08 Jun
08Jun

شهد مطلع شهر حزيران يونيو الحالي، حدثا غير مسبوق في العلاقات العراقية السعودية، حيث حطت أول طائرة قادمة من مدينة الدمام في مطار النجف الدولي، حيث لم يسبق أن كان هناك خط نقل جوي مباشر بين المملكة العربية والنجف.
وقبل وصول الطائرة بيوم وتحديدا في 31 آيار مايو الماضي، كان السفير السعودي لدى العراق عبد العزيز الشمري قد وصل إلى محافظة النجف والتقى فيها بالمسؤولين المحليين والمراجع الدينيين، وزار ضريح الإمام علي بن أبي طالب، وتجول في أسواق المدينة، في بادرة تعد الأولى من نوعها لمسؤول سعودي.
ويقول الباحث واستشاري الطيران فارس الجواري، خلال حديث لـه، إن “موضوع الطيران بين العراق والسعودية أو بين النجف والدمام يعد من الإنجازات المهمة التي قد تربط الدولتين بعلاقات ودية من أجل تعزيز العلاقة ما بينهما”.
ويضيف الجواري، “لا علاقة للأمر بموسم الحج على وجه الخصوص، لأن للحج ترتيبات خاصة وظروفا معينة تقوم بها هيئة الحج والعمرة، وتأخذ شركات الطيران العراقية على عاتقها مهمة نقل الحجاج”.
ويستدرك “لكن مستقبلا قد يكون هناك توجه لنقل المعتمرين إلى مكة أو نقل الزوار السعوديين إلى النجف، خاصة وأن هناك طائفة شيعية في السعودية، وتحديدا في المنطقة الشرقية التي عاصمتها الدمام، وهذا الأمر قد يفتح بابا جديدا من العلاقات بين الدولتين”.
ويتابع الجواري “أما فيما يخص شركات السفر، فالمسافر سوف يختار الأنسب سعرا والأفضل خدمة، على سبيل المثال قد يجد أن الخدمات أفضل على شركة سعودية، وآخر يراها أفضل في شركة طيران عراقية، وهذا الأمر قد يخلق نوع من المنافسة بين الشركات من أجل تقديم أفضل الخدمات للمسافر”.
ووصلت صباح يوم السبت الماضي، المصادف 1 حزيران يونيو الحالي، أول طائرة سعودية إلى مطار النجف الدولي وعلى متنها 120 مسافرا، وكان محافظ النجف والسفير السعودي وعدد من المسؤولين المحليين في استقبال المسافرين، لتدشين خط الدمام- النجف الجوي.
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـه، أن “تحسين العلاقات السياسية بين العراق والسعودية بالتأكيد سينعكس على اقتصاد البلد في المجالات كافة وأولها النقل بمختلف وسائله وأهمها الجوية، وهذا الأمر سيسهل عملية السفر بين البلدين والاطلاع على حضارات البلد الآخر”.
ويذكر أن “الإعلان عن رحلات جوية مباشرة بين النجف والدمام أمر في غاية الأهمية من الناحية الاقتصادية لأنه سيشجع أصحاب شركات السفر على فتح مكاتب سياحية في كلا البلدين، وهذا سيعزز من السياحة داخل العراق وبالتالي تنشيط الجانب الاقتصادي وازدهاره”.
ويلفت إلى أن “توسيع نطاق الخدمات الجوية بين العراق والسعودية يعزز الربط الاقتصادي والسياحي بين البلدين، كما أنه يمثل تواصلا وتقاربا بين الشعبين العراقي والسعودي”.
يشار إلى أن المنطقة الشرقية وعاصمتها الدمام تعد مركز ثقل الطائفة الشيعية في السعودية، كما أنها المنطقة الأغنى بالنفط في المملكة العربية، وبتدشين الخط الجوي النجف الدمام، تعتبر أول المدن السعودية التي ترتبط بخط مباشر مع مدينة عراقية.
وبهذا الصدد، يوضح الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، خلال حديث له ، أن “فتح خطوط نقل جوية بين العراق ودول المنطقة تقدم إيجابي، كما أنه تفويج الحجاج والمعتمرين والزوار بسهولة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وبالنتيجة هذا الأمر سيكون رافدا جيدا لكلا الدولتين”.
ويتابع “هذا الأمر يشجع في الواقع على انتشار السياحة الدينية ما بين البلدين ومن الممكن أن تكون هناك سياحة من السعودية إلى العراق للأماكن الدينية في النجف وكربلاء وغيرها”.
ويلفت إلى أن “فتح خطوط نقل جوي جديدة يعود بالفائدة على العراق الذي يخضع لعقوبات عديدة من قبل الطيران الأوروبي، وتقريبا العراق خارج الطيران الأوربي منذ نحو 11 عاما ما تسبب بخسائر كبيرة للدولة العراقية تتجاوز 100 مليون دولار سنويا”.
وكانت السعودية تخطط لاستثمار 116 مشروعا في العراق، وبكافة المجالات الزراعية والصناعية والكهربائية والنفطية، حيث جرت العديد من الزيارات المتبادلة، خاصة على مستوى أعضاء المجلس التنسيقي لتنفيذ بنوده.
يشار إلى أنه في العام 2017، تم تأسيس مجلس التنسيق العراقي السعودي في القمة التي جمعت رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بالعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز في الرياض، لوضع خطط تعاون اقتصادية وتجارية وثقافية وتعاون أمني واستخباري بين البلدين، لكن لغاية الآن لم تنجح أغلب المشاريع الاستثمارية السعودية في الداخل العراقي بسبب معارضة علنية من قبل الفصائل المسلحة.
يذكر أن منظمة السلامة الأوروبي EASA، قد أصدرت في تموز يوليو 2015، حظرا على شركة الخطوط الجوية العراقية لعدم استيفائها متطلبات شهادة مشغل البلد الثالث TCOK، ومنعت الطائرات العراقية من التحليق في أجواء الاتحاد الأوروبي أو استخدام مطاراته.
من جهته، يشير الخبير السياسي حسن فاضل، خلال حديث لـه، إلى أن “السعودية ومنذ العام 2016 بدأت بتغيير سياستها تجاه العراق حيث انتهجت سياسة قائمة على الانفتاح الاقتصادي والثقافي وتعزيز القوة الناعمة وكان ذلك التوجه بدعم من واشنطن، لكن فيما بعد اكتشفت السعودية أن من مصلحتها تعزيز هذا الانفتاح مع الجانب العراقي لما له من منافع اقتصادية وما يمنحه للسعودية من مكاسب إقليمية في توسيع دورها الإقليمي وقد كان آخرها طريق التنمية الذي تسعى السعودية للانضمام إليه”.
ويرى أن “تعزيز الرحلات الجوية بين المنطقة الشرقية السعودية والنجف إنما يصب في خدمة تعزيز طريق التنمية الذي سيكون طريقا تجاريا وسياحيا، إذ تدرك السعودية أهمية التقرب من أبناء المذهب الشيعي في العراق بعد سنوات من الخطاب الطائفي الموجه والذي أساء للعلاقات العراقية السعودية وأضر بالمصالح السعودية أكثر مما أدى لتنميتها، لذلك فإن تعزيزها للروابط مع المكون الشيعي في العراق يشكل مدخلا لتعزيز علاقاتها مع العراق”.
ويرتبط العراق والسعودية بمعبرين بريين، هما معبر عرعر، الذي افتُتِح مؤخرا، بعد إغلاق دام لنحو 29 عاما، مع اندلاع حرب الخليج عام 1991، ويقع هذا المعبر ضمن حدود محافظة الأنبار (غرباً) الحدودية، وهو تجاري وفيه ممرات لعبور المسافرين، أما المعبر الثاني فهو معبر الجميمة من جهة الجنوب، ويقع ضمن امتداد بادية محافظة المثنى، وتاريخيا يعتبر طريق حج رئيسي كانت دول عدة تستخدمه لعبور قوافل الحجاج إلى السعودية عبر العراق، أبرزها تركيا وإيران.
وكشفت مصادر في 2020، عن سبب تأجيل افتتاح منفذ الجميمة الحدودي بين العراق والسعودية، التي كان من المؤمل أن يتم خلال تلك الأيام، وبحسب المصدر آنذاك فإن الجانب السعودي طلب تأجيل الافتتاح بسبب فعاليات الرفض التي ظهرت للاستثمار السعودي في بادية المثنى، خاصة وأن قرار الاستثمار كان لا يزال يتم تداوله في العاصمة بغداد، ولم يرسل إلى محافظة المثنى المعنية بالأمر، بسبب اعتراضات أنصار بعض القوى الشيعية، فضلا عن تحذيرات بعض القادة السياسيين أمثال زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، من خطورة الاستثمار السعودي في المثنى.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة