أكدت وكالة "أسوشيتدبرس"، يوم السبت، عن قادة في البحرية الأمريكية وخبراء، بأن المعركة الدائرة بين الولايات المتحدة وجماعة "الحوثي" اليمنية في البحر الأحمر، هي "الأعنف" التي تواجهها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن البيت الأبيض لم يبحث تلك الهجمات بنفس مستوى كثافة المفاوضات التي تجري بشأن الحرب في غزة.
وذكرت الوكالة في تقرير أجرته من على متن المدمرة الأمريكية USS Laboon في البحر الأحمر، أن البحرية الأمريكية ظلت لعقود من الزمن تستعد لاحتمالية محاربة الاتحاد السوفييتي ثم روسيا والصين لاحقاً، في الممرات المائية في العالم، ولكن بدلاً من أن تخوض قتالاً مع إحدى القوى العالمية، وجدت نفسها عالقة في قتال مع جماعة يمنية متمردة مدعومة من إيران.
وباتت الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحوثيين والتي طغت عليها حرب إسرائيل على قطاع غزة، "أشد المعارك المتواصلة التي واجهتها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية"، بحسب ما ذكره قادة وخبراء في البحرية الأمريكية.
مخاطر متصاعدة
وأشارت الوكالة إلى أن القتال الدائر يضع مهمة البحرية الأمريكية، المتمثلة في إبقاء الممرات المائية الدولية مفتوحة، في مواجهة الجماعة التي نمت ترسانتها السابقة من البنادق الهجومية والشاحنات الصغيرة إلى إمدادات لا تنتهي على ما يبدو من الطائرات المسيرة والصواريخ والأسلحة الأخرى.
واستهدفت الهجمات شبه اليومية التي يشنها "الحوثيون" منذ نوفمبر الماضي، أكثر من 50 سفينة بشكل مباشر، في حين انخفض معدل الشحن في ممر البحر الأحمر الحيوي الذي يؤدي إلى قناة السويس والبحر الأبيض المتوسط.
ورأت الوكالة أن جميع الدلائل تشير إلى أن هذه الحرب ستشتد، مما يعرض البحارة الأمريكيين وحلفائهم والسفن التجارية لمزيد من المخاطر.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن الجنرال إريك بلومبرغ قائد سفينة USS Laboon، قوله: "لا أعتقد أن الناس يدركون حقاً مدى الخطورة البالغة للأمر، ومدى ما نفعله، وأن السفن لا تزال مهددة".
القتال الأطول منذ الحرب العالمية الثانية
وذكرت "أسوشيتدبرس" أنه في كل يوم تقريباً، باستثناء تباطؤ المعدل خلال شهر رمضان الماضي، يطلق الحوثيون الصواريخ أو الطائرات المسيرة أو يشنون أي نوع آخر من الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب الضيق الذي يربط هذه الممرات المائية.
ولفتت الوكالة إلى أن البحرية الأمريكية شهدت فترات سابقة من القتال خلال "حرب الناقلات" في الثمانينات بالخليج العربي، لكن هجمات الحوثيين تتضمن استهدافاً مباشراً للسفن التجارية والحربية.
وقال بريان كلارك، وهو غواص سابق في البحرية الأمريكية وزميل بارز في معهد "هدسون" إنه "بلا شك، القتال الأطول الذي شهدته البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية".
ولفتت الوكالة إلى أنه بينما تبقى حاملة الطائرات USS Dwight D. Eisenhower، على مسافة من منطقة القتال إلى حد كبير، فإن المدمرات مثل USS Laboon تقضي 6 أيام من الأسبوع بالقرب من اليمن أو قبالته، وهي "منطقة الاشتباك بالأسلحة"، حسب تعبير البحرية الأمريكية
وذكر الأدميرال مارك ميجيز قائد البحرية الأمريكية لمجموعة حاملة الطائرات الثانية، والتي تضم USS Dwight D. Eisenhower والسفن الداعمة، أن "البحرية عطلت مركبة غير مأهولة كانت تحمل قنابل تحت الماء أطلقها (الحوثيون) أيضاً".
وأضاف: "لدينا الآن ثقة كبيرة جداً في أن إيران لا تقدم لهم الدعم المالي فحسب، بل الدعم الاستخباراتي أيضاً، كما نعلم حقيقة أن الحوثيين تلقوا تدريبات لاستهداف سفن الشحن البحري والسفن الحربية الأمريكية".
وبسؤاله عما إذا كانت البحرية الأمريكية تعتقد أن إيران تختار الأهداف للحوثيين، اكتفى ميجيز بالقول إن هناك "تعاوناً بين طهران والمتمردين (الحوثيين)"، مشيراً إلى أن "إيران تواصل تسليح الحوثيين، على الرغم من عقوبات الأمم المتحدة التي تمنع نقل الأسلحة إليهم".
"إحباط الاستراتيجية الأمريكية"
وفي المقابل، ذكرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لـ "أسوشيتد برس" أن بلادها "بارعة في إحباط الاستراتيجية الأمريكية بطريقة لا تؤدي إلى تقوية (الحوثيين) فحسب، بل تضمن أيضاً الامتثال للقرارات (الأممية) ذات الصلة".
وقالت الوكالة إن الخطر لا يقتصر على البحر فحسب، إذ شنت الحملة التي تقودها الولايات المتحدة العديد من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع الحوثيين داخل اليمن، بما في ذلك ما يقول الجيش الأمريكي إنه "محطات رادار ومواقع إطلاق الصواريخ وترسانات ومواقع أخرى".
كما أدت إحدى الضربات الأمريكية والبريطانية المشتركة في 30 مايو الماضي إلى سقوط ما لا يقل عن 16 شخصاً، وهو الهجوم الأكثر دموية الذي أقره "الحوثيون".
وأفاد الجنرال الأمريكي مارفن سكوت، الذي يشرف على جميع طائرات حاملة الطائرات USS Dwight D. Eisenhower، بأن أطقم الطائرات هناك أسقطت أكثر من 350 قنبلة وأطلقت 50 صاروخاً على أهداف في الحملة، كما أسقط (الحوثيون) عدة طائرات مسيرة من طراز (MQ-9 Reaper) بأنظمة صواريخ أرض-جو.
وتابع: "يمتلك (الحوثيون) أيضاً قدرات أرض-جو قمنا بإضعافها بشكل كبير، لكنهم ما زالوا موجودين، ولذا أصبحنا على استعداد دائم لإطلاق النار علينا من قبلهم".
المفاوضات مع الحوثيين
ووفقاً للوكالة، أقر الضباط الأمريكيون بوجود تذمر بين أفراد طواقمهم، مع تصاعد التساؤلات عن سبب عدم قيام البحرية بضرب الحوثيين بقوة أكبر، لكن البيت الأبيض لم يناقش هجمات الجماعة اليمنية بنفس مستوى المفاوضات التي تجري بشأن الحرب بين إسرائيل و"حماس" في قطاع غزة.
ورأت الوكالة أن هناك عدة أسباب محتملة لذلك، قائلة إن الولايات المتحدة تحاول خفض التوترات مع إيران بشكل غير مباشر، لا سيما بعد أن شنت الأخيرة هجوماً ضخماً بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، كما تقوم الآن بتخصيب اليورانيوم بشكل أقرب من أي وقت مضى إلى مستويات صنع الأسلحة.
ويعد القتال المباشر بين الولايات المتحدة والحوثيين "أمر يريده على الأرجح قادة الجماعة اليمينة"، بحسب الوكالة التي ذكرت أن محاربة واشنطن والانحياز علناً إلى الفلسطينيين دفع البعض في الشرق الأوسط إلى الإشادة بالجماعة.
وأشارت التقارير إلى أن بعض دول الشرق الأوسط طلبت من الولايات المتحدة عدم شن هجمات على الحوثيين من أراضيها، مما يجعل وجود USS Dwight D. Eisenhower أكثر أهمية، ولذا تم تمديد فترة انتشار الحاملة.