05 Jun
05Jun

بعد تصاعد وتيرة الإصابات بالحمى النزفية في ذي قار، ودخول المحافظة مرحلة الخطر وفقا لتصريحات المسؤولين، بات تفحص المواشي من قبل رعاتها من أهم واجباتهم الجديدة، وهو ما يفعله أبو عبدالله البدري مع أغنامه، خوفا من تسلل حشرة القراد لها.

ويقول البدري (42 عاما) "أقوم يوميا بفحص أغنامي في الحظيرة خوفا من تسلل حشرة القراد إلى إحداهن، وأيضا اصبح تفحص أي ماشية قبل شرائها من الأمور الأسياسية، فهذه الحشرة غالبا ما تستقر في أذن الحيوان وقرب أعضائه التناسلية والأفخاذ".

وغالبا ما يتواصل البدري، وهو صاحب حظيرة للمواشي شرقي مدينة الناصرية، بالمستشفى البيطري لإرسال فريق متخصص لتطهير مواقع الحظائر خوفا من أن تتواجد فيها الحشرة.

وكان وفد من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، زار محافظة ذي قار يوم أمس الأحد، وتابع الإجراءات المتخذة للسيطرة على تفشي وباء الحمى النزفية بالمحافظة، وأكد الفريق على ضرورة تعاون كافة الجهات من خلال تكثيف حملات التوعية الصحية ومنع ظاهرة الجزر العشوائي ومكافحة حشرة القراد الناقلة للمرض.

وتعد محافظة ذي قار، بؤرة تفشي مرض الحمى النزفية، وبدأت الإصابات هذا العام بالظهور منذ شهر نيسان أبريل الماضي، وفي حينها دعت وزارة الزراعة إلى تشكيل فرق بيطرية لرش الأبقاء والجاموس وتغطيس الأغنام والماعز بالمواد المطهرة، ومنع ظاهرة الجزر العشوائي وفق المادة 22 لسنة 1972 والمادة 105 لسنة 1989 الخاصتين بذبح الحيوانات.

وقد تصدرت ذي قار باقي المحافظات في عدد المصابين بالمرض، حيث سجلت 40 إصابة فضلاً عن تسجيل 6 حالات وفاة، وجاءت بعدها البصرة بـ22 إصابة و3 حالات وفاة، من ثم المثنى بـ11 غصابة و3 حالات وفاة، وفقا لآخر إحصائية لوزارة الصحة، صدرت قبل أيام.

وأصدر قائد شرطة محافظة البصرة، اللواء قاسم راشد، تعليمات أمنية "مشدّدة" بعدم دخول المواشي الى مركز المدينة، ومنع نقلها من الاقضية والنواحي الى المدينة وبالعكس. مع التأكيد على السيطرات الخارجية وداخل المدينة بشأن ذلك.
ممثل الصحة العالمية في العراق، أحمد زويتن، يوضح أن "التقارير الحالية تشير إلى تصاعد في أعداد الإصابات، وهذا الأمر يستلزم تظافر الجهود من قبل الحكومة المحلية في ذي قار وفريق المنظمة وكل المعنيين لوضع مسودة لطريقة جديدة ذات الصحة الواحدة".

ويبين أن "هذه المسودة تهدف إلى التنسيق بين كل الجهات المعنية للوصول الى السيطرة على هذا الوباء، وأن أي تقاعس سيزيد من خطورة الوضع".

وشهد البلد العام الماضي، ارتفاعا كبيرا بإصابات الحمى النزفية شملت أغلب المحافظات، وسجلت وزارة الصحة قرابة 300 إصابة في حينها.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن انتقال حمى القرم-الكونغو النزفية إلى البشر يحدث "إما عن طريق لدغات القراد أو بملامسة دم أو أنسجة الحيوانات المصابة خلال الذبح أو بعده مباشرة".

إلى ذلك، يبين مدير قسم الصحة العامة في ذي قار حسين رياض،أن "المحافظة دخلت مرحلة الخطر بعد أن سجلت ارتفاعا كبيرا في الإصابات بالحمى النزفية منذ بداية العام الحالي، حيث بلغت حتى الآن 50 اصابة بينها 7 وفيات وهذا يشير إلى أن الوضع غير مطمئن خصوصا وأن الفيروس ينتقل من الحيوان إلى الإنسان من دون الاحساس به".

ويؤكد، أن "المقاييس العالمية تشير بأن الإصابة الواحدة تؤشر بأن الوضع خطير، فكيف إذا ما أرتفع العدد إلى هذا الرقم وقد يزداد".

وكانت وزارة الداخلية أطلقت العام الماضي، حملات لإزالة حظائر تربية الحيوانات داخل الأحياء السكنية ببغداد، كونها تشكل خطرا بيئيا وصحيا في ظل وجود فيروس الحمى النزفية.

63 بالمئة من اللحوم مصابة
من جانبه، يوضح مدير عام قسم الصحة العامة في وزارة الصحة رياض الحلفي، أن"ذي قار هي الأكثر بعدد الإصابات، ولتفادي هذه الزيادة يتطلب الأمر اجراءات وقائية، وأهم محور للوقاية هو مكافحة حشرة القراد الناقل للمرض، وأن المستشفى البيطري معني بمكافحة الحشرة باستخدام المبيدات الفعالية، كما يتطلب من دائرة البلدية العمل على تقليل ظاهرة الجزر العشوائي عبر إنشاء مجازر نظامية مطابقة للمعايير".

ويشير إلى أن "الكثير من المواطنين يجهلون خطورة المرض واثاره"، مرجحا أن "63 بالمئة من اللحوم الموجودة في الاسواق مصابة بالفيروس".

جدير بالذكر، أن ظاهرة الرعي العشوائي للأغنام والأبقار، تنتشر بشكل واسع في بغداد والمحافظات الجنوبية، وغالبا ما تكون في المناطق السكنية، كما أن عمليات الذبح غالبا ما تكون في الطرقات والمنازل، وليس في مجازر خاصة ووفق الشروط الصحية.

كارثة المجازر
وفيما يخص المجازر، يؤكد مدير البيئة في ذي قار كريم هاني أن "المحافظة لا توجد فيها مجازر نظامية في المحافظة سوى واحدة صغيرة الحجم في قضاء سوق الشيوخ جنوب شرق المحافظة".

ويتابع: "أما المجزرة الرئيسية في مركز المحافظة التابعة لدائرة البلدية تم اصدار أمر قضائي بإغلاقها لمخالفتها المحددات البيئية المطلوبة، ورغم هذه الاجراءات فأن البلدية ما زالت تقوم بعملية الجزر فيها، وهذا يزيد من أزمة الوباء بالإضافة الى الرعي والجزر العشوائيين في المحافظة".

وردا على هذا الإتهام، يبرر مدير بلدية الناصرية علي عبدالستار، الاستمرار باستخدام المجزرة المغلقة: "لا يوجد بديل، وحاليا يجري العمل على إيجاد مجزرة نظامية، وهذا الأمر يتطلب توفير أرض وإعلانها بنظام المساطحة او الإستثمار وكلا الأمرين يتطلبان وقتا".

والحال في العاصمة بغداد، ليس أفضل من ذي قار، فقد سبق وأن كشف مسؤولا في محافظة بغداد أن المجازر المعروفة في العاصمة هي 3 في مناطق الدورة والشعلة والكرخ، وهي صغيرة جدا وتحتاج إلى إعادة تأهيل، وعمليا لا توجد مجزرة نظامية لغرض دفع الجزارين إليها ومنعهم من الجزر العشوائي.

أشبه بالإيبولا
من جانبه، يشرح عميد كلية الطب البيطري في ذي قار، باسم عبد الحسين أن "الحمى النزفية، واحدة من أخطر الأمراض الفيروسية، ويصنف من الدرجة الرابعة، على غرار مرض إيبولا في افريقيا".

ويوضح أن "واحدة من أهم اسباب انتشاره في ذي قار، هي عملية الجزر العشوائي بشكل كبير، خاصة وأن هذه الظاهرة تنامت أواخر عام 2019، بالإضافة إلى الرعي العشوائي، وهذين الأمرين زادا من انتشار الحشرة بالإضافة الى التغيير المناخي، مما زاد من حرارة فصل الصيف خلال السنوات الأربع الماضية".

يذكر أن آخر إحصائية للماشية في ذي قار، وفقا لمديرية الزراعة، فأن المحافظة تضم مليون و176 ألف رأس، شملت الأبقار والأغنام والماعز والجاموس.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة