد زمني لإنهاء تواجد قوات التحالف في العراق كما أنها جاءت بعد تصريحات لقيادات سياسية عراقية ضد الوجود الأجنبي، رغم قانونية وجوده وبقبول عراقي”.
ويشير إلى أن “هذه العملية إنذار مزعج بالنسبة للحكومة العراقية التي تريد تهدئة الأوضاع في العراق خاصة مع تفكك واضح في الائتلاف الحاكم حيث مارست بعض القوى السياسية ضغطا كبيرا على الحكومة ورئيسها محمد شياع السوداني”.
وعن الرد المقابل، يتوقع التميمي أن “الجانب الأمريكي سيحافظ على الهدوء مادامت العملية لم تسفر عن خسائر في الأرواح، لأن واشنطن لا تريد التصعيد مع إيران في هذه الظروف وتريد حصر المعركة في قطاع غزة، ‏وحتى إيران التي تنتظر منح الثقة لحكومة إصلاحية لا تريد مزيدا من التصعيد وتحويل الصراع في المنطقة، لذلك اعتقد أن الأوضاع لن تذهب إلى تصعيد أكبر والهدنة ستستمر لأن طهران وواشنطن لا تريدان التصعيد وكلاهما يريد وضع حد للحرب في غزة”.
وأكدت وسائل إعلام، أن طائرتين مسيرتين ملغومتين استهدفتا أمس الأول، قاعدة عين الأسد الجوية في العراق، والتي تستضيف قوات أميركية، في هجوم هو الأول على القوات الأميركية في العراق منذ أوائل شباط فبراير، عندما أوقفت الفصائل العراقية هجماتها.
ويأتي الهجوم قبل أقل من أسبوع من زيارة متوقعة لوفد عسكري عراقي رفيع المستوى إلى واشنطن لمواصلة المحادثات بشأن إنهاء التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في البلاد.
من جهته، يذكر الخبير الأمني علاء النشوع، خلال حديث لـه، أن “قيام الفصائل المسلحة الموالية لإيران بالعودة إلى الصراع المباشر مع القوات الأمريكية في العراق بعد هدنة استمرت لأشهر، له أسباب كثيرة منها؛ عسكرية، حيث تعتبر الفصائل قاعدة عين الأسد موقعا استخباريا مهما يمنح القدرة على معرفة كل التحركات التي تقوم بها هذه الفصائل في العراق وسوريا”.
ويضيف النشوع: “كما أن لهذه القاعدة جهدا عسكريا كبيرا لما تحتويه من طائرات استراتيجية مهمة تعد الأقوى، ومنها طائرات   F35 وF22 التي لا تتواجد إلا في قواعد أمريكية ذات أهمية استراتيجية”.
 أما الأسباب السياسية، فيرجع النشوع عودة الاستهداف إلى “انتهاء أعمال السفيرة الأمريكية رومانسكي، ومجيء السفيرة الجديدة تريسي جاكوبسون التي أدلت بتصريحات مهمة ومنها إنهاء دور المليشيات في العراق بالقوة العسكرية ومواجهتها وضرب أي دولة تتدخل في الشأن العراقي”.
ويعتقد النشوع، أن “ما أقدمت عليه الفصائل هو لجس النبض أولا ومن ثم معرفة رد الفعل الأمريكي في ظل المعركة الانتخابية التي يخوضها الديمقراطيون ضد الجمهوريين في واشنطن”، موضحا أن “الفصائل بعد هذا التعرض ستنتظر الأوامر أولا، ثم تبدّا مرحلة القيام بهجمات جديدة وخاصة أن أي رد أمريكي غير محتمل حتى الآن”.
ومنذ شباط فبراير الماضي، توقفت عمليات الفصائل المسلحة ضد القوات الأمريكية، ضمن هدنة أعلنتها بعض الفصائل، لكن تلك الهدنة التي انتهت في أيار مايو الماضي، جرى تمديدها بضغط من الحكومتين العراقية والإيرانية بحسب مصادر عدة تحدثت لـه الشهر الماضي.
يشار إلى أن الفصائل المسلحة ومنذ منتصف تشرين الأول أكتوبر 2023، بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في العراق، وذلك بالتزامن مع حرب غزة، حيث أعلنت الفصائل أن استهدافها للقوات الأمريكية، ردا على الدعم الأمريكي لإسرائيل.
إلى ذلك، يشير مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، خلال حديث لـه ، إلى أن “هناك تيارات راديكالية موجودة في الفصائل تعلن عن ارتباطها بإيران والحرس الثوري، وهذه الفصائل هي في مواجهة مسلحة وسياسية واستراتيجية ضد قوات الولايات المتحدة في العراق والشرق الوسط، وتعتبر هذه القوات هدفا لها في أي مكان وزمان”.
ويضيف فيصل، أن “هناك عدم انضباط لبعض الفصائل، إذ تشعر بين فترة وأخرى أن بإمكانها خرق الهدنة والقيام بعمليات عسكرية في المثلث بين العراق وسوريا والأردن”، مؤكدا أن “الهدنة اليوم موجودة، لكنها هدنة تكتيكية تنتهي في حال عدم نجاح الحكومة بإخراج القوات الأمريكية من العراق، فالفصائل تضغط ولا تأبه بالاتفاقيات الاستراتيجية وعقود التدريب والتسليح طويلة الأمد للجيش والقوات المسلحة العراقية”.
ويشير إلى أن “الاستهداف الأخير ينذر باندلاع المواجهات وتوسعها، ومع مقدم السفيرة الأمريكية الجديدة وفوز ترمب المحتمل، ستحمل الولايات المتحدة موقفا راديكاليا من إيران ولا تقبل بنفوذ إيراني أكبر في العراق، لذا نحن أمام مواجهة مستمرة قد تأخذ هدنة مؤقتة، لكنها ستندلع مجددا خصوصا مع استمرار حرب غزة”.
وشهد التصعيد السابق بين الفصائل المسلحة وأمريكا، ردودا عسكريا من قبل واشنطن، وكان آخرها قصف مدينة القائم المحاذية للحدود السورية، وقد أكدت القيادة المركزية التابعة للجيش الأمريكي في حينها، أن قواتها شنت غارات جوية في العراق وسوريا استهدفت بها مواقع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني وجماعات الميليشيات التابعة له، وقالت القيادة، إن القوات العسكرية الأمريكية ضربت أكثر من 85 هدفا مع العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة.
كما تضمنت الردود الأمريكية على استهدافات الفصائل المسلحة، أيضا عمليات اغتيال لقادة في تلك الفصائل وسط العاصمة بغداد، عبر صواريخ موجهة ودقيقة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة