حرصت القوى النافذة في الإطار التنسيقي، والداعمة لحكومة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وقبل اعلان دعوة السوداني لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، حرصت على “شيطنة” أي محاولات لعلاقات قوية مع الجانب الأمريكي، وكرست منصاتها الإعلامية وقنواتها الفضائية الى ضرورة الذهاب نحو الصين والاستفادة من الإمكانات والطموحات التي تقود هذا التنين في المنطقة.
وتصاعدت حالة التوتر بين قوى الإطار والجانب الأمريكي، في مناسبات مختلفة، كان أبرزها ما يتناوله المقربون من رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، بكون حكومته تمت الإطاحة بها على خلفية توجهها نحو الصين ومحاولة كسر الاستحواذ الأمريكي على القرار الاقتصادي العراقي.
وبعد فترات من الشد والجذب، شهد تصعيدا امنيا خطيرا بين الفصائل المسلحة المنضوية في الحكومة والجانب الأمريكي، وتعرض القواعد الامريكية للقصف، وإدانة الحكومة لهذه الضربات، وصلت الى وصفها بالإرهابية، ثم عمليات الرد الامريكية التي استهدفت قيادات ومقرات الفصائل، دفعت الحكومة الى ادانتها دوليا، بعد هذه الحصيلة، وعلى ما يبدو ان زيارة واشنطن غيرت كثيرا من بوصلة قادة الإطار.
الباحث بالشأن السياسي، عصام الفيلي، قال ان “تحفظات الإطار التنسيقي على الانفتاح صوب الولايات المتحدة الامريكية، حالة طبيعية، تندرج ضمن صراع الأيديولوجيات والعقائد المكونة لهذا الإطار، وبالمقابل، من الناحية العملية والمسؤولية السياسية لرئيس الوزراء تحتم عليه إقامة علاقات متوازنة بعيدا عن ساحات التصارع القائمة”.
وأضاف، ان “السوداني يدرك جيدا المخاطر والتحديات التي تواجه الدولة العراقية، ولا يمكن الابتعاد عن الولايات المتحدة والذهاب الى محاور أخرى، والحديث عن الصين تحديدا، كونها تمثل العدو التقني للولايات المتحدة”، لافتا الى ان “الصين تشكل تحديا مستقبليا لأمريكا بسبب مشاريعها الاستثمارية ومحاولة تفعيل طريق الحرير وربط خطوط النقل العالمي والاتجاه نحو السيطرة على كبرى الموانئ العالمية”.
وأوضح الفيلي، ان “الترحيب الاطاري ربما يكون حالة طبيعية، كون المرحلة تتطلب ذلك، لاسيما مع احتدام الصراع وكون العراق في قلب العاصفة، إضافة الى التحذيرات الامريكية المستمرة”، مبينا ان “الإطار التنسيقي يعرف جيدا ان خسارة حليف استراتيجي مثل الولايات المتحدة، هو عملية اقصاء له تماما من المشهد السياسي، لاسيما ان حالة التوافق السياسي داخليا تكاد تكون غائبة بين الإطار وباقي القوى”.
وكان الإطار التنسيقي، قد ذكر في بيان، بوقت سابق، دعمه الكامل للحكومة والوفد العراقي برئاسة السوداني في واشنطن، وان تؤسس الزيارة لشراكة ثنائية استراتيجية مستدامة مع الولايات المتحدة خصوصا بعد انتهاء مهمة التحالف الدولي، والاستعداد لجدولة الانسحاب ورغبة العراق في بناء علاقات ثنائية مع الأطراف الأساسية في التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وأن تكون هذه العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل، وحفظ أمن العراق وسيادته ووحدة أراضيه.
من جانبه، يرى المحلل السياسي المقرب سابقا من الإطار، خالد السراي ان “جميع القيادات السياسية يعلمون بحاجة واهمية علاقة العراق المتينة مع الولايات المتحدة”، مبدياً اسفه من “خطاب بعض القوى السياسية غير الصريح او المجامل، استجابة لظروف مرحلية عابرة”.
وأضاف ان “الجميع يترقب نتائج الزيارة الإيجابية وهي انعكاس للتأييد الشعبي للسوداني وارادته في بناء وتطور بلده”، بحسب وصفه.
وأكمل السراي، ان “هذه الزيارة والاصرار على بناء شراكة استراتيجية مستدامة بين العراق وامريكا لا تعني اطلاقاً سلب حرية القرار العراقي، ويجب ان يكون التعامل الامريكي نتيجة تطور ومتانة العلاقة مع العراق كدولة بكامل الاستقلال وعلاقاتها متاحة مع اي دولة بما يضمن تطور بناء العراق وادامة مصالحه المشتركة مع دول العالم”.
وأوضح، ان “موقف بعض أطراف الفصائل، هو بالتأكيد عدائي ضد أمريكا، وله مبرراته، ويقيناً ستقلل من قيمة الزيارة بناء على مواقف مسبقة لديها”.