11 Dec
11Dec

أراض واسعة تمنح بلا جدوى اقتصادية، وتجاوزات على مساحات خضراء، ومجمعات سكنية للأغنياء فقط، وقضم لأراض فلاحية، هي جزء مما يعانيه مشهد ملف الاستثمار المعقد في محافظة كربلاء، ويتحدث مسؤولون ونشطاء في المحافظة عن وجود متاجرة ومحاباة في هذا الملف، موجهين أصابع الاتهام إلى هيئة الاستثمار في المحافظة المحميّة من جهة سياسية.

ويقول النائب عن محافظة كربلاء، زهير الفتلاوي، خلال حديث لـه، إن "أراضي كثيرة في كربلاء ذهبت للاستثمار بمبالغ بخسة، وهناك مشاريع مُنحت لمستثمرين بلا جدوى اقتصادية، على الرغم من أن مشاريع استراتيجية مهمة لم تنظر لها إدارة المحافظة".

ويضيف الفتلاوي أن "أراضي وبنايات تابعة لوزارة الشباب والرياضة مُنحت للاستثمار بشكل غير قانوني، كون الوزارة تتبع للجهة ذاتها التي يرجع إليها رئيس هيئة الاستثمار في المحافظة"، مؤكدا "عدم وجود تقييم واضح لهيئات الاستثمار بالمحافظات، بسبب وجود محاباة من قبل الكتل السياسية التي يتبع لها رؤساء تلك الهيئات وهي من وضعتهم في هذه المناصب".

وكشف النائب عن تقديم "دعوى قضائية ضد رئيس هيئة استثمار كربلاء لارتكابه مخالفات في ملف الاستثمار بجانب المجمعات السكنية وتغيير جنس أراضِ مسجلة في التصميم الأساس كمساحات خضراء، بهدف منحها للاستثمار"، مشيرا إلى مطالبته بـ"تغيير رئيس الهيئة لكن المحافظ أصدر قراراً بتثبيته لثلاث سنوات أخرى كون رئيس الهيئة تابعا لجهة سياسية معينة".

وكانت هيئة النزاهة، كشفت في أيلول سبتمبر الماضي، عن إهمال هيئة الاستثمار في كربلاء، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة بصدد مشروعٍ مُتلكّئ، فضلاً عن هدرٍ للمال العام في أحد العقود التي أبرمتها المُحافظة، لافتة إلى نسبة إنجاز المشروع بلغت 14 بالمئة فقط، بحجة وجود متجاوزيـن على الأرض التي يُنـفَّذُ علـيها المـشـروع؛ على الرغم من وجود تعهد خطيٍّ موقع من قبلها لإزالة التجاوز.

وأفصحت النزاهة في تشرين الثاني نوفمبر الماضي عن صدور أمر استقدام بحقّ رئيس هيئة استثمار كربلاء السابق وعدد من أعضاء مجلس الاستثمار السابقين فيها، استنادا إلى أحكام المادّة 330 من قانون العقوبات العراقي.

من جانبه، يذكر الناشط المدني في المحافظة، أحمد البناء، خلال حديث لـه، إن "واقع الاستثمار في كربلاء عبارة عن فوائد ومنافع لشخصيات وجهات متنفذة، ولم يحقق الهدف المفترض في خدمة المحافظة ومواطنيها".

ويوضح البناء، إن "الاستثمار انتقل إلى الأراضي ذات الخدمة العامة، إذ منحت إدارة المحافظة للمستثمرين حتى المساحات الخضراء وسط الأحياء السكنية"، مستغرباً أن "تمنح أرضا خضراء بجوار مدرسة، لينشئ عليها مقهى وكازينو، ولم يكترث المسؤولون الحكوميون لاعتراض إدارة تلك المدرسة على هذا المشروع وتهديدها بالنقل، في حالة تثير الريبة والتساؤلات الكثيرة".

وفي ملف الوحدات السكنية، يلفت الناشط إلى أن "هناك عقودا تُبرم ما بين المواطن والمستثمر بشأن مواصفات الوحدات السكنية ومدة إنجازها، ولا يلتزم بها الأخير"، موكداً وجود "عمليات مساومة ودفع رشاوى عند منح إجازات الاستثمار، لا سيما في المجمعات السكنية، والمستثمر الذي تؤخذ منه تلك الأموال يضيفها على أسعار الوحدات السكنية وبالتالي يتحملها المواطن".

ويتابع البناء، أن "ما يثير الاستغراب أيضا إنشاء أسواق ومولات استثمارية عديدة في مركز كربلاء وهي خارج الاحتياج الفعلي للمحافظة، وأسعار بضاعتها تفوق القدرة الشرائية للمواطن الكربلائي، وكأن إدارة المحافظة تنظر للأغنياء فقط دون الطبقات البسيطة"، مشيرا إلى أن "وجود جهة رقابية حقيقية تتابع وتحاسب في ملف الاستثمار بكربلاء، سيكشف الكثير من المتورطين بالفساد وتطال المساءلة مسؤولين كبارا ويحالون إلى القضاء".

وفي أيلول سبتمبر الماضي، وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني هيئة الاستثمار الوطنية بسحب إجازات مشاريع استثمارية سكنية في محافظة كربلاء أضرت بالمواطنين واستحوذت على أموالهم دون وجه حق، وجاء التوجيه بحسب نائب في اللجنة القانونية البرلمانية، لـ"عدم المحاسبة والجدية من قبل المعنيين في المحافظة، وبعد كل ما أثبتنا من مخالفات قبل أكثر من سنة من الآن، وشبهات الفساد في الاستثمار.

بدوره، يرى الناشط المدني، أيسر زيني، في حديث لـه، إن "هيئة الاستثمار في كربلاء لم تتغير منذ نحو 15 عاماً، ولم يجر أي تقييم لها"، متسائلاً عن "السبب الذي يُبقي فريق الهيئة كل هذه السنوات دون تقييم، وهو لم يقدم مشاريع حقيقية ذات فائدة للمواطن".

ويوضح زيني، أن "أغلب المشاريع الاستثمارية التي تنجز في كربلاء هي سكنية، ولم نر ما يدعم اقتصاد المدينة في قطاع الصناعة أو غيره"، مشيراً إلى وجود "متاجرة ومضاربة وغسيل أموال في المشاريع السكنية ولا توجد ضوابط ومراقبة عليها، وإن أسعار الوحدات السكنية فيها أعلى بكثير من كلفتها على الرغم من أن الأرض تمنح مجاناً للمستثمر".

ويصف زيني، المجمعات السكنية الاستثمارية بأنها "باتت للأغنياء فقط، ولم تحل أزمة السكن في كربلاء مطلقاً، لذا ينبغي اتّباع نظام المناقصة في بناء المجمعات السكنية واختيار من يقدم عروضا أقل ببيع وحداتها، عند منح الإجازات الاستثمارية والأراضي".

وفي منتصف تموز يوليو الماضي، أعلنت الهيئة الوطنية للاستثمار، عن مشروع استثمار سكني في محافظة كربلاء بقيمة 420 مليون دولار، فيما أشار محافظ كربلاء نصيف الخطابي، إلى أن الاستثمار في المحافظة استطاع أن يوفر العديد من فرصة العمل لأبناء المحافظة.

من جهته، يذكر رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية فرع كربلاء، جواد كاظم الكريطي، خلال حديث لـه، إن "الاستثمار في كربلاء وصل إلى الأراضي الزراعية، وهناك توجه كبير لاستثمار الأراضي الصحراوية من قبل الشركات والأفراد، وأن الحكومة المحلية فسحت المجال كبيراً في هذا الجانب".

ويكشف عن "حصول تجاوز على الخارطة الاستثمارية الخاصة بالمحافظة، وهناك أراض غير مخصصة للاستثمار لكنها منحت للمستثمرين، مع إنها ممنوحة بالعقود الزراعية لأشخاص آخرين"، مضيفا أن "أراضي منحتها المحافظة للشركات والمستثمرين، وهناك مستثمر لوحده حصل على 400 ألف دونم زراعي، وهي مساحة هائلة، خلافا لقانون الاستثمار، إذ لا يحق منح المستثمر الواحد أكثر من 50 ألف دونم في الأراضي الصحراوية".

ويؤكد الكريطي، أن "اتحاد الجمعيات الفلاحية طالب الجهات المعنية بمنع منح أراضي المحافظة للمستثمرين بهذا الشكل، لكن دون جدوى"، مطالبا "الحكومة المركزية بتشكيل لجنة عليا للتحقيق بواقع الاستثمار في كربلاء لا سيما الأراضي الصحراوية الزراعية، وإيقاف التجاوز على الخارطة الاستثمارية".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة