09 Dec
09Dec

بعد لجوء "فصائل المقاومة" إلى استهداف المنطقة الخضراء والسفارة الأمريكية وسط العاصمة، تدخل حرب "الاستهدافات الصاروخية" مرحلة "دراماتيكية خطيرة"، بحسب وصف مراقبين سياسيين توقعوا أيضا تدهور الأمور بشكل أكبر، محذرين من دخول البلاد في عزلة دولية جراء تلك الأعمال.

ويقول المحلل السياسي فلاح المشعل، خلال حديث لـه إن "الرشقات الصاروخية التي وجهت للسفارة الأمريكية وطالت دائرة جهاز الأمن الوطني تمثل تطورا دراماتيكيا خطيرا، وهو يؤكد أن المواجهات ارتفعت مستوياتها ووصلت إلى حد التصادم وضرب المقار الدبلوماسية".

وجرى فجر يوم أمس، استهداف السفارة الأمريكية بـ10 قذائف هاون، 8 منها استهدفت مقر جهاز الأمن الوطني، فيما سقطت قذيفتان عند مقتربات محيط السفارة الأميركية، بسبب الإحداثيات الخاطئة.

ويصف المشعل، هذا الاستهداف، بـ"الخطير جدا، لأن المنطقة الخضراء تمثل الحكومة العراقية، فهي تحتضن القصر الحكومي والدوائر الأمنية والإدارية المهمة كالأمن الوطني والمخابرات والداخلية والدفاع، وحتى هيئة الحشد الشعبي".

ويرى أن "هذا التطور يمثل انتقالة من ضرب القواعد والمعسكرات الأمريكية إلى المقار الدبلوماسية، وهو ما دفع الحكومة لوصف هذه العمليات بكونها عمليات إرهابية، وأن من يعمل على هذه الإثارة يهدف إلى زعزعة النظام وبالتالي هو إرهابي، بحسب وصف رئيس الحكومة".

وكان القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، وجه أمس الجمعة، بملاحقة مرتكبي اعتداء إطلاق المقذوفات باتجاه السفارة الأمريكية، وتقديمهم للعدالة، وقال السوداني إن التلاعب باستقرار العراق، والإساءة للأمن الداخلي، ومحاولة التعريض بسمعة العراق السياسية، واستهداف أماكن آمنة محمية بقوة القانون والأعراف والاتفاقيات الدولية، هي "أعمال إرهابية".

وعن أسباب هذا التطور، يذهب المشعل إلى أن "سياق الأمور يمكن أن يبنى على أن يكون هذا الاستهداف ردا على ما حصل في كركوك، وفي الوقت نفسه فإنه كتطور ينبئ بأن الأمور لن تقف عند هذه النقطة".

ويوم الأحد الماضي، استهدفت ضربة أمريكية حركة النجباء التي يتزعمها أكرم الكعبي في قضاء الدبس بمحافظة كركوك، تسببت بقتل 5 من عناصرها، فيما قال مسؤول عسكري أمريكي، إن تلك الضربة كانت "دفاعا عن النفس ضد تهديد وشيك في موقع يستخدم لإطلاق طائرات مسيرة"، بحسب ما نقلت وسائل إعلام.

ويرجح المشعل، أن "يزداد الوضع الأمني تدهورا إذا استمرت مثل هذه الضربات، لأن بيان السفارة الأمريكية أوضح أنها قادرة على أن تحمي نفسها وترد، وهذا الرد يؤكد على أن الأمور ذاهبة إلى تطورات سيئة جدا، وتدعو إلى موقف جديد من جميع القوى السياسية سواء في الحكومة أو خارجها".

وأكد مكتب المتحدث الرسمي باسم السفارة الأمريكية في بغداد، أمس، تعرض مجمع مبنى السفارة إلى هجوم صاروخي لم يسفر عن إصابة بشرية، وجدد المتحدث باسم السفارة، الدعوة للحكومة العراقية، لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية أفراد ومرافق البعثات الدبلوماسية والشركاء في التحالف الدولي، مؤكدا "نحتفظ بحق الدفاع عن النفس وحماية موظفينا في أي مكان في العالم".

من جهته، يعتقد المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـه أن "استهداف البعثات والمقار الدبلوماسية ليس من مصلحة العراق، وهو يضعف حكومة السوداني ويضعف مركز العراق ويبعد التجارة والاستثمار العالمي، ويتسبب في عزل العراق دوليا ويضعه في خانة الدول الرخوة".

ويضيف الدعمي: "بغض النظر عن الجهات التي قامت بالفعل، لكن قرار غير موفق ولا يصب بمصلحة الشعب العراقي"، لافتا إلى أن "هذه العمليات تبدو ممنهجة وتقع ضمن خطة لإبعاد العراق عن العالم، وجعله ضعيفا".

وكان مسؤول أمريكي رفيع، لم يكشف اسمه، أرسل تحذيرا إلى بغداد من مواجهة عزلة دولية غير مسبوقة إذا استمرت الهجمات ضد القواعد العسكرية التي تستضيف مستشارين أمريكيين في العراق، بحسب ما أوردت "الشرق الأوسط".

من جانبه، يذهب المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـه إلى أن "هذا التطور يأتي في إطار الضغط على الجانب الأمريكي، ويرتبط بالمشهد الذي يجري داخل الأراضي الفلسطينية، وهذا التصعيد نتاج الصمت الحكومي على استهدافات سابقة تعرضت لها بعض القواعد الأمريكية".

ويضيف البيدر، أن "تلك الأطراف عندما تجد مساحة من التحرك للمناورة وحتى التصعيد، تستثمرها بصورة سيئة، وأتصور أن تلك الجماعات هي خارج إطار الدولة وبعيدة عن الحشد الشعبي وربما تكون مدعومة إقليمية، حتى أنها تستخدم أسماء افتراضية في تنفيذ هكذا العمليات".

وكان الإطار التنسيقي المشكل للحكومة، والذي يضم قوى مسلحة في الحشد الشعبي، شدد أمس الجمعة، على رفضه "الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف أمن البلاد وسيادته أيًّا كان نوعها والمستهدف فيها والحجة من وراء ذلك"، وأعلن دعمه الكامل لإجراءات الحكومة ومطالبتها بالكشف عن كل تفاصيل "الحادثة المشبوهة" التي استهدفت السفارة الأمريكية.

ويرى البيدر، أن "الرد الحكومي هذه المرة، كان على قدر كبير من المسؤولية وهو مؤشر على أن الحكومة تتبنى خيارات القضاء على من يحاول تعكير صفو المشهد الأمني في البلاد".

ويتصور أن "الإدارة الأمريكية متفهمة للموقف الحكومي، لكن قد تذهب إلى خيار الرد واستهدافات جديدة، فالمواجهة مع تلك الأطراف مثلما حصل في كركوك، فرضية محتملة بشكل كبير"، لافتا إلى أن "هذه الاستهدافات تؤثر على سمعة العراق ومكانته، وتفسح المجال للولايات المتحدة في التدخل، لذلك يفترض زيادة الجرع الأمنية في بغداد لمنع تكرار مثل هكذا هجمات".

ودخل السجال العسكري بين "فصائل المقاومة" في العراق والقوات الأمريكية مرحلة جديدة، بحسب مراقبين أكدوا في تقرير سابق أن الموقف الأمريكي أصبح واضحا بالرد على أي فعل بضربة "مميتة" بحسب وصفهم.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة