27 Apr
27Apr

بات التعديل الوزاريّ الذي يسعى رئيس الحكومة لإجرائه، سببا لتهديد ائتلاف إدارة الدولة، وتفجير أزمة سياسية جديدة، بحسب مراقبين، أكدوا أيضا أن هذا التعديل، من المفترض أن يشمل وزراء من كتل شيعية، ما قد يزيد من حدة الخلافات داخل الإطار التنسيقي، لاسيما وأنها تزامنت مع محاولة السوداني "الاستقلال" بقراره، لكنهم في الوقت ذاته، رجحوا أن يكون التعديل شكليا بسبب خضوعه للتصويت تحت قبة البرلمان، ما سيجبر رئيس الحكومة على التوافق والعودة للمحاصصة.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـه إن "الصدام بين القوى السياسية، بدأ قبل أن يفكر السوداني بقضية التعديل الوزاري، خصوصا إذا ما علمنا أن تحالف السيادة يعترض على عدم تنفيذ الاتفاقات السياسية".

ويضيف الشمري، أن "الطموح السياسي للسوداني، يعد واحدا من الأمور التي أدت لبدء الخلافات داخل أطراف الإطار التنسيقي والسوداني، والآن الذهاب إلى التعديل الوزاري يمثل أوضح الصور لطبيعة الصدام بين السوداني وأطراف الإطار، فالتسريبات تقول إن بعض الوزراء الذين سيشملهم التعديل هم من الكتل الشيعية".

ويتابع أن "ائتلاف دولة القانون، رد على السوداني بشأن التعديل، وأعلن انه لا يمكن إجراء أي تعديل وزاري دون أي توافق، وهذا أيضا من بوادر الصدام"، مضيفا أن "ما ينتج من الصدام أولا تفكك إدارة الدولة، بالإضافة إلى تعطيل الاتفاقات السياسية، وهذا ستكون تداعياته أكبر على الحكومة لأن تفكك ائتلاف إدارة الدولة يعني أن الحكومة لا تستطيع تنفيذ البرنامج الحكومي، وأيضا قد نكون أمام صياغة تحالفات جديدة، بالتالي فأن المعادلة ستتغير بالكامل".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أكد قبل يومين خلال حديث متفلز أن هناك حديثا مباشرا وصريحا مع الوزراء بشأن تقييم عملهم، وبين: الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر.. مصممون على إجراء تعديل وزاري وسنختار الوقت المناسب، ولن أتنازل عن صلاحياتي الدستورية في إجراء التغيير الوزاري.

وأضاف السوداني أيضا: سأذهب للبرلمان وأطلب إعفاء الوزير المقصر ومن يريد أن يرفض سيكون أمام الشعب، وقد تحدثت بوضوح مع القوى السياسية وأبلغتهم أن تقييم الوزير مهني ولن يكون وراءه أي استهداف.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر في منتصف كانون الأول ديسمبر 2022، إعطاء مهلة 3 أشهر للمديرين العامين، ليجري بعدها تقييم أدائهم، وفق ما تم تنفيذه على أساس البرنامج الحكومي، فيما منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.

يشار إلى أن السوداني، تسنم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمنت كابينته الوزارية وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة وأغلبهم قادة كبار في تلك الكتل، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تمنح حقائب وزارية.

من جانبه، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـه، أن "التعديل الوزاري المرتقب لن يكون سهلاً، خصوصاً إذا ما تحرك السوداني نحو هذا الملف بشكل منفرد دون الرجوع للقوى السياسية، فممكن رفض هذا التعديل من خلال التصويت في البرلمان، فالتعديل يحتاج إلى تصويت البرلمان ولا يمكن دون ذلك، ولهذا السوداني يحتاج إلى اتفاق مسبق مع القوى السياسية في البرلمان، لضمان التصويت على التعديل الوزاري".

ويتابع أن "جميع الوزراء في حكومة السوداني ينتمون إلى قوى سياسية، وتغيير أي وزير، سيفتح باب الخلاف بكل تأكيد بين رئيس الوزراء والأحزاب التي ينتمي لها الوزير، فهذا التغيير دليل على فشل وزير هذا الحزب، ولهذا فإن التعديل الوزاري لن يكون سهلاً".

ويلفت إلى أن "بدلاء الوزراء، الذين سيتم تغييرهم إذا ما كان هناك اتفاق سياسي، فسيكونون من الكتل والأحزاب نفسها التي رشحت الوزير السابق، وهذا يعني أن لا تغيير حقيقيا في الأداء الحكومي، والتغيير سوف يقتصر فقط على الأسماء، فالمنهج واحد لا يتغير، طالما كان مبنيا على أساس المحاصصة".

جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله في أيلول سبتمبر من العام الماضي، شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.

يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.

وفي الحكومة الحالية 23 وزارة، موزعة على الأحزاب السياسية السنية والشيعية والكردية إضافة إلى الأقليات، وهي كالتالي: وزارتا الخارجية والإعمار والإسكان للحزب الديمقراطي الكردستاني، ووزارتا العدل والبيئة للاتحاد الوطني الكردستاني، ووزارات النفط والزراعة والرياضة لائتلاف دولة القانون، ووزارتا التربية والدفاع لتحالف العزم، ووزارتا الصحة والنقل لتحالف الفتح، ووزارتا الاتصالات والتعليم العالي لحركة عصائب أهل الحق، ووزارات الصناعة والتجارة والتخطيط والثقافة لتحالف السيادة، ووزارة العمل لكتلة سند، ووزارة الهجرة والمهجرين لحركة بابليون، ووزارة الكهرباء لكتلة النهج الوطني، فيما اختار السوداني بنفسه، بعد موافقة الإطار التنسيقي، وزراء لثلاث وزارات وهي المالية والداخلية والموارد المائية.

من جهته، يوضح المحلل السياسي راجي نصير خلال حديث لـه، أن "السوداني وضع منذ البداية، سقفا زمنيا لتقييم أداء الوزراء والمديرين العامين، بالتالي إذا انتهت الستة أشهر الأولى المحددة للتقييم ولم يتخذ قرار، فأن هذا سيحبط الشارع الذي بدأ يشعر نوعا ما بالتفاؤل بسبب خطوات الحكومة تجاه مكافحة الفساد والخدمات، وهذا يضع السوداني أمام اختبار، فانه إذا لم ينفذ تعهداته فإن القضية سيكون انعكاسها سلبيا عليه".

ويؤكد أنه "بالنسبة لتقييم الوزراء، فأنه سيكون على أساس ضوابط معينة، وعليه لا داعي للتحسس إذا كان التقييم على أساس مهني وبعيدا عن الرغبات الشخصية والحساسيات السياسية، أي هناك وزراء قدموا أمورا ملموسة وواضحة وهناك آخرون ما زالوا غير قادرين على إكمال أعمالهم".

ويستطرد "بإمكان السوداني أن يستفيد من تأييد الشارع له، إضافة إلى تأييد بعض الكتل المؤيدة لخطواته لتجاوز ما يمكن أن يقوم به المعترضون أو المتضررون من التعديل الوزاري في حال حصوله، لكن هناك خيارا أيضا أن يغير السوداني الوزير من الجهة السياسية نفسها، بالتالي أنه لا يغير الجهة السياسية بل شخص الوزير، لكون الحالي قد أخفق".

يذكر أن مصادر مطلعة ، كشفت في تقرير سابق أن وزير الدفاع ثابت العباسي من الشخصيات المشمولة بالتغيير الوزاري، ما دفعه إلى تكثيف نشاطه مؤخرا، بغية تشكيل قاعدة شعبية له.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة