20 Mar
20Mar

ملفات هامة وإشكالية، تنتظر أن يفتحها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في تركيا، وتتمثل بالمياه والعمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، وفيما يرى متخصصون بالسياسة والأمن أن العراق يملك أوراق قوة يجب أن يستخدمها السوداني خلال مباحثاته في أنقرة للحصول على مستحقات العراق وضمان أمنه، أشاروا إلى أن عدم الوصول لحسم بهذه الملفات سيجعل الزيارة "شكلية".

ويقول المحلل السياسي، محمود الحسيني، خلال حديث لـه إن زيارة السوداني إلى تركيا، "مهمة جدا، لوجود ملفات كثيرة بين البلدين، إذ أن هناك شعورا للعراق من خلال هذه الملفات بالظلم من الجارة تركيا".

ويؤكد الحسيني، أن "زيارة السوداني لن تكون نزهة، فهي منسجمة مع أحداث المنطقة، وفورة التطبيع التي تجري فيها، لاسيما التطبيع الإيراني– السعودي"، مشيرا الى أن "أهم الملفات التي سيتناولها السوداني، هو الملف الأمني وموضوع التوغل التركي في الأراضي العراقية، وكذلك ملف المياه".

ويدعو المحلل السياسي، السوداني، إلى "استغلال الأجواء السياسية الحالية التي تعصف في المنطقة، المقبلة على تغيير جذري في التحالفات العالمية، وان يستخدم الأوراق التي يمتلكها العراق في الضغط على تركيا من اجل إطلاق كميات المياه المحبوسة قسرا من قبل تركيا، لاسيما ورقة البضائع التركية، إذ أن العراق يستطيع أن يستخدم هذه الورقة لإجبار تركيا على تغيير سياستها السيئة تجاه العراق".

ويوضح، أن "تركيا في الوقت الحالي تعيش وضعا اقتصاديا في غاية الصعوبة، وأحداث الزلازل الأخيرة التي ضربت البلاد، زادت من هذا الوضع تعقيدا، لذا على السوداني أن لا تكون هذه الملفات غائبة عنه".

ويعبر الحسيني عن قناعته، بأنه "اذا لم يستغل السوداني هذه الملفات، فان زيارته ستكون شكلية ولا تحقق أهدافها التي تبغيها المصلحة العراقية".

ومن المفترض أن يزور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، يوم غد الثلاثاء، تركيا على رأس وفد حكومي، وبحسب المصادر فأنه سيبحث ملف المياه والعمليات التركية داخل الأراضي العراقية وقضية التبادل التجاري.

وكان وزير الموارد المائية عون ذياب، عبر يوم أمس، عن أمله بأن تخرج الزيارة الحكومية لتركيا بنتائج إيجابية بشأن مساعدة العراق بتعزيز خزينه المائي لمواجهة الصيف المقبل الذي سيكون قاسياً نسبيا، مؤكدا: إننا سنطلب من الجارة التركية الالتزام بالاتفاقات التي كانت سابقاً موجودة في إطلاق الكميات بنهر الفرات التي كان متفقا عليها وهي 500 متر مكعب في الثانية على الحدود التركية السورية منها 290 مترا مكعبا للحدود السورية العراقية.

ووفقا لذياب، فأنه: بالنسبة لدجلة لدينا رغبة أو طلب واضح أن تزداد التصاريف من سد أليسو باتجاه العراق لمواجهة الاحتياجات المائية في موسم الصيف المقبل، لأنه سيكون تحدياً كبيراً خلال الصيف القادم.

إلى ذلك، يؤكد الخبير الأمني هيثم الخزعلي، خلال حديث لـه، أن "الملف الأمني سيكون حاضرا في هذه الزيارة ضمن عدة ملفات، وسيهتم هذا الملف بالتأمين الحدودي وإيقاف الاعتداءات التركية وعدم اتخاذ الأراضي العراقية منطلقا للعمليات العسكرية لتركيا ومنع البككة عن أي عمل يضر بتركيا من الأراضي العراقية، إضافة إلى موضوع ملف المياه والتعاون الاقتصادي وربط القناة الجافة من جنوب العراق باتجاه تركيا لتكون ممرا تجاريا بين دول الخليج وتركيا".

ويعتقد أن "ملفات عدة ستناقش ويكون لها انعكاس ايجابي على الوضع الأمني في العراق"، مضيفا أن "الدستور العراقي يضمن عدم شن هجمات من البككة على تركيا ووظيفة السيد السوداني منع أي اعتداءات على تركيا من الأراضي العراقية في مقابل أن توقف تركيا اعتداءاتها على شمال العراق إضافة إلى أن الأخير يمتلك أوراق ضغط كثيرة خاصة وان تركيا لها مصالح في العراق فلابد أن تكون هناك استجابة من الطرفين فمن الممكن أن توقف تركيا عملياتها وان تسحب قواتها من شمال العراق بشكل تدريجي بعد التفاهم مع السوداني".

ومنذ قرابة عامين، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

جدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

ولا توجد اتفاقية مياه بين العراق وتركيا، وإنما هناك بروتوكولات تم توقيعها بين الجانبين على مر العقود الماضية تتعلق بحصص المياه العابرة إلى الأراضي العراقية.

وكان وزير الدفاع ثابت العباسي، زار تركيا مطلع الشهر الحالي، والتقى مستشار الرئيس التركي ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، ووفقا للبيان الرسمي، فأن العباسي اللقاء شهد بحث سبل التعاون المشترك بين العراق وتركيا خاصة في الجانب الاستخباري وتبادل المعلومات.

وتزامنت زيارة العباسي، مع تنفيذ تركيا لعمليات اغتيال طالت قادة إيزيديين في الفوج 80 المرتبط بالحشد الشعبي، وذلك بعد اغتيال آمر الفوج بير جكو واثنين من مرافقيه، باستهداف عجلتهم في سنجار.

وكانت تقارير عدة قد سلطت الضوء على العمليات التركية الأخيرة، وفيه أكد متخصصون بالقانون والأمن أن ما أقدمت عليه تركيا يعد خرقا للاتفاقية الموقعة بين بغداد وأنقرة في ثمانينيات القرن الماضي، والتي لا تسمح بتنفيذ مثل هذه العمليات، وأشاروا إلى أنه من حق العراق الرد العسكري نظرا لتصنيف ما جرى بـ"العدوان".

وكان الجيش التركي بدأ عملية عسكرية جوية في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، في شمال العراق وسوريا تحت اسم "وقت الحساب"، استخدم فيها الطائرات الحربية والتوغل البري، وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن العملية انطلقت من مطار دياربكر العسكري التركي.

من جانبه، يرى المحلل السياسي، علي البيدر، خلال حديث لـه أن "العراق لا يمكن أن ينعزل في علاقاته مع تركيا فهنالك الكثير من الشراكات التي تجبر البلاد على التواصل والزيارات المتبادلة ورفع نسبة التمثيل الدبلوماسي".

ويلفت حيدر، إلى أن "ملف المياه سوف يكون أول اهتمامات السوداني لاسيما وأن هذا الملف بات يشكل عبئا على الحكومة العراقية الجديدة كونها استلمت تركة ثقيلة في هذا الجانب خاصة مع عدم وجود إستراتيجية في ملف المياه في المراحل السابقة".

ويتابع أن "وجود الجماعات المسلحة التي تناوئ تركيا من الممكن أن يجعل هناك موقف للعراق إزاءها في قضايا أخرى مثل مناقشة ملف الجالية العراقية في تركيا ومستوى التبادل التجاري بين العراق وتركيا، فالأخيرة دولة أوروبية كبيرة وعلى العراق أن يستثمر قوة تركيا في تجاوز أزماته وان لا يقف بالضد من المصالح التركية في المنطقة على حساب مصالح أخرى كما فعلت بعض الحكومات وان يجعل من هذه الدولة صديقا وحليفا إستراتيجيا قويا لكون إمكانياتها قادرة على قلب الموازين في المنطقة خاصة أن تأثير وامتدادات تلك القضية على العراق واضحة وجلية".

ويستطرد الباحث في الشأن السياسي "علينا كسب تركيا كصديق وحليف استراتيجي وما يربطنا من التزامات مع الجانب التركي أكثر من التقاطعات التي يحاول صناعتها البعض من اجل تمرير مشروع سياسي أو لدوافع أخرى من دول خارجية لا تريد لتركيا أن تكون أكثر استقرارا".

ومنذ مطلع العالم 2021، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى إعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

وفي تموز يوليو 2022، قصفت القوات التركية مصيفا سياحيا في قرية برخ التابعة لقضاء زاخو بمحافظة دهوك، ما تسبب بإصابة ومقتل 31 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تأكيدات شهود عيان في المنطقة بأن هذا المصيف يقع عند حدود زاخو وتحيط به نقاط القوات التركية، ولا يشهد أي نشاط إرهابي من قبل أي جماعة.

وتقدم العراق بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي بشأن القصف التركي، وعقد المجلس جلسة في 26 تموز يوليو الماضي، وفيها أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الأدلة من موقع الاعتداء على مصيف دهوك، تضمنت شظايا مقذوفات مدفعية ثقيلة، هي ذاتها التي يستخدمها الجيش التركي، وأن هناك حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب إلى الشمال بسبب الاعتداء التركي.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة