عبر مراقبون وناشطون من محافظة بابل (نحو 100 كلم جنوب بغداد) عن خيبة أملهم من زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأول الخميس، خصوصا بعد رصد مكائن دارت لطلاء عدد من الأرصفة وهبوط آليات جديدة للعمل في مشاريع متلكئة منذ أعوام استمرت ليوم واحد قبل أن تنسحب بعد الزيارة.
وفيما شكك مراقب سياسي، بذهاب الأموال التي خصصتها حكومة السوداني إلى مشاريع في المحافظة، بسبب إسنادها للشركات المتلكئة نفسها، أفاد مسؤول تنفيذي بأن المشاريع التي استعرضها رئيس الوزراء ليست بالجديدة، وكان من المفترض أن يتم الحديث عن مشاريع أهم وبكلف أقل كالطرق الحولية وإنشاء معمل لتدوير النفايات.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عدنان الحسيني، خلال حديث لـه، إن “أهالي بابل كانوا يأملون بزيارة خاصة من قبل السوداني لأجل الاطلاع على واقع المحافظة، ولكن الزيارة كما يعلم الجميع، كانت عبارة عن تلبية لدعوة مجموعة شركات خاصة، لافتتاح معمل إنتاج الطحين في الشوملي، وهو الدافع لمروره بالمحافظة وليس لتفقد حالها”.
ويضيف الحسيني، أن “السوداني اجتمع خلال زيارته بالحكومة المحلية ومدراء الدوائر واطلع على المشاكل والمعوقات التي تواجهها المحافظة، لاسيما في ملف المشاريع المتلكئة، فبابل هي أكثر المحافظات تصدرا بنسبة المشاريع المتلكئة، بسبب عدم الاستقرار في إدارتها وتعاقب المحافظين والحكومات المحلية عليها، إذ أدار المحافظة 12 محافظا، خرج معظمهم بملفات فساد، وكل محافظ يجب أن يأخذ حصته وحصة حزبه من أموال مشاريع محافظة بابل”.
ويتابع رئيس تحرير صحيفة صباح بابل، أن “السوداني خصص أكثر من تريليون دينار للمشاريع المتلكئة، ولكن طالما بقيت الشركات المنفذة نفسها، فلا أعتقد أن أهالي بابل سيرون شيئا من هذه التخصيصات وستذهب النسبة الأكبر منها للعمولات ولعمليات الفساد، ولا نرجو خيرا من مجلس المحافظة لأن هذه الدائرة كشف أغلب أعضائها عن نواياهم، واتضح أن هذه الدورة من الدورات السيئة الأخرى التي ستعيش في المحافظة”.
ويأمل الحسيني، أن “تبدأ وتيرة العمل من قبل المحافظ وهو تابع حزبيا لحركة عصائب أهل الحق التي تتسلم إدارة المحافظة للمرة الأولى، وهي فرصة لإثبات وجودهم”، لافتا إلى أن “التحديات التي تواجه المحافظ كبيرة فإذا نجح ستكون له شعبية كبيرة وإذا فشل فلن تقوم له قائمة، لذا نتمنى أن يكون المحافظ الجديد أهلا للمسؤولية وأن يوقف عمليات الفساد وهدر المال العام وأن يعيد لبابل وجهها المشرق، لا في أسفل ترتيب المحافظات في ملف الخدمات كما هو الحال في الوقت الحاضر، لأن من تولوا إدارتها منذ 2003 ولغاية الآن ليسوا أهلا للمسؤولية وكانوا سراقا للمال العام”.
كما يشير إلى “خيبة أمل بشأن زيارة السوداني، لأن ما رأيناه اليوم صورة لشركات شمرت عن ساعديها وعملت في المشاريع بيوم واحد، وهو ما لم تفعله خلال سنة كاملة، كما أن الأسواق بدت خالية من المتجاوزين تماما، وشركة (نيم) المتعثرة في تنفيذ مشروع المجاري جاءت بآليات مستأجرة ثم سحبت الآليات بعد انتهاء الزيارة”.
ونقل ناشطون ومدونون صورا وفيديوهات عن الأعمال التي جرت في المدينة تحضيرا لزيارة السوداني، وأهمها ما حدث في شارع 60 وسط مدينة الحلة إذ جرى سحب الآليات التي كانت متواجدة للعمل ضمن مشروع مجاري الحلة الكبير فور انتهاء زيارة السوداني، فيما وصف معلقون ذلك بالمسرحية، وأكدوا في لهجة لا تخلو من السخرية والتهكم بأن “الزيارة لو استمرت أسبوعا لأكملت جميع المشاريع”.
وأعلن مكتب السوداني أمس الأول الخميس، أن الزيارة إلى بابل تأتي ضمن سلسلة زياراته الميدانية إلى المحافظات، وأفاد بأن رئيس الوزراء أطلق العمل في مشروع مطاحن الاتحاد بالمحافظة، مبينا أنه أحد مشاريع القطاع الخاص، كما افتتح السوداني مشروع توسعة مصنع السكر في شركة الاتحاد، ومصنع استخلاص الزيوت النباتية، ومصنع إنتاج الأعلاف النباتية ومصنع البريمكس، في الشركة، كما أجرى زيارة ميدانية إلى مشروع جسر عشتار وسط مدينة الحلة واطلع على أبرز العقبات التي تعترض التنفيذ ووجه بمعالجتها.
وأعلن السوداني، من بابل أمس الأول، عن رصد الحكومة أكثر من ترليون دينار لتنفيذ مشاريع في بابل، وإقامة مشاريع بمركز بابل توفر الخدمات بنسبة 90 بالمئة، وفيما أشار إلى البدء باستكمال مشروع مجاري الحلة الكبير، لفت إلى أن “هناك 64 مشروعا متلكئا في بابل”، مؤكدا أنه “تمت إضافة تخصيصات بقيمة تريليون و276 مليار دينار لتنفيذ مشاريع جديدة في المحافظة”.
من جهته، يؤكد مسؤول المشاريع في بلدية الحلة سلوان الآغا، خلال حديث لـه ، أن “زيارة السوداني للمحافظة كانت مرتقبة ومنتظرة منذ فترة طويلة، وهذه الزيارة جمعت هدفين للسوداني، أولها افتتاح مصنع تابع لشركة الاتحاد، وهي رسالة لدعم القطاع الخاص وملف الاستثمار”.
ويضيف الآغا، أن “الهدف الثاني من الزيارة هي المشاريع التي زارها السوداني، وهي مشاريع ليست بجديدة والعمل فيها مستمر وبعضها متوقف بسبب المشاكل مع الحكومة المركزية بشأن التخصيصات المالية”.
ويتابع أن “المشروع الآخر الذي أعلن عنه رئيس الوزراء هو مشروع مجاري الصوب الصغير في الحلة، وهو مشروع كانت بلدية الحلة أكملت الكشوفات الخاصة به منذ 6 أشهر”.
وعلى الرغم من أن الآغا، يشدد على أن “الزيارة مهمة ولا يمكن إفراغها من محتواها، إلا أن الجانب الإعلامي أخذ حيزا أكثر من التنفيذي، لأن الكثير من المشاريع المهمة كان من المتوقع أن تناقش ولم يرد ذكر لها في البيانات الرسمية، فالمحافظة تعاني من مشاكل في الطرق الحولية والتي يمكن حلها برصد نحو 40 – 50 مليارا لاستملاك الأراضي من أجل إنشائها”.
ويتابع مسؤول المشاريع في بلدية الحلة، أن “معظم الطرق الحولية متردية جراء ضغط الآليات والشاحنات، وتحتاج إلى صيانة أو فتح طرق جديدة باستملاك الأراضي، لكن بقي هذا الملف طيّ النسيان، وكان الأجدر والأولى أن ينال اهتمام السوداني خصوصا انه مهتم بملف فك الاختناقات المرورية، لكن نأمل أن يكون قد تطرقوا لهذا الملف خلف الكواليس”.
ويخلص إلى أن “السوداني وعد بحسم ملف التنظيفات في المحافظة، لكن نأمل أن لا يكون هذا الملف عبارة عن إزالة النفايات من الشارع فقط، لأن المحافظة تمتلك مشروعا مصمما لمعمل تدوير نفايات وقد لا تتعدى كلفته 70 مليار دينار، كما أن المكان المخصص له في قضاء الكفل وجميع التصاميم وجداول الكميات مكتملة، ويحتاج إلى التنفيذ فقط”.