09 Mar
09Mar

“تنزيلات.. “أسعارنا حصرية”.. تغزو هذه العبارات وغيرها صفحات التسوق الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تقف في صدارتها “إنستغرام” و”فيسبوك”، فما إن تطالع حسابك على أحد هذين التطبيقين، حتى تغزوك الإعلانات الممولة لصفحات تسوق بضائعها بأسعار تنافسية، الأمر الذي يدفعك لحجز المنتج على الفور بسبب رخص الأسعار أو لإعجابك بما هو معروض.
مراقبون يصفون التسوق الإلكتروني بـ”التجارة المريحة”، حيث يقوم أصحاب هذه الصفحات بإدارتها من المنزل دون تكاليف أخرى من قبيل إيجار المحل أو المتطلبات الأخرى من تأثيث وديكور وأجور الكهرباء والاشتراك الشهري مع المولدة الأهلية، وكذلك بلا ضرائب، ما ضاعف من الأرباح.
وتقول أمل محسن (32 عاما)، خلال حديث لـها، إن “مشروعي بدأ بسيطا بعدد قليل من الملابس عبر تطبيق إنستغرام، وتدريجيا أصبح الطلب كبيرا لما أعرضه من قطع غير متوفرة بالأسواق التقليدية وبأسعار تنافسية”.
وتضيف “الأمر لا يحتاج لأكثر من طموح وذكاء لنجاح المشروع، بدأت بقطع بسيطة حتى وصلت إلى التعامل مع مصانع في تركيا توفر لي موديلات خاصة بمتجري فقط وبأسعار تكون في متناول الجميع حتى أتمكن من بيعها جميعها”.
وتؤكد محسن “هكذا حققت حلمي بفتح مشروعي الخاص دون أن أدفع إيجار محل والذي يكلفني الكثير، حيث في منزلي لا أدفع أي أجور سوى كلفة اشتراك الأنترنيت، وتطور مشروعي وأصبحت أرباحي كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
يشار إلى أن ظاهرة التجارة عبر الأنترنيت أو التسوق الإلكتروني انتعشت بشكل لافت خلال تفشي وباء كورونا في العراق، حيث فرضت الحكومة في حينها حظرا للتجوال وأجبرت المحال التجارية والمطاعم والأسواق على إغلاق أبوابها، ما اضطر أصحابها إلى اللجوء لخدمة التوصل إلى المنازل “ديلفري”، ومنذ ذلك الحين بدأ هذا النوع من التجارة بالتوسع والازدهار.
بدوره يجد المواطن مجتبى محمد، خلال حديث لـه أن “التسوق عبر المواقع والصفحات الإلكترونية يوفر الكثير من الوقت والجهد، وأن بإمكان أي شخص طلب ما يحتاجه من السلع والبضائع على مختلف أنواعها من خلال الفضاء الإلكتروني”.
وينبه محمد، إلى أنه “في بعض الأحيان لا تكون البضائع المعروضة على صفحات التسوق مطابقة للمواصفات المعلن عنها، ما يؤدي إلى فقدان المصداقية بين المستهلك وأصحاب تلك المواقع أو الصفحات الإلكترونية”.
وتعتبر التجارة الإلكترونية في العراق قطاعا واعدا ويتزايد حجمها سنويا، إذ يعد العراق من أكبر الأسواق في المنطقة بعد العام 2003 حيث فتحت أبواب الاستيراد على مصراعيها، كما أنه يحتوي على نسبة كبيرة من الشباب والمستخدمين للأنترنت والهواتف الذكية، مما يشير إلى إمكانية استثمار هذا النمو الكبير في قطاع التجارة الإلكترونية.
من جهته، يوضح التاجر أحمد حسين (49 عاما)، خلال حديث لـه إلى أن “التجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجارة مربحة وجيدة لكنها لا تخلو من الغش والاحتيال من قبل بعض ضعيفي النفوس الذين يربحون من خلال بيعهم قطعا رديئة أو تفتقر للجودة ولا تناسب سعرها حتى وإن كان بسيطا”.
ويلفت حسين، إلى أن “الحديث بشأن تفضيل التسوق الإلكتروني على التقليدي غير صحيح حيث ما يزال المواطن العراقي يفضل بشكل عام معاينة البضائع قبل شرائها والمساومة على ثمنها، لاسيما أنه ربما تعرض إلى غش بالجودة من قبل البضاعة بمواقع التواصل الاجتماعي”.
وعلى الرغم من انتشار التسوق الإلكتروني ورواجه بشكل واسع إلا أن العديد من العراقيين ما زالوا يفضلون الطريقة التقليدية للتسوق لمعاينة البضائع بأعينهم والتأكد من مقاسها وجودتها ومنشئها والمفاضلة بينها وبين أخرى، إلى جانب محاولة التخفيض من سعرها لشرائها، وهو ما لا يوفره التسوق الإلكتروني.
ويشكو ياسر مهدي (35 عاما)، صاحب أحد محال بيع الملابس النسائية في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، خلال حديث لـه، من الخسائر التي يتكبدها “التسوق الإلكتروني سرق الزبائن منا ولم نعد نحقق الأرباح التي كنا نحققها سابقا”.
ويتابع “الأمر أثر بشكل سلبي على أصحاب المحال التجارية وتكبدنا خسائر مالية لأننا ندفع إيجار المحال وأجور العمال في حين أصحاب التسوق الإلكتروني لا يتحملون هذه التكاليف، كما أنهم يبيعون بأسعار أرخص ويعرضون موديلات غير متوفرة بالأسواق لتعاملهم مع مصانع في الخارج توفر لهم البضاعة التي يريدونها بجودة رديئة وبأسعار رخيصة”.
ويكمل مهدي “لا نستطيع أن نعمل بجودة ردئية وبأسعار رخيصة لأنه بالإضافة إلى إيجار المحل وأجور العمال هناك ضرائب مفروضة علينا إضافة إلى الاشتراك الشهري مع المولدة الأهلية وغير ذلك، لذلك اضطررنا إلى مواكبة التطور وإنشاء صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والترويج لبضاعتنا من أجل تقليل الخسائر المادية”.
واستقطب التسوق الإلكتروني العديد من الشباب العاطلين عن العمل وخريجي الجامعات الذين وجدوا فيه سبيلا يعوضهم عن معاناة البحث عن فرص العمل في القطاعين العام والخاص ويحقق طموحهم في إنشاء مشاريعهم الخاصة التي تتلائم مع اختصاصاتهم.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة