منذ صدور قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية محمد الحلبوسي، من مجلس النواب، لم يهدأ الأخير، فأجرى سلسلة لقاءات مع قادة سياسيين، وممثلين لبعثات دبلوماسية في بغداد، لبحث العودة، ودور القضاء داخل البلاد.
هذه اللقاءات، ووفقا لمراقبين، جاءت لهدفين، الأول محاولة إيجاد منفذ للعودة إلى المنصب حتى وإن تطلب الأمر منه الاستعانة بالتدخل الخارجي، وثانيا، وقف التصعيد ضده عند هذا الحد وعدم المضي به للمحاكم والمحاسبة القانونية بتهمة التزوير، التي يمكن أن تؤدي به للسجن، بحسب خبير قانوني.
ويقول المحلل السياسي سيف رعد، خلال حديث لـه، إن "زيارة الحلبوسي للقيادات السياسية هي محاولة لإرسال عدة رسائل، أولها التذكير بوجود اتفاق سياسي، ووجود حزبه كركيزة أساسية بتحالف إدارة الدولة، وأن ما حدث هو مخالف للواقع السياسي العراقي الذي يعتمد بشكل واضح على الاتفاقات، أما الدستور والمخالفات القانونية والدستورية فهي كثيرة، وهناك ملفات ضد القادة السياسيين الآخرين، فلماذا يتم التعامل معه فقط بهذا التصعيد".
ويضيف رعد، "أما بخصوص الاجراءات القضائية فهو يتخوف أيضاً من محاولة إنهاء وجوده السياسي ومنع حزبه من مزاولة العمل السياسي في حال تم الاستمرار برفع القضايا ضده، وأهمها القضية التي رفعها النائب (المستقل) باسم خشان، بوجود اتفاق تعاقد مع شركة أمريكية أحد مستشاريها الأساسيين هو رئيس الوزراء السابق للكيان الصهيوني، وهذا ممكن أن يجرم عليه الحلبوسي وفق قانون منع التطبيع الذي أقره مجلس النواب".
ويتابع، أن "القادة السياسيين السنة يشعرون بتخوف أيضا، فمن الممكن أن تثار ضدهم مستقبلا بعض القضايا، فالكثير منهم صدرت بحقهم مذكرات قبض وقضايا معلقة بالقضاء، وهنا قد يلجأ الزعماء السنة بقبول هذا العزل للحلبوسي، ومحاولة الاستفادة منه لدفع أحد قيادييهم كبديل له، وهناك من يحاول أن يضع حدا للتصعيد ضد الحلبوسي، حتى لا يتعرض لنفس المصير في المستقبل"، مبينا أن "الحلبوسي يحاول استخدام كافة الوسائل المتاحة للضغط على الشركاء السياسيين بهدف إيجاد مخرج قانوني لقضيته".
ويؤكد أن "الحلبوسي إن لم يستطع الوصول لنتيجة، فإنه سيستخدم الضغوط الخارجية، وإن لم يستطع فمن الممكن أن يتجه إلى الأنبار ويحاول صناعة ضغط شعبي وتحالف مع بعض شيوخ العشائر من أجل استثمار هذه القضية بالدفع إلى إعلان استفتاء عام في محافظة الأنبار لإعلانها إقليما حسب الدستور".
وأولى اللقاءات التي عقدها الحلبوسي بعد عزله من منصبه، هو مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وقد صدر بيان الأخير الرسمي، وهو يطق على الحلبوسي صفة رئيس مجلس النواب.
كما استقبل الحلبوسي في مقر اقامته، رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، إضافة إلى عقده لقاء مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت، والأخيرة لم تطلق على الحلبوسي أي صفة رسمية، بل اكتفت بـ"السيد الحلبوسي" في تغريدتها.
ولغاية يوم أمس الخميس، التقت السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي، بالحلبوسي، وبحثت معه حيثيات قرار المحكمة الاتحادية بحقه، كما أنها التقت في ذات اليوم برئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الطرف الثاني في القضية.
إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن القانوني محمد الساعدي، خلال حديث لـه، أن "التبعات القضائية والقانونية ضد الحلبوسي لن تتوقف عند انهاء عضويته من مجلس النواب، بل هناك تداعيات أخرى، وهي محاسبته عن تهمة التزوير، وهذه جريمة يعاقب عليها القانون".
ويلفت الساعدي، إلى أن "جريمة التزوير من الجرائم المخلة بالشرف، وأكيد عقوبتها تصل للسجن من سنة إلى 15 سنة، وهذا الأمر يبقى قيد تحقيق وتقدير المحكمة المختصة التي تنظر بذلك، فالمحكمة الاتحادية ليس لها علاقة بهذه المحاسبة وهذا من اختصاص المحاكم الأخرى، ويمكن تحريك هذه الدعوى ضد الحلبوسي من قبل الادعاء العام أو من قبل أي شخص كان".
ويلفت إلى أن "انهاء عضوية الحلبوسي بتهمة التزوير، يعني أنه في المستقبل لا يستطيع ترشيح نفسه للانتخابات أو إشغال أي منصب حكومي، ولذا فإن قرار المحكمة الاتحادية له تبعات قانونية وقضائية ولن يتوقف عند إسقاط عضوية البرلمان كما يتصور البعض".
وكان رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم العميري، صرح يوم أمس، بأن قرار إنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لا يخضع لطرق الطعن القانوني، وأنه بات وملزم لجميع السلطات، مؤكدا أن المحكمة الاتحادية مختصة بالنظر في مثل هذه القضايا بموجب المادة 93 من الدستور.
يشار إلى أن رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات عمر احمد محمد، أكد يوم أمس، عدم صدور أي قرار من المفوضية حول استبدال رئيس تحالف تقدم الوطني، نافيا الاخبار المتداولة بهذا الصدد.
من جانبه، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث له، أن "اجتماع رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي مع بعض القيادات السياسية بعد قرار إنهاء عضويته من مجلس النواب العراقي، هي ضمن المجاملات السياسية ليس أكثر من ذلك، خصوصاً وأن هناك بعض الأطراف السياسية السنية كانت تنتظر عزل الحلبوسي من منصبه حتى تحصل على منصب رئيس البرلمان وغيرها من المناصب الأخرى".
ويرى الدعمي، أن "هناك رغبة من قبل الطبقة السياسية بمتابعة الحلبوسي وإحالته للمحاكم وسجنه وانهائه بشكل كامل من العملية السياسية، لكن نعتقد أن الحلبوسي سيغادر العراق، أو تحدث اتفاقات سياسية من أجل عدم فتح أي ملف ضده، مع انتهاء أي دور سياسي له".
ويستطرد أن "عزل الحلبوسي أشعر الكثير من الجمهور السني بأنه مهمش وأصبح هناك تعاطف من قبل بعض الأطراف السياسية والشعبية السنية"، مرجحا "تحجيم دور الحلبوسي السياسي بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، وهذا ما تريده أطراف سياسية ليست سنية فقط، بل حتى من داخل الإطار التنسيقي الشيعي".
يذكر أن القوى السياسية السنية، بدأت بطرح أسماء المرشحين لشغل منصب رئيس البرلمان، ولغاية الآن ما تزال النقاشات جارية، وإن الخلافات ستكون حادة حول اختيار المرشح بين الكتل السياسية السنية، خاصة وأن حزب تقدم يؤكد أحقيته بالمنصب وطرح مرشحا لشغلة، بمقابل سعي تحالف العزم بزعامة مثنى السامرائي للحصول على المنصب.