تعيش مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان أزمة مياه خانقة أثقلت كاهل المواطنين الذين يعيشون في دوامة أزمات وخدمات سيئة، وعلى الرغم من كمية الأمطار والثلوج الغزيرة التي هطلت على العراق والإقليم خلال فصل الشتاء الماضي، إلا أن مختصين وصفوا الأزمة التي تعاني منها المدينة بأنها “الأسوأ على الإطلاق”، حيث شهد نهر الزاب الكبير شح في منسوب المياه، إلى جانب جفاف الآبار التي يعتمد عليها الأهالي، فضلا عن بناء المجمعات السكنية التي رفعت الحاجة للمياه بشكل كبير.
ويقول الخبير في الشأن المائي حمزة رمضان، خلال حديث لـه، إن “أزمة المياه في أربيل لها جوانب عديدة، منها أن المدينة تعتمد بشكل كبير على مياه الآبار منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن في السابق كان عدد السكان أقل أما الآن فتزايد عدد النفوس وكثرة الحاجة إلى الماء بكميات أكبر”.
ويضيف رمضان، أنه “بعد العام 2003 ازداد عدد السكان كما تطورت الحياة بشكل كبير، وتم افتتاح مئات المعامل والمصانع، وكذلك انفتاح المدينة على مشاريع الاستثمار والبناء العالي والمجمعات السكنية، والطموح أن تكون أربيل مشابهة لدبي، وتم بناء مئات المجمعات للسكن وبالتالي تضاعفت الحاجة للماء”.
ويشير إلى أن “الزيادة السكانية أصبحت غير متوقعة بسبب توافد الآلاف من المواطنين من وسط وجنوب العراق واستقرارهم في أربيل، وأيضا توافد السياح، كلها أسباب أدت إلى التجاوز على المياه ونهر الزاب الكبير”.
ويتابع أن “المدينة تعاني من أزمة المياه وهناك نوع من سوء الإدارة لهذا الملف، والمدن السكنية الجديدة استحوذت على القسم الأكبر من المياه”.
وتعتمد أربيل بشكل رئيس على مياه نهر الزاب الكبير الذي فقد مناسيبه المائية بسبب السياسات المائية لدولتي المنبع، تركيا وإيران، إذ قللت الأولى منهما مناسيب المياه عبر بناء السدود والبحيرات الصناعية، والثانية من خلال تغيير مجرى الأنهر نحو الداخل الإيراني دون السماح بعبور المياه نحو العراق.
إلى ذلك، يؤكد الخبير في الشأن المائي والأكاديمي مريوان كمال، خلال حديث لـه، أن “هنالك تجاوز خطير على المياه الجوفية، وخلال العامين الماضيين كان مستوى حفر الآبار بين 300 إلى 400 متر، لكن في الوقت الحالي وصل إلى 700 متر، حتى نصل إلى مصدر الماء، ونحن أمام كارثة كبيرة جدا، بسبب سوء الإدارة لملف الآبار”.
ويلفت كمال، إلى أن “نهر الزاب يعاني من الجفاف، والاعتماد الأكبر الآن على المياه الجوفية والآبار، وهذا المخزون بدأ بالتلاشي، وأربيل مهددة بكارثة كبيرة، لآن البناء وتزايد عدد السكان أكبر من الخزين المائي”.
ويبين أن “منح رخص الاستثمار للمجمعات السكنية من دون دراسة علمية، أمر خاطئ، فأغلب المجمعات تابعة للأحزاب والمتنفذين، وكل مجمع سكني يضم أكثر من ألف شقة، وهذه المجمعات توفر المياه لمدة 24 ساعة لغرض جذب الناس لشراء الشقق، وهذا أدى لزيادة التجاوز على المياه، وحفر الآبار بطريقة غير قانونية”.
ويوضح كمال أن “المستثمرين لكي يوفروا المياه يضطرون لحفر الآبار بطريقة غير علمية، ودون الحصول على إجازة ورخصة، وبالتالي هذا أثر على تناقص مصادر المياه، والمدينة خلال السنوات الخمس المقبلة أمام كارثة كبيرة”.
ويغطي نهر الزاب الكبير 35 بالمئة من الموارد المائية لمدينة أربيل، لكنه اليوم لم يعد يغطي سوى 22 بالمئة من حاجة المدينة، بحسب تقارير دوائر الموارد المائية في إقليم كردستان، وهذا الانخفاض الكبير في الموارد أثر بشكل واضح على كميات المياه المجهزة للمناطق السكنية، التي باتت تعاني غالبيتها من انقطاع المياه لمدة تصل إلى 20 يوما.
بدوره يشرح الناشط السياسي آرام محمود، خلال حديث لـه، أن “الخدمات في أربيل سيئة جدا، وأزمة المياه كبيرة، وزادت من معاناة المواطنين، فمن غير المعقول أن ينقطع الماء في خلال فصل الصيف الحار لأكثر من 20 يوما، دون أي حلول حكومية ناجحة”.
ويردف “حكومة الإقليم والأحزاب الحاكمة هي من تتحمل سوء الخدمات، وهي من تتحمل هذه الأزمات، وفي ظل الأزمة المالية وتأخر صرف الرواتب، يضطر المواطن لشراء الماء من الحوضيات بسعر 30 ألف دينار”.
وكان قائممقام مركز أربيل نبز عبد الحميد، قد حذر في تصريح صحفي من خطر الجفاف، وقال إن عمق آبار المياه وصل إلى 700 متر في بعض المناطق بعد أن كان نحو 200 متر فقط، موضحا أنه “في فصل الصيف وموسم الحر تزداد نسبة إقبال المواطنين على استهلاك المياه، لذلك نعاني من شح المياه في بعض المناطق بأربيل؟
وتعتمد أربيل بنسبة 35 بالمئة على مياه العيون والينابيع والأنهار الجارية، وبنسبة 65 بالمئة على المياه الجوفية.