25 Nov
25Nov

مرة أخرى، تصر أطراف حزبية على تغيير إدارة الاستخبارات العسكرية لصالحها، إذ تصدر المشهد للمرة الثانية ضابط مقرب من جهة سياسية، بحسب ما كشفت عنه مصادر مطلعة، في حين يؤكد خبراء أمنيون أن التدخل السياسي بتلك المناصب، أثر في كفاءة المؤسسات الأمنية والعسكرية، فيما أشاروا إلى أن الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة خارج إطار الدولة أصبحت أقوى من المؤسسات، وأنها هي التي تفرض شروطها كيفما تشاء في تغيير الشخصيات والقيادات.

ويكشف مصدر أمني مطلع، خلال حديث لـه أن "تغيير منصب مدير الاستخبارات العسكرية عاد إلى الواجهة، والمرشح الأبرز لهذا المنصب والذي أعيد طرح اسمه مجددا هو اللواء باسل مجيد العامري رئيس هيئة الاستخبارات في قيادة العمليات المشتركة".

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "العامري مرشح لهذا المنصب من قبل جهة سياسية متنفذة، على الرغم من أنه مشمول بإجراءات المساءلة والعدالة، إذ كان عضو فرقة في حزب البعث المنحل سابقا".

وهذه هي المرة الثانية التي يرشح فيها العامري لهذا المنصب، إذ كشف تقرير سابق نهاية العام الماضي عن ترشح العامري لمنصب مدير الاستخبارات العسكرية من قبل وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وذلك نظرا للعلاقة التي تربطهما، فضلا عن اعتماد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني على الشمري في أغلب التغييرات الأمنية والترشيحات.

وكانت مصادر، قد نشرت في 12 كانون الأول ديسمبر 2022 وثيقة هي عبارة عن خط سير المرشح لمنصب مدير الاستخبارات العسكرية اللواء باسل العامري، وفيها ورد أنه عمل في المديرية منذ عام 1988 وحتى عام 1999، كما كشفت أن درجته الحزبية آنذاك كانت "عضو فرقة" وأنه حصل على أنواط الشجاعة والاستحقاق العالي وشارة حزب البعث المنحل.

يذكر أن تقرير سابق نشر حول تكليف العامري كرئيس لهيئة الاستخبارات في قيادة العمليات المشتركة، بأمر من القائد العام السابق للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، رغم إقالته من قبل الأخير بسبب ثبوت "مقصريته" في تفجير ساحة الطيران، وسط بغداد، في 21 كانون الثاني يناير 2021 وأدى لمقتل 32 مدنيا على الأقل، لكونه كان يشغل أهم منصب استخباري في العاصمة، وهو مدير استخبارات قيادة عمليات بغداد.

إلى ذلك، يشير الخبير الأمني عماد علو، خلال حديث له إلى أن "التغييرات في وزارة الدفاع أو الأجهزة الأمنية يجب أن لا تخضع للمحاصصة السياسية، لأنها تؤثر بشكل كبير على أداء هذه المؤسسات، خصوصا أن هذه التغييرات لا تخضع ولا تعتمد على معايير الكفاءة والمهنية والتدرج في الصنف والاختصاص ضمن المؤسسة الأمنية".

ويضيف علو، أن "التغييرات على أساس الحزبية مؤشر سلبي على ما نسميه السياسة العسكرية، أو سياسة السلطة المدنية في ما يتعلق بإدارتها وإشرافها على المؤسسات الأمنية والعسكرية، لأن الدستور العراقي نص على أن المؤسسات العسكرية تخضع للسلطة المدنية، وهي الحكومة التي تشكل من قبل الأحزاب وممثلي الشعب في مجلس النواب، فهؤلاء يجب أن يكونوا مسؤولين عن السياسة التي تنتهجها الدولة إزاء هذه المؤسسات".

ويتابع أن "مسألة التغييرات في المناصب الأمنية حتى الآن غامضة وغير واضحة، وتحتاج إلى الكثير من العمل، لأنها لا تزال تؤثر على أداء المؤسسات الأمنية وعلى التخصيصات المالية لهذه المؤسسات ومستوى التسليح والتدريب لها".

يذكر أن وزير الدفاع السابق جمعة عناد، فك في العام 2020، ارتباط مقر لواء المهمات وفوجي المهمات الأول والثاني من مديرية الاستخبارات العسكرية وأعاد ارتباطهما بآمرية صنف القوات الخاصة، ما عد قطعا لذراع الاستخبارات، لما يمثله اللواء من أهمية كبيرة، خاصة وأنه نفذ عمليات كبيرة وكثيرة ضد المجاميع الإرهابية، كونه يملك طائرات تستخدم للإنزال الجوي، بالإضافة الى ضباط وجنود مدربين على تنفيذ العمليات الخاصة.

يشار إلى أن الكثير من الضباط الكبار الحاليين، وبعضهم أحيل مؤخرا للتقاعد، بدأوا مسيرتهم العسكرية منذ النظام السابق، وحصلوا في حينها على رتب ومناصب عليا في المؤسسة الأمنية.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الأمني علاء النشوع، خلال حديث لـه أن "المناصب والملاكات العسكرية تختلف عن المدنية لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالحساسية والمسوولية والتدرج والاستحقاق والاختصاص الوظيفي والقدرات والإمكانيات واتخاذ القرارات، وكذلك في ما يتعلق بماهية العمل الأمني والعسكري وهذا يدخل في صميم عمل مؤسسات الأمن القومي للدولة الذي من خلاله يتم فرض نظريات الأمن والاستقرار لكل مؤسسات الدولة ووزارتها قاطبة لأن من دونها يكون البلد في فوضى وعدم استقرار دائم ينعكس سلبيا على الأمن والسلم المجتمعي".

ويضيف النشوع، أن "قضية تغيير منصب مدير الاستخبارات العسكرية هي من أهم القضايا الأمنية التي تدخل في صلب أمن المؤسسة العسكرية والتي تشمل أمن الأشخاص والمنشآت والمعلومات، وركن الاستخبارات هو الركن الثاني في هيئة الأركان العامة باعتباره القسم المسؤول عن تقديم كل ما تتطلبه المؤسسة العسكرية من معلومات دقيقة ومؤكدة عن الموقف العسكري للدولة في السلم والحرب".

ويعتقد أن "هذه المسوولية وهذا المنصب الكبير في مفاصل الدولة يحتاج بالضرورة إلى مواصفات خاصة بالنسبة للشخصية التي يمكن أن تشغله، فبالإضافة إلى الشهادات والكليات العسكرية التي تخرج منها والدورات التي دخلها بدءا من الكلية العسكرية وكلية الأركان وكليات وأكاديميات عسكرية مختصة في إدارة الحرب لكل التشكيلات العسكرية التي تبدأ بدورات أساسية وحتمية من دورة آمري فصائل وتنتهي بدورات قيادات العمليات، إذ يجب أن تتميز هذه الشخصية بالذكاء والحنكة العسكرية ورد فعلها السريع وقدرتها على الإدارة وحسم المواقف ميدانيا والتمتع بصفات قيادية علمية وعملية".

ويكمل النشوع، أن "ما يحدث الآن في العراق، يثير الكثير من التساؤلات عن استحداث مناصب وتغييرها في ظروف قد نعتبرها حساسة واستثنائية، وهذا يكشف أن الدولة تعيش تناقضات وتحديات داخلية وخارجية هي من ترسم اليوم الصراعات بين الأحزاب السياسية وخاصة التي تمتلك أجنحة عسكرية خارج إطار مفهوم الدولة والتي أصبحت اليوم أقوى من كل مؤسسات الدولة التنفيذية التي تفرض شروطها كيفما تريد في تغيير كل الشخصيات والقيادات التي تعارضها وتعمل في إطار ومفهوم وطني واستبدالها بشخصيات وقيادات موالية لها".

ويلفت إلى أن "هذه التغييرات والاستحداثات في المناصب والقيادات يمثل خرقا واضحا لكل مقومات الأمن القومي العراقي بكل قواعده وأركانه ويجعل أمن واستقرار البلد يتجه نحو الفوضى".

يذكر أن مصدرا كشف، أن الاستخبارات العسكرية تتعرض منذ سنوات طويلة إلى ضغوط كبيرة، من مكاتب وزراء الدفاع ورئاسة أركان الجيش، تتمثل بطلب غلق أو تأجيل ملفات الفساد التي تفتح بحق الضباط والقادة في الجيش، وبين أن المرشحين لإدارتها خلفا للحالي اللواء الركن زيد حوشي، من بينهم: اللواء فياض العامري والذي يشغل حاليا منصب رئيس هيئة قسم الاستخبارات في القوات البرية، واللواء خضر مدير المصادر البشرية في المديرية العامة للاستخبارات والأمن، واللواء رعد المالكي والذي ينخرط في قيادة طيران الجيش، بالإضافة إلى اللواء باسل العامري من خارج وزارة الدفاع، كاشفا أن بعض هؤلاء المرشحين يرتبطون بجهات سياسية متنفذة.

ولم يتسن ل الحصول على تعليق من اللواء العامري، أو الجهة التي تدعمه للوصول إلى المنصب المذكور منذ مدة.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة