20 Mar
20Mar

منذ قرابة العشرين عاما وشركات الإنتاج الفني والقنوات الفضائية تقدم سنويا العديد من المسلسلات التلفزيونية التي تتناول مختلف جوانب الحياة العراقية قبل وبعد العام 2003، لكن طعونا عدة تواجه جودة تلك الأعمال، وإدارة ميزانياتها من قبل مختصين في المجال الفني.


وشاب المسلسلات المعروضة خلال الموسم الرمضاني الحالي، هفوات وأخطاء رصدها المشاهد البسيط، وأيدها ذوو الاختصاص، فمن الأزياء المتناقضة مع الواقع والتي يعود بعضها إلى أواسط القرن الماضي، إلى وسائل اتصالات باهظة الثمن لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي لشخصيات العمل، إلى إشكالات أخرى جعلت العديد من المشاهدين لا يتفاعلون مع أعمال كانوا ينتظرونها، ناهيك عن شبهات فساد طالت منحة الدراما المقدمة من قبل مجلس الوزراء.


وبهذا الصدد، يقول الفنان خليل فاضل خليل، خلال حديث لـه إن “المشاهد العراقي أصبح لديه نوعا من الخبرة الفنية، فهو إلى جانب مشاهدته للمسلسلات العراقية يتابع أيضا العربية والأجنبية، لذلك باتت لديه القدرة على المقارنة والمقاربة وبالتالي تم رصد الكثير من الأخطاء والهفوات الإخراجية في المسلسلات المعروضة خلال الموسم الرمضاني الحالي”.


ويضيف خليل، أن “اختيار النص من أهم الأمور التي يعتمد عليها المسلسل التلفزيوني، فالمخرج عادة يجسد ما هو مكتوب في السيناريو من دون أن يكون مشتركا في مراحل كتابته، على عكس الكتابة المسرحية فالمخرج يكون حاضرا في جميع المشاهد وبإمكانه التغيير والتعديل والإضافة على النص المسرحي أكثر من النص التلفزيوني، لذلك لا ننفي وجود بعض الأخطاء في أي عمل فني لكن يجب أن لا تكون أخطاء جسيمة”.


وينبه إلى عامل آخر مهم وهو “ضيق الوقت الخاص بإنجاز المسلسل سواء من قبل الجهة المنتجة أو بسبب قرب الموسم التلفزيوني، وبالتالي يأتي عامل الوقت أحيانا على حساب الإبداع والجودة، ما ينتج بطبيعة الحال بعض الأخطاء التي قد تؤدي إلى ضعف العمل”.


يشار إلى أن إحدى المسلسلات التي تم عرضها خلال شهر رمضان الحالي، تدور أحداث في العام 2020 والذي شهد إغلاق تاما لجميع المقاهي بشكل خاص، والمطاعم عموما والأسواق والاعتماد على خدمة التوصيل إلى المنازل، وتعطيل الدوام في دوائر الدولة والمدارس والجامعات وفرض حظر للتجوال، في حين تظهر شخصيات المسلسل تتجول بشكل طبيعي في مناطق بغداد وتزاول أعمالها وترتاد المقاهي والمطاعم والمدارس والجامعات.


وفي هذا المسلسل أيضا يتم طرد إحدى العوائل من المنزل الذي تستأجره بسبب تأخرها عن دفع الإيجار لعدة أشهر، فيما تظهر أبنتا العائلة وهما تحملان جهاز آيفون 15 الذي لم يدخل الأسواق العراقية إلا في العام 2024.


بدوره يرى الفنان والناقد الفني جبار المشهداني، خلال حديث لـه، أن “الموسم الرمضاني الحالي موسم عافية للدراما العراقية على الأقل من حيث الكم، وأنا لا أتحدث هنا عن النوع بل الكم، فكثرة الإنتاج تنتج نوعا جيدا، ولذلك نفرح عندما نجد موسما رمضانيا مزدهرا ومليئا بالأعمال المتنوعة، ونعتقد أنها بداية الطريق لتأسيس موسم درامي عراقي ينمو ويتصاعد للأفضل مستقبلا”.


ويتابع “أما بخصوص الأخطاء الحاصلة في الدراما هذا العام، فبحسب تقديري الأخطاء موجودة فنية أو تقنية أو أخطاء (راكور)، وتحدث في استمرارية المشهد من حيث اختلاف ملابس الممثل بين لقطة وأخرى ضمن المشهد نفسه، ومثل هكذا أخطاء قد تحدث لأن أي عمل فني على جميع المستويات المحلية منها والعربية وكذلك العالمية قد تحتوي على أخطاء بنسب مقبولة، لكن مستقبلا أعتقد أنه سيتم تلافي هكذا نوع من الأخطاء”.


ويؤكد على أنه “يفترض أن يتم التصوير للموسم الرمضاني المقبل بعد انتهاء الموسم الرمضاني الحالي مباشرة لأن التصوير قبل فترة قصيرة من العرض غير كافٍ، لكن بسبب التأخر في وصول إطلاق التخصيصات المالية يتم التصوير على عجل، كذلك يجب أن يكون هناك تنسيق عالٍ بين المنتج سواء كان حكوميا أو قطاعا خاصا وبين جهات التنفيذ الشركات أو المؤسسات لكي يكون التخطيط لبداية الموسم الرمضاني صحيحا”.


وحول الأعمال الممولة من قبل، يوضح المشهداني “التمويل الحكومي أمر مهم والدراما بحاجة لمثل هذه الخطوة على أن يكون هناك سوق للدراما مستقبلا، سوق إنتاجي يتولاه القطاع الخاص تسويقا وإنتاجا وبذلك نأسس هذا السوق عبر المنافسة”.


وفي إحدى المسلسلات المعروضة حاليا، يظهر أحد الأشخاص وهو يجلس أمام واحد من أشهر الفنادق في العاصمة بغداد، وتمر أمامهم فتيات يرتدين ملابس قصيرة جدا لا تتناسب مع واقع المجتمع العراقي، وتبدو وكأنها في دولة غربية أو إحدى الدول العربية.


ويكشف مصدر مطلع، خلال حديث لـه أن “الحكومة وبموافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قامت بتمويل إنتاج 9 أعمال درامية بمبلغ ثمانية مليارات دينار، وذلك قبل نحو شهرين أو ثلاثة أشهر من حلول شهر رمضان”.


ويردف المصدر، أن “تمويل هذه الأعمال لم يسر بشكل طبيعي، بل شابته شبهات فساد، حيث وردت معلومات عن مساومة المنتجين على مبلغ 100 مليون قبل تسليمهم مبلغ العمل الدرامي المخصص من الحكومة”.


يشار إلى أن بعض مسلسلات الموسم الرمضاني الحالي بدأ العمل بتصويرها قبل فترة قصيرة جدا لا تتجاوز الثلاثة أشهر، ما تسبب بإرباك وعدم انسجام في الكثير من تفاصيلها الفنية والتقنية.


إلى ذلك، يذكر المدير المفوض لشركة الشروق الفنية، المخرج أمجد حمزة الكناني، خلال حديث لـه أن “العاملين في الدراما لا ينظرون إلى كمية الانتقاد بل إلى نوعيته إذ أن هنالك انتقادات صادرة من أناس غير مهنيين، والبعض منهم قد يكون مأجورا أو لديه عداوة شخصية لتسقيط العمل، في حين يوجد أساتذة مختصون بالنقد الفني يؤخذ برأيهم كونه نابعا من خبرة واختصاص”.


ويلفت إلى أنه “يوجد لدينا مختصون في مجال الأزياء يملكون الخبرة والخيال الواسع والدقيق في تصميم الملابس، لكن للأسف هولاء مهمشون لأنهم لا يتمتعون بعلاقات في الأوساط الفنية ولا يسعون للانضمام إلى مجموعات، ولا يعتمدون الواسطة للعمل، وبالنتيجة يقوم بالعمل بدلا عنهم عديمو الخبرة لذلك تقع الأخطاء، وهي تقع على عاتق المخرج، كونه سيد العمل”.


ويستدرك “الأخطاء توجد في أي عمل، وليس لدينا عمل عراقي متكامل على صعيد التلفزيون أو السينما”، مقللا من “ظهور أحد الشخصيات خلال العمل، وهو يرتدي رداء منزليا من قماش الستن (روب) كرمز للطبقة البرجوازية، فهو لا يعد خطأ فادحا أو محل انتقاد، رغم انحسار هذا الزي بشكل كبير”.


ويعلق الكناني، على الاستعانة بمخرجين عرب، بالقول “لن ننجح باستعارة المخرجين لأسباب عديدة، منها أن هؤلاء لا يمتلكون خلفية ثقافية حول الإرث العراقي وعاداته وتقاليده، فبالنتيجة نجد في الأعمال الدرامية التي تنفذ بواسطة الإخراج العربي أخطاء وهفوات عديدة”.


ويؤكد أن “الدراما الرمضانية يتم تصوير أعمالها قبيل شهر رمضان بفترة قصيرة لأسباب كثيرة منها إنتاجية العمل التي لا تأتي بصورة سريعة وأحيانا سياسة القنوات تحول دون ذلك، وبالنتيجة يصبح لدينا وقت قصير نقع على إثره في أخطاء سواء إخراجية أو تصويرية، كما أن سبب التأخير بتقديم وبدء التصوير كذلك هو عامل النص كونه يخضع لشروط وسياسة القناة المنتجة لذا يُدقق بإمعان وقد يعُدل من قبل المؤلف مرات عديدة بما يتوافق وشروط القناة، كل هذه الإجراءات قد تأخذ وقتا وتتسبب في تأخير الشروع ببدء العمل التلفزيوني”.


ويختم الكناني بتصريح حصري لـه عن أنه سيقدم عملين جديدين من إخراجه، أحدهما مسلسل تلفزيوني بإنتاج عراقي عربي إيراني، والعمل الآخر مسرحي.


كما تضمنت إحدى المسلسلات التلفزيونية ظهور مجموعة من الشباب يرتدون ملابس غريب فيما تضع إحدى الفتيات أقراطا في أماكن غير معتادة من الوجه، وعادة ما يرى المشاهد مثل هكذا شخصيات في الأعمال الغربية وتحديدا التي تعاني مناضطرابات نفسية أو ميولا غير سوية.


ويقول المخرج عباس النجار، لـه، إن “المشاهد ينتقد حسب مزاجه ووفق وجهة نظره دون امتلاك خبرة فنية، أما ما يتعلق بالأزياء الخاصة بالمشاهد الخارجية فيتم اختيارها بحسب وجهة نظر المخرج وطبيعة المشهد، في حين أن الملابس المنزلية مثل (الروب الرجالي) فهي محاولة لتقليد شعوب أخرى”.


ويضيف “وفيما يتعلق بالأخطاء الحاصلة في الزي العسكري والرتب والشعارات التي تم رصدها في المسلسلات المعروضة حاليا، فسببها العجلة في التصوير وضيق الوقت، وهما أبرز عاملين لحدوث أخطاء كهذه”.


ويعزو النجار حصول الأخطاء الدرامية إلى “الاستعانة بمخرجين عرب لإخراج الدراما العراقية ممن تنقصهم المعرفة والإلمام الشامل بطبيعة وعادات المجتمع العراقي بشكل دقيق، ومن المفروض أن يكون الإنتاج على أهبة الاستعداد على مدار العام للتحضير للعمل الدرامي من الجوانب كافة وليس فقط قبيل الموسم الرمضاني بأشهر قليلة”.


وكان القضاء العراقي قد أصدر في 18 آذار مارس الجاري، أمرا ولائيا بإيقاف مسلسل “عالم الست وهيبة” الجزء الثاني الذي تبثه قناة “UTV” الفضائية، بناء على دعوى سبقت عرضه، تقدم بها مؤلف الجزء الأول منه صباح عطوان.


يذكر أن ديوان الوقف الشيعي، قد أعلن في وقت سابق، عن اتخاذه إجراءات دستورية وقانونية تجاه الإساءة إلى الرموز الدينية في الأعمال الدرامية، وذلك بعد مطالبات نيابية بوقف مسلسل درامي عراقي يحمل عنوان “عالم الست وهيبة”.


كما طالب نواب، بإيقاف بث المسلسل، حيث رأوا في شخصيات المسلسل إساءة للرموز الدينية، ومقتبسة من حزب “البعث” المحظور في البلاد، مشيرين إلى أن هناك إساءة عمدية للرموز الدينية في المسلسل، معتبرين أن اختيار شخصية (مهيدي أبو صالح) فيها إشارة واضحة تتضمن الإساءة العمدية بصيغة “الكناية والتورية” إلى شخصية الإمام المهدي وهو (الإمام الثاني عشر والأخير عند الشيعة الاثنا عشرية).

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة