11 Mar
11Mar

قرار شمول بعض المنتمين لـ"فدائيي صدام" بالحقوق التقاعدية، وعائلاتهم بحقوق الشهداء، والذي أثار جدلا واسعا يوم أمس، ألقى الضوء على الاتفاقات السياسية وانعكاسها على مجريات القضاء العراقي، ففي الوقت الذي يكشف فيه مصدر عن ورود هذه النقطة في اتفاق تشكيل ائتلاف إدارة الدولة بين الإطار التنسيقي وتحالف السيادة، لم ينف قيادي في الأخير الأمر، ووصفه بـ"الإيجابي"، في حين، نفاه الإطار بشكل قاطع، لكنه أكد على احترام القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية رغم معارضته له.

ويكشف مصدر سياسي مطلع، خلال حديث له ، إن "القوى السياسية وخلال تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، أدرجت قضية شمول شريحة من فدائيي صدام، وهم المجبورون على الانضمام لهذا الجهاز، أو جرى نقلهم عنوة له، وكانوا في أجهزة الدولة الأمنية الأخرى، ممن شاركوا مؤخرا بالحرب ضد داعش وبعضهم قتل بمعارك التحرير".

ويضيف المصدر، أن "الاتفاق لم يشمل المتطوعين في فدائيي صدام، وعلى أساس هذا الاتفاق جرى رفع دعوى للمحكمة الاتحادية للبت بهذه القضية، وصدر قرارها قبل يومين".

وكانت المحكمة الاتحادية، قررت أمس الأول، بناء على دعوى رفعت أمامها، منح الحقوق التقاعدية لمنتسبي "فدائيي صدام" عن خدمتهم العسكرية او المدنية خارج الفدائيين.

وعادت المحكمة، يوم أمس، وأصدرت توضيحا، يتمثل برد على كتاب هيئة المساءلة والعدالة المتضمن "يمنع فـدائيو صدام المتطـوعون مـن أية حقـوق تقاعدية"، وقالت المحكمة في توضيحها "أن مـن تم نقلهـم قسـرا سـواء كـانوا مـن المدنيين أو العسكريين إلى الجهاز المذكور آنفـا وتـمت إعـادتهم إلـى دوائرهم فـإنهم يستحقون راتبهم التقاعـدي عـن خـدمتهم خـارج فـدائيي صـدام ولا تحتسـب خـدمتهم ضـمن الجهـاز المذكور خدمة تقاعدية".

وأكدت المحكمة أيضا أنها "توصلت مـن خـلال تحقيقاتهـا أن قسـما منهم (أي فدائيي صدام) أستشهد أثنـاء تحريـر العراق من عصـابات داعش الإرهابية اسـتجابة لنداء المرجعية مما يقتضي مراعاة ذلك عند نظر حقوق الشهداء المذكورين".

جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله في أيلول سبتمبر من العام الماضي، فإنه شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرني الأول أكتوبر الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.

ووفقا لتسريب بنود الوثيقة، التي لم تعلن بشكل رسمي، فإنها تضمنت من ضمن بنودها الكثيرة التالي: إلغاء هيئة المساءلة والعدالة وتحويل ملفاتها إلى القضاء والدوائر ذات الشأن، إصدار قانون العفو العام ويستثنى من عمل مع التنظيمات الإرهابية أو ساعد الإرهاب أو ورد اسمه بقوائم الجهات الأمنية، فضلا عن استثناء أي شخص مشمول بالمساءلة والعدالة لكنه شارك بالقتال ضد الإرهاب واستشهد، وشموله بالحقوق التقاعدية.

يذكر أن هناك تقارير كشفت يوم أمس، عن التفاف حكومي على قرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم دستورية إرسال الأموال لإقليم كردستان على شكل دفعات شهرية لعدم التزامه بتسديد ما بذمته للحكومة الاتحادية، وذلك عبر إرسال 400 مليار دينار بصيغة قرض، وذلك وفقا للاتفاق الذي جرى عند تشكيل ائتلاف إدارة الدولة.

من جانبه، يلفت عضو المشروع العربي المنضوي في تحالف السيادة حسن الجبوري، خلال حديث لـه، إلى أن "قرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم منع فدائيي صدام من الحصول على راتب تقاعدي يعد منصفاً لشريحة كبيرة من المجتمع، ولا يمكننا إلا احترام قرار المحكمة الاتحادية، الذي لم يبت من أي جهة سياسية".

ويتابع الجبوري، "من الواضح أن هذا القرار كان نتيجة حتمية لتناغمه مع رأي المرجعية، القاضي بضرورة إنصاف الملبين لنداء الجهاد من أجل الوطن، كما حتمت ظروف الحرب على داعش شمول هؤلاء، إذ استشهد العديد من المحسوبين على فدائيي صدام، والمشمولين بالمساءلة والعدالة، في حرب تحرير العراق من عصابات داعش الإرهابية".

ويضيف أن "تحالف إدارة الدولة تشكل وفقاً لعدد من الاتفاقات السياسية بين مختلف الكتل، من ضمنها الاتفاق على إعادة النازحين إلى مناطقهم، والعمل بمبدأ التوازن في إدارة الدولة، ولا نستبعد أن قرار شمول فدائيي صدام براتب تقاعدي كان نتيجة لهذا الاتفاق السياسي".

يشار إلى أن قانون هيئة المساءلة والعدالة الصادر في عام 2008، والذي جاء بديلا عن قانون اجتثاث البعث، تضمن فقرة صريحة تنص على: يمنع فدائيو صدام من أي حقوق تقاعدية لعملهم في الجهاز المذكور.

وتأسس جهاز "فدائيو صدام" في العام 1994، وضم آنذاك قرابة 20 ألف عنصر، وفي عام 1998 تفرع من الجهاز تشكيلة أخرى أطلق عليها تسمية "أشبال صدام" لتهيئة وتدريب الصغار بين عمر 10 - 15 عاما، وكان عدي صدام حسين هو المسؤول الأعلى والمشرف على الجهاز.

يذكر أن مهام الجهاز كانت السيطرة على بغداد وقمع المعارضين للنظام السابق، ومن ثم كلف بمهام أخرى، من بينها تصفية بيوت الدعارة في العاصمة.

بالمقابل، يرى القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـه أن "منح فدائيي صدام رواتب تقاعدية، لم يكن جزءا من أي اتفاق سياسي، لا قبل تشكيل الحكومة ولا بعدها، وهذا الأمر جاء وفق قرار قضائي، والإطار التنسيقي بكل قواه لا يتدخل بعمل القضاء إطلاقاً".

ويبين الفتلاوي أن "قوى الإطار التنسيقي، لديها تحفظ كبير على منح فدائيي صدام رواتب تقاعدية، وهذا الأمر أعلن من خلال مواقف قيادات نواب الإطار بكل قواه السياسية، لكن في الوقت نفسه نحن نحترم القضاء وقراراته، خصوصاً أن قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة وباتة وغير قابلة للطعن".

ويكمل أن "هناك الكثير من الشائعات تروج ضد الإطار التنسيقي وقياداته بشأن تقديم تنازلات للأطراف السياسية، من خلال ورقة الاتفاق السياسي الموقفة ما بين الكتل والأحزاب داخل ائتلاف إدارة الدولة، وكل ذلك غير صحيح، والاطار لم يوقع على أي شيء خارج الدستور والقانون".

يذكر أن ائتلاف إدارة الدولة، اقترب خلال الفترة الماضية من الانهيار، بعد تلميح تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني بالانسحاب منه، في ظل عدم تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الذي تم تشكيل الحكومة الحالية بموجبه، حيث اعتبرا ما يجري تسويفا لمطالبهما، لكن الإطار التنسيقي برر ذلك بأن مسألة تنفيذ بنود الاتفاق تحتاج إلى وقت، مؤكدا أن العمل جار على تحقيقها خلال هذه الفترة، وفقا لما ورد في تقرير .

إلى ذلك، يؤكد المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـه أن "الكثير من التدخلات السياسية حصلت في القرارات القضائية، وهناك ضغوطات كبيرة يتعرض لها القضاء في العراق وهذا باعتراف القضاء نفسه وحتى الزعامات السياسية".

ويبين فيصل أن "الاتفاقات السياسية، أصبحت هي من تحكم في العراق وهي من تسير الدولة، وليس الدستور والقوانين العراقية النافذة، وبعض الأحكام القضائية تصدر، كجزء من هذا الاتفاق وهذا الأمر حصل في الكثير من الملفات، سواء المتعلقة بالمطلوبين او قضايا لها تأثير على الواقع السياسي".

ولا يستبعد "منح فدائيي صدام رواتب تقاعدية، أن يكون جزءا من الاتفاق ما بين القوى السياسية، ولهذا نفذ الأمر بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، لكن التدخل في عمل القضاء وجعل القرارات القضائية بيد الأطراف السياسية مؤشر خطير على العملية الديمقراطية في العراق وبناء الدولة العراقية بالشكل الصحيح".

يشار إلى أن المحكمة الاتحادية، أصدرت خلال العام الماضي، عشرات القرارات بناء على دعاوى رفعت أمامها من قبل سياسيين، وكان جلها حول الأزمة السياسية التي عاشها البلد بعد الانتخابات، وجوبهت قراراتها في تلك المرحلة بردود فعل متباينة من قبل الفرقاء السياسيين، فكل كتلة تعاملت مع القرار حسب توجهها السياسي ومصالحها، وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني من أشد المعارضين لقراراتها واعتبارها "استهدافا له".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة