13 Nov
13Nov

مضت أيام على انطلاق الدعاية الانتخابية لمرشحي مجالس المحافظات، لكن ذي قار، ظلت خارج نطاق تلك الدعايات التي كانت مألوفة فيما مضى، إذ بدت الشوارع والأماكن العامة خالية من صور المرشحين، كما خلت من أي مؤتمرات وبرامج انتخابية، وكأن الواقع يقول: لا انتخابات في تلك المحافظة الجنوبية.

ووفقا لمدير مكتب انتخابات ذي قار فلاح الموسوي، فإن "عدد المرشحين الذين سيخوضون السباق الانتخابي في المحافظة يبلغ 337 مرشحا عن ثمانية تحالفات وأربعة أحزاب سياسية".

ويضيف الموسوي، خلال حديث لـه أن "عدد الناخبين بلغ 945 ألف ناخب للتصويت العام و30500 للتصويت الخاص، إذ سيدلون بأصواتهم في 473 مركز اقتراع".

ولم تشهد محافظة ذي قار التي من المفترض أن يمثلها في مجلس المحافظة 31 عضوا وتضم أكثر من 20 وحدة إدارية، في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 حضور أي دعاية انتخابية، سواء على صعيد الصور في الشوارع أو إقامة مؤتمرات بعد تهديدات المحتجين ما عدا حزب واحد يترأسه علاء الركابي، ولجأ المرشحون آنذاك إلى مواقع التواصل الاجتماعي لشرح برامجهم الانتخابية واللقاء الإلكتروني مع بعض الناخبين.

وكان متظاهرون شاركوا في "انتفاضة" تشرين وقبيل الإعلان عن إقامة انتخابات مجالس المحافظات، أعلنوا مقاطعتهم للعملية الانتخابية، لافتين إلى أن أي كتلة سياسية ناشئة تدعي انبثاقها من ساحة التظاهر فهي لا تمثلهم، لأن المطلب الأساسي هو إلغاء مجالس المحافظات التي يرونها "حلقة زائدة" وبابا من أبواب الفساد.

إلى ذلك، يبين الناشط ناطق الخفاجي، خلال حديث لـه، أن "واحداً من أهم أهداف تظاهرات تشرين، هو إلغاء مجالس المحافظات التي لا نجد لها أي دور، فهي حلقة زائدة في الحلقات التشريعية، والانتخابات المزمع إقامتها لن تنجح لأنها من دون أي مقبولية في الشارع".

ويضيف الخفاجي، أن "عدم وجود أي دعاية للمرشحين أو إقامة برامج انتخابية لهم في ذي قار، هو خير دليل على عدم مقبوليتهم من الشارع، فضلا عن تخوفهم من ردة فعل المحتجين تجاه عرض أي دعاية انتخابية".

وتعد ساحة التظاهرات في محافظة ذي قار التي يبلغ عدد نفوسها مليونين و226 ألف نسمة، واحدة من أسخن الساحات في العراق منذ 2019 حتى دخول أنصار التيار الصدري على ساحة الحبوبي، مركز التظاهرات هناك، في الـ27 من تشرين الثاني 2020 وقيامهم بإحراق خيمهم ومقتل تسعة متظاهرين وإصابة العشرات فيها.

من جانبه، رئيس تحالف المهمة في ذي قار أحمد غني، تحدث لـه، عن أسباب عدة دفعته وبقية المرشحين لعدم عرض دعاية انتخابية في الأماكن العامة كما كان معتادا في الانتخابات السابقة، إذ يرى أن "أساليب الدعاية الانتخابية تغيرت، فالاعتماد على الدعاية المطبوعة أو الورقية أو في الشوارع أصبح طريقة قديمة للإعلان".

ويضيف غني، أن "استخدام التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي أصبح هو الأسلوب الرائج والآمن في الدعاية، فهو واسع الانتشار ورخيص الثمن وهذا سبب مهم يوضح اختفاء اللوحات من الشارع".

ويلفت إلى سبب آخر هو أن "المرشحين والكيانات السياسية حذرة الآن من نشر إعلاناتها في الشوارع، لأنها تخشى ردة فعل الشارع خاصة أن مدينة الناصرية تمثل مركز حراك مستمر وفيها أصوات مقاطعة للانتخابات، لذلك جاء هذا الحذر من الجهات السياسية، يضاف إلى ذلك أن طول فترة الإعلان هي شهر ونصف الشهر للانتخابات ولجأ البعض إلى التريث في لصق إعلاناته خوفا من التلف وأن تتعرض للرفع والتخريب".

وكان مجلس القضاء الأعلى وجه، بداية الأسبوع الحالي، محاكم التحقيق بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة بإلقاء القبض على كل من يعمد إلى تمزيق الصور والدعايات الانتخابية التابعة للمرشحين في انتخابات مجالس المحافظات وفرض عقوبات بحقهم وفق القانون.

مدير المكتب الإقليمي لمنظمة تموز لمراقبة الانتخابات رزاق عبيد، يوضح خلال حديث لـه أن "محافظة ذي قار لها خصوصية من ناحية حراكها الاحتجاجي لاسيما مع عدم وجود أي مقر للأحزاب السياسية وعدم اهتمام المواطنين بشأن الانتخابات".

ويضيف أن "هذا الرفض جاء نتيجة نسب الفقر والظروف الاقتصادية التي مرت بها المحافظة مع عدم الاستقرار السياسي فيها، لذا من المؤكد أن تغيب معالم الدعاية الانتخابية، فلا بيئة انتخابية في ذي قار حتى الآن وفق المشاهد اليومية".

عبيد يؤشر أيضاً "غياب التوعية الانتخابية من قبل المنظمات أو مفوضية الانتخابات، فهي ليست بالمستوى التي كانت عليه في العمليات الانتخابية الماضية، وكأن الحال توحي بالعزوف عن المشاركة في ظل وجود أكثر 330 مرشحا للانتخابات".

وذي قار هي واحدة من المحافظات الأكثر جدلاً بسبب صعوبة التكهن بما ستحمله أيامها المقبلة، فما زالت حتى الآن مقرات الأحزاب السياسية رماداً منذ حراك تشرين الأول أكتوبر 2019، وتسجل الأحزاب التقليدية الآن، محاولات خجولة في لملمة أصواتها وأتباعها بسرية وتكتفي بالدعاية في الفيسبوك وبقية مواقع التواصل الاجتماعي، قبل خوض الانتخابات.

من جانبه، يعتقد الباحث في الشأن السياسي قاسم شويل، خلال حديث لـه، أن "من المحتمل أن طول مدة الدعاية الانتخابية لقرابة 50 يوما قد تكون سببا في تأخر إعلان المرشحين أسماءهم وأرقامهم عبر لوحات في الشوارع والأماكن العامة، لذا قاموا باستغلال السوشيال ميديا لحين انتهاء نصف المدة المقررة ومن ثم يكون لهم حضور في الشارع".

ولا يستبعد شويل، أن يكون سبب غياب الدعاية، هو "حذر المرشحين وخشيتهم من احتمالية إثارة ردود فعل غاضبة للمتظاهرين المقاطعين للانتخابات تجاه هذه الدعايات".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حدد يوم 18 من شهر كانون الأول ديسمبر المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.

يشار إلى أن الدعاية الانتخابية في العراق، تنضوي على العديد من الفعاليات، منها وعود بالتعيين وتعبيد الطرق وإيصال الكهرباء للمناطق النائية، فضلا عن توجه بعض المرشحين للاستعانة بعشائرهم لضمان تصويت أفراد عشيرته له.

كما يجري استغلال موارد الدولة، بالنسبة للمسؤولين الذين يترشحون في أي انتخابات، وهذا الأمر لم تتمكن مفوضية الانتخابات من حله، وأكدت في تصريح سابق، أنها طالبت بمنح المسؤول المرشح لأي انتخابات إجازة أمدها 3 أشهر حتى لا يستغل موارد دائرته في دعايته الانتخابية لكن طلبها لم يتحقق.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة