05 Aug
05Aug

على الرغم من خلو جدول أعمال مجلس النواب يوم أمس الأحد، من تعديل قانون الأحوال الشخصية، إلا أن المجلس أدرجه بشكل مفاجئ في جلسته التي شهدت قراءة تعديل قانون العفو الذي تطالب به القوى السنية، وهو ما يثير الشكوك حول “مساومة” هذه القوى للتصويت على “الأحوال” مقابل إقرار “العفو”.
وتقول عضو لجنة منظمات المجتمع المدني النيابية، نور نافع الجليحاوي، خلال حديث لـه إن “هناك اعتراضا نيابيا كبيرا على تعديل قانون الأحوال الشخصية، لأن هذا التعديل يشكل خطورة حقيقية على الأسرة والمجتمع ويخالف القانون والدستور وحتى قرارات المحكمة الاتحادية”.
وتضيف الجليحاوي، أن “أطرافا سياسية شيعية تريد تمرير هذا التعديل من خلال سياسة لي الأذرع، فهو يواجه رفضا وتحفظا من قبل القوى السياسية السنية، لكن تمت مساومتهم بقراءة هذا التعديل مقابل القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام، الذي ترغب القوى السنية بتمريره، بحسب ما متفق عليه من قوى الإطار التنسيقي”.
وتوضح أن “هناك شكوكا بنصاب جلسة اليوم، التي تمت فيها القراءة الأولى لتعديل قانون الأحوال الشخصية، ولذا سيتم الطعن بالجلسة أمام المحكمة الاتحادية، كما سيتم الطعن بأصل التعديل، الذي يخالف قرارات المحكمة، التي تؤكد على ضرورة أخذ الجهات القضائية بتشريع هكذا قوانين”.
وأنهى مجلس النواب أمس الأحد، قراءة أربعة قوانين بضمنها تعديل قانوني العفو العام والأحوال الشخصية الذي لم يكن مدرجا على جدول أعماله.
وأكمل البرلمان القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام، وسط اعتراضات ومخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم “داعش”، ويعد هذا التعديل من المطالب الرئيسية لمعظم القوى السنيّة، وكان من بين أبرز الشروط التي وضعتها في مفاوضات تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل التصويت عليها داخل البرلمان في تشرين الأول 2022.
وقبل ذلك، نقلت وسائل إعلام أن مشادة كلامية حدثت بين القيادي في تحالف العزم رعد الدهلكي ورئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي أدت إلى تعليق أعمال الجلسة مؤقتا، لافتة إلى أن الدهلكي، اعترض بعد مطالبات من بعض النواب برفع قانون العفو من جدول الأعمال أو عرضه للقراءة مقابل إدراج تعديل قانون الأحوال الشخصية في جلسة واحدة.
ثم صوت مجلس النواب على إضافة فقرة إلى جدول أعماله (القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959)”.
من جهته، يشير النائب عن ائتلاف دولة القانون جواد الغزالي، خلال حديث لـه، إلى أن “تمرير قانوني الأحوال الشخصية والعفو العام، يكون من خلال التوافق والاتفاق السياسي، فالقراءة الأولى لا تعني تمرير تلك القوانين، لأن هذه التشريعات تحتاج إلى نقاشات مستفيضة”.
ويبين الغزالي، أن “هناك اعتراضات على تعديل قانون العفو العام، في ما يتعلق بتعريف الانتماء إلى الإرهاب ودعمه، فهذه الصيغة فيها خشية من محاولة استغلالها من خلال بعض الثغرات لإخراج بعض الإرهابيين، ولهذا فقانون العفو يحتاج مزيدا من النقاشات”.
وفيما يخص تعديل قانون الأحوال الشخصية، يتابع أن “هناك أغلبية برلمانية داعمة لهذا التعديل، كما أن هذه الأغلبية مازالت تسمع لآراء النواب المعترضين، وبالتأكيد سوف تناقش معهم تلك الاعتراضات”، لافتا إلى أن “هكذا قوانين خلافية تحتاج توافقات، وهناك توافقات مبدئية على تمرير القانونين”.
ويواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية اعتراضات كبيرة، إذ حذر خبراء قانونيون وناشطون مدنيون، في تقرير سابق من التعديلات التي ينوي البرلمان وضعها على القانون، وفيما أكدوا أنها يمكن أن تنسف أحد أهم التشريعات العراقية، لفتوا إلى أن التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون.
وكان البرلمان، رفع فقرة القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية الأربعاء الماضي من جدول أعمال جلسته المعقدة، استجابة لطلب تقدم به عشرات النواب، قبل أن يدرجها بشكل مفاجئ يوم أمس.
إلى ذلك، يرى الخبير في الشأن القانوني محمد السامرائي، خلال حديث لـه أن “تعديل قانون الأحوال الشخصية يمثل انتكاسة تشريعية وعودة إلى الوراء بما يتعلق بتنظيم الأحوال الشخصية في الدولة العراقية التي شهدت تطورا كبيرا بهذا المجال منذ عام 1959 قبل اكثر من 70 سنة”.
ويبين السامرائي أن “هذا التعديل يؤثر سلبا على كيان الأسرة العراقية، نواة المجتمع ونواة الدولة، خاصة أنه يتعارض مع أهم مبدأ دستوري وهو مبدأ الفصل بين السلطات، إذ أن هذا التعديل يمثل اعتداء على اختصاصات السلطة القضائية، كما أنه التعديل يتعارض الحريات التي كفلها وضمنها الدستور العراقي”.
ويضيف أن “تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية وفق ما تريده بعض الكتل والأحزاب، سوف يعرضه للطعن أمام المحكمة الاتحادية لما فيه من مخالفات دستورية وقانونية كثيرة، ولهذا نتوقع أن هذا التعديل سيكون مصيره الفشل، حتى وان مرره مجلس النواب”.
وبشأن المساومات التي تجري لإقرار القانونين معا، يذكر: “لا يوجد ربط وفق أحكام الدستور والقانون بتمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية مقابل تمرير تعديل قانون العفو العام، مع هذا هناك أطراف تريد تمرير القانونين بسلة واحدة، وكل جهة تصوت لقانون وفق الصفقات السياسية رغم اعتراضها وتحفظها على فقرات تلك القوانين”.
وعن قانون العفو، يخلص السامرائي إلى أن “تعديل هذا القانون فيه غموض بما يتعلق بتعريف المادة الواحدة المرسلة من قبل الحكومة، خاصة أنه لا يشمل الجرائم التي ارتكبت بعد عام 2016، ولهذا عليه رفض برلماني وشعبي، وهو محل شك وغموض”.
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيرا غامضا على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية خاصة من طرف الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة