أجمع خبراء بالشأن السياسي، على حتمية الرد الإيراني على إسرائيل، سواء من أراضيها أو عبر الفصائل المسلحة العراقية، لكنهم اختلفوا حول هدف الرد، بين من يرى أن إيران تسعى لخلق إعادة توازن بقوى الردع وقطع الطريق أمام أي هجوم جديد ممكن أن تتعرض له، وبين من وجده “إعلاميا” ولن يستهدف أي أهداف حقيقية في تل أبيب.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، ياسين البكري، خلال حديث، إن “إيران جادة بالرد على إسرائيل، لأسباب متعددة، فحين يصرح المرشد بالرد فليس كما يصرح أي مسؤول آخر في إيران، أي المصداقية أعلى، ولو كانت التصريحات لغايات للحرب النفسية لأوكل التصريح لأطراف أخرى”.
ويضيف البكري، أن “إيران ترغب باعادة توازن الردع دون الدخول بتوسيع الحرب، واستوعبت ما عرف بالصبر الستراتيجي بعد إغتيال إسماعيل هنية، وهذا الصبر قرأ إسرائيليا بأنه ضعف، وهو ما شجع نتنياهو على إغتيال حسن نصر الله، وفهمت إيران الإنتظار على أنه خطأ إستراتيجي في صراع مع إسرائيل تقودها الآن شخصية مثل نتنياهو، كما أن إيران لم تحسن قراءة شخصية نتنياهو بشكل جيد”.
ويؤكد أن “الرد متوقع أن يكون من إيران والمحور عدا سوريا، لإعادة الثقة بشعار وحدة الساحات، ولخلق ردع عالي المصداقية للتمهيد لمفاوضات تنهي الحرب سريعا”، مضيفا أن “إيران تستثمر في الوقت الحالي عدم انهيار بنية حزب الله بعد الضربات النوعية له، والتي ساهمت إيران في ترميم موقفه منذ اسابيع وطبيعة ممارسته للحرب وردوده العسكرية، للوصول لاتفاقات وتسويات تحفظ بنية الحزب بعيدا عن أهداف نتنياهو وبعض الاطراف اللبنانية في تطبيق القرار 1701، بحذافيره والقرارات المرتبطة به، ومنها اتفاقية الطائف ونزع سلاح كل الأطراف ومنها سلاح حزب الله، وفرض سلطة الدولة اللبنانية وسيادتها على كامل الأرض اللبنانية”.
ويتابع أن “التوقيت سيأخذ بالحسبان الانتخابات الأمريكية كي لا يؤثر في حظوظ ترامب، وربما سيكون عند إغلاق آخر صندوق من تلك الإنتخابات، فلا خيار أمام إيران إلا في إعادة توازن الردع”.
ومنذ أيام أشارت تقارير صحفية إسرائيلية وأمريكية، إلى قرب رد إيراني محتمل على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية إيرانية الشهر الماضي، ليتبعها يوم تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يوم السبت الماضي، بـ”رد قاس”ـ ضد الولايات المتحدة وإسرائيلـ حيث قال خامنئي خلال فعالية لإحياء ذكرى اقتحام متظاهرين مقر السفارة الأمريكية في طهران، إن طهران ستفعل “كل ما يجب القيام به لإعداد الأمة الإيرانية، سواء عسكريا أو سياسيا” لمواجهة أي تهديد.
كما أعلن الناطق باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني، أن إيران سترد على “العمل الشرير الجديد” الذي قامت به إسرائيل، مؤكدا أن “الرد على العدوان الصهيوني الأخير على إيران سيكون حتميا وحاسما وخارجا عن إدراك العدو”.
من جانبه، يبين الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “بكل تأكيد إيران لديها نية حقيقية في الرد على إسرائيل، وهذا الرد قد يأتي بأي لحظة ونتوقع هذا الرد سيكون مختلف عن السابق، وربما سيكون أعنف من حيث الكمية ونوعية الأهداف التي سوف يتم استهدافها”.
ويؤكد الحكيم، أن “إيران مجبرة على الرد، فهي تدرك جيدا أن عدم ردها على إسرائيل، سوف يعطي مبرر لها لتكرار الضربات ضدها، وكذلك حتى لا تفتح المجال للولايات المتحدة الامريكية بشن ضربات عليها، نوعية خلال المستقبل القريب أو البعيد، ولهذا هي سترد على قصف الكيان مؤخرا الأراضي الإيرانية”.
ويلفت إلى أنه “من الواضح للجميع أن إيران تمتلك قوة صاروخية قادرة للوصول إلى عمق تل أبيب وضرب أهداف مهمة واستراتيجية، ولكنها لا تريد ذلك خشية من توسع الحرب في المنطقة، وربما ذلك يدفع إلى تشكيل تحالف دولي ضدها، كما حصل مع العراق والكثير من الدولة الرافضة لسيادة إسرائيل وأمريكا ودول الغرب”.
كما كان موقع أكسيوس الأمريكي، كشف في تقرير له أن طهران تستعد لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية خلال الأيام المقبلة، بينما تحدثت “سي إن إن” الأمريكية عن أن الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي الأخير سيأتي قبل الانتخابات الأمريكية، وبحسب هذه المواقع فإن إيران ستستخدم في هجومها عددا كبيرا من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، يتم إطلاقها عبر الفصائل المسلحة في العراق، في محاولة منها لـ”تجنب هجوم إسرائيلي آخر ضد أهداف استراتيجية في إيران”.
وبدءا من عصر يوم أمس الاثنين، أغلقت طهران قررت إغلاق مجالها الجوي وحتى مساء السادس من الشهر الجاري، بالتزامن مع انطلاق الانتخابات الأمريكية.يشار إلى أن “معهد واشنطن” الأمريكي، أشار قبل أيام، إلى أن إيران قد تلجأ إلى “دورة ثالثة” من الهجمات ضد إسرائيل، بما في ذلك من خلال اللجوء إلى “الخيار العراقي” باستخدام “صواريخ الارقب” انطلاقا من الأراضي العراقية وهو ما قد يلحق إصابات بإسرائيل باعتبار أن المسافة الجغرافية ستكون نحو 400 كلم فقط، مقترحا على واشنطن عدة خطوات للتعامل مع هذه السيناريوهات المحتملة.
ورأى المعهد أنه في حال حدوث مثل هذا الهجوم انطلاقا من العراق، سيؤدي إلى انتقام إسرائيلي قوي ضد بغداد، كما من المرجح أن تعتبر الفصائل العراقية أن الولايات المتحدة هي التي قامت بتسهيل الهجوم أو رفضت منع حدوثه.إلى ذلك، يؤكد المختص في الشأن العسكري أعياد الطوفان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الرد الإيراني إذا ما حصل على إسرائيل فسيكون رد بهدف استعراض إعلامي، كما حصل سابقا، فإيران تخشى من ضرب أي اهداف حقيقية داخل إسرائيل، فهي تعلم جيداً أن ذلك أن حصل سوف يكلفها الكثير عسكريا واقتصاديا”.
ويشير الطوفان إلى أن “الضربات الإسرائيلية على إيران أثبتت بشكل واضح أن إيران لا تملك أي منظومات دفاع جوي حقيقية قادرة على رد أي هجوم عليها سواء بالصواريخ أو الطائرات، ولهذا هي لا تريد الدخول بحرب عسكرية مباشرة مع إسرائيل، فهي تدرك انها لا تستطيع إيقاف الضربات الإسرائيلية خاصة إذا ما كانت موجهة ضد منشآت نفطية أو نووية”.
ويرى أن “إيران تريد استمرار الصراع مع إسرائيل وكذلك أمريكا عبر الفصائل المسلحة التابعة لها في المنطقة، فهي تخشى عسكريا أي مواجهة مباشرة، فهي تدرك خطورة وعواقب هذا الأمر، ولهذا الرد الإيراني سيكون مشابها للردود السابقة، بلا أي أهداف حقيقية”.وشنت إسرائيل، عبر طائراتها المقاتلة، غارات على إيران في 26 من الشهر الماضي، مستهدفة 20 موقعا بينها بعض المواقع العسكرية ومنشآت تصنيع الصواريخ، لكنها أحدثت ضررا بسيطا، وأدت إلى مقتل جنديين إيرانيين، حسب الإعلان الرسمي الإيراني، وهو الرد الذي جاء بعد شهر من ضربة إيرانية لتل أبيب.
وفي السياق، يبين المحلل السياسي علي فضل الله، خلال حديث ، أن “كل المعطيات تؤكد أن إيران سترد وبقوة على إسرائيل خلال الفترة القليلة المقبلة، وهي حددت الأهداف، وهي سوف تنفذ الضربة رغم كل الضغوطات والتهديدات الدولية ضدها، فلا يمكن لها السكوت عن أي عدوان تتعرض له من إسرائيل أو غيرها”.
ويستطرد أن “إيران لديها القدرة العسكرية الكافية لمواجهة إسرائيل بشكل مباشر، وهذا الأمر أصبح مكشوفا لدى الجميع، ولهذا الكيان الصهيوني نفسه يخشى أي تصعيد مع طهران، ويريد الحفاظ على قواعد الاشتباك بعدم توسع دائرة الصراع والحرب”.
ويشير إلى أن “إيران ليس وحدها من تواجه الكيان الصهيوني، فهناك محور مقاومة لديه فصائل جاهزة بالعدة والعدد لأي طارئ، وأكيد أي حرب ما بين إيران وإسرائيل سيكون لهذا المحور دور في نصرة طهران، كما تعمل على ذلك حاليا مع كل من غزة ولبنان”.