05 Jul
05Jul

سلط موقع "DW عربية" الألماني الضوء على عمليات الاغتصاب والعنف الجنسي التي تعرضت لها نساء وأطفال في السودان جراء أعمال العنف الجارية في هذا البلد الأفريقي منذ أكثر من عام.
ويقول الموقع الألماني تنتقل حليمة من مخيم نزوح إلى آخر إذ كلما توقعت الأمان في مخيم، يقع هجوم ليدفعها وغيرها إلى التشرد والنزوح مرة أخرى في سبيل البحث عن مكان آخر يؤويهم.
وفي مقابلة مع "DW عربية"، قالت حليمة – اسم مستعار – أن "الذكريات المؤلمة التي قلبت حياتي رأساً على عقب، أضحت بمثابة كابوس يوقظني في الليل".
وتنحدر حليمة من مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، لكن بلدتها تعرضت في حزيران/ يونيو 2023 لهجوم شنه مقاتلون من قوات الدعم السريع التي تخوض حرباً ضد الجيش السوداني.
وفي ذلك، قالت حليمة إنها سمعت صوت الدراجات النارية التي كان يستقلها المسلحون، مضيفة "اقتحموا منزلي وكنت متواجدة في غرفتي.

 قام أربعة منهم بتهديدي بالسلاح فيما ضغط أحدهم على عنقي وكاد أن يخنقني قبل أن يغتصبني".


ورغم إصابتها بجروح، إلا أنها تمكنت في نهاية المطاف من الفرار حيث شقت طريقها إلى  تشاد، مضيفة أنها شعرت بالأمان، لكنها لم تتمكن من إيجاد من يعالجها مما ألم بها رغم أنها كانت في أمس الحاجة إلى العلاج بعد ما عاصرت من أهوال.


لم تكن حليمة السيدة الوحيدة التي وقعت ضحية لجرائم اغتصاب في خضم الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني حيث تحدث العديد من النساء والأطفال في مخيمات النازحين بتشاد عن فظائع مماثلة تشمل جرائم عنف جنسية.


الاغتصاب سلاح

ويقيم غالبية اللاجئين السودانيين في مخيمات تقع شرق تشاد مثل "أدرى" الذي يعد أقدم مخيم للاجئين السودانيين في تشاد.
وتعد حليمة من بين اللاجئين الذين يعيشون في المخيم فيما تعتقد أنها تعرضت للاغتصاب على يد مقاتلي قوات الدعم السريع بسبب انتمائها إلى قبيلة "المساليت" التي كانت تشكل الأغلبية في مدينة الجنينة قبل اقتحامها العام الماضي.


وتسرد خديجة – اسم مستعار – قصة مشابهة لمأساة حليمة. وفي مقابلة مع "DW عربية"، تستحضر خديجة من ذاكرتها الفظائع التي تعرضت لها قبيلتها، قائلة: "لم أخبرهم أنني من المساليت حيث قلت لهم إني من قبيلة الفور. لقد هددوني بالقتل إذا كنت من المساليت".
وعلى وقع ما عاصرته، قالت إن أبناء قبيلة المساليت لن يمتلكوا أي أراض في السودان مستقبلاً.


وتتشابه قصة خديجة مع قصة "حواء" – اسم مستعار – التي ذاقت الأمرين إبان هجوم  وقع في حزيران/ يونيو 2023.


وفي مقابلة مع "DW عربية"، قالت حواء إن عنصراً من مقاتلي قوات الدعم السريع دخل منزلها وأطلق النار على ابن عمها ذي العشرين ربيعاً، مضيفة "سمعت صراخ أمي وخالتي بعد تعرضهما للضرب. لقد ضربني أنا أيضاً بالسوط والعصا وصفعني بأناء ماء. ثم قام باغتصابي".


وربما كانت حواء سعيدة الحظ بعض الشيء مقارنة بحليمة إذ عثرت على مستشفى لعلاج الجروح التي ألمت بها لكنها مازالت تشعر بالألم عند المشي.
ووثقت منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" فظائع جرائم عنف جنسية وسط تحذيرات من احتمالية تعرض المساليت لإبادة جماعية. ولم يرد مسؤولو الدعم السريع على استفسارات "DW عربية".


أكبر أزمة نزوح في العالم


وفي تقرير عن العنف نُشر نهاية العام الماضي، أفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن  النساء والفتيات داخل السودان يتحملن وطأة عواقب النزاع، بما في ذلك مستويات "مثيرة للقلق" من الانتهاكات الجنسية.


وأشار التقرير إلى تعرض الكثير من طالبي اللجوء للتحرش والاختطاف والاعتداءات الجنسية وغيرها من أشكال العنف خلال رحلاتهم.
ومنذ نيسان/ أبريل العام الماضي، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع معارك دموية مما أجبر 12 مليوناً على الفرار من منازلهم بحسب بيانات صدرت في حزيران/ يونيو 2023.


وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية أن أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول الجوار منذ اندلاع الصراع، فيما بلغ عدد النازحين داخل البلاد قرابة 10 ملايين شخص.


ويمثل ذلك أكبر أزمة نزوح في العالم وسط تحذيرات من نقص كبير في تمويلالغذاء والدواء وتجهيزات الإيواء.


زيادة معدلات الاغتصاب


من جانبه، أشار عبد الرحمن علي، المدير فرع منظمة كير الدولية في السودان، إلى زيادة أعمال العنف في جميع أنحاء السودان، لا سيما في مناطق القتال مثل دارفور والخرطوم وولاية الجزيرة.


وفي مقابلة مع "DW عربية"، قال علي إن أشكال العنف التي تمارس ضد النساء والفتيات ما زالت مستمرة، لاسيما داخل  مخيمات اللاجئين، مضيفاً أن الوضع يتفاقم بسبب الصعوبات في تقديم المساعدات الغذائية الطارئة والمياه النظيفة والرعاية الصحية.


وأضاف بأن التحدي الأكبر يتمثل في نقل الإمدادات الصحية والغذائية من تشاد إلى السودان لمساعدة النازحين، مشيراً إلى أن "هناك العديد من المناطق التي لا نستطيع الوصول إليها بسبب استمرار القتال وفرض قيود لا تسمح لنا كعمال إغاثة بالوصول إلى المحتاجين".


وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية بأن النساء والأطفال يشكلون 90% من الفارين من جحيم المعارك إلى الحدود، محذرة من أن طفلاً من بين كل خمسة أطفال يعاني من سوء التغذية الحادة.


وسلط علي الضوء على صعوبة توفير الدعم النفسي لضحايا العنف الجنسي، قائلا: "ثمة العديد من حالات النزوح حيث تنتقل النازحات واللاجئات من مكان إلى آخر، وهذا يعقد جهود تقديم المساعدات للمتضررات".


ماذا بعد الهروب؟


وقبل بدء الصراع، كان  السودان  يعاني بالفعل من أزمة إنسانية حادة ناجمة عن حالة عدم الاستقرار السياسي وأزمة اقتصادية تئن تحت وطأتها البلاد منذ عقود.


بيد أن الأوضاع تفاقمت مع اندلاع موجة القتال الأخيرة مما جعل قرابة 25 مليوناً – أي ما يشكل نصف سكان السودان – في حاجة إلى المساعدة، بحسب تقديرات لجنة الإنقاذ الدولية.


ومع اتساع وتيرة القتال، فر أكثر من 600 ألف سوداني إلى تشاد التي كانت تستضيف قبل الحرب 400 ألف لاجئ سوداني، وهو ما دفع لجنة الإنقاذ الدولية إلى توسيع خدماتها الضرورية لمساعدة اللاجئين السودانيين في بلدان الجوار الأخرى مثل أوغندا وإثيوبيا وجنوب السودان.


تجاهل القانون الدولي


ويحث عبد الرحمن علي طرفيّ الصراع على الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي الذي يكفل حماية المدنيين والبُني التحتية، مشدداً على أن تحسين وضع حقوق الإنسان يستلزم حصول عمال الإغاثة على ضمانات.
وقال "هناك حاجة لأن تجلس أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات لوضع نهاية لهذه الأزمة التي تتسبب "في معاناة إنسانية لا توصف بحق الشعب السوداني".


ورغم ما عانت منه حليمة وحواء من أهوال، إلا أنهما يأملان في العودة إلى حياتهما ما قبل النزوح، بل تحلمان باستكمال دراستهما. وفي ذلك، قالت حليمة "إذا تحسن الوضع، أريد أن ألتحق بكلية الطب لأصبح طبيبة".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة