14 Jun
14Jun

يحاول زعيم التيار الصدري كسر قواعد اللعبة السياسية، لكن الأمر ليس بالهين، اذ ان قوى الإطار المنافسة له تتحسب لتحركاته، وتدرك تداعيات استقالة الكتلة الصدرية، وبدأت تعد العدة لأسوأ الاحتمالات، وفق مصدر من الإطار التنسيقي.ونفّذ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأحد تهديده تقديم نواب كتلته البالغ عددهم 73 نائباً، استقالاتهم من البرلمان العراقي، بعد ثمانية أشهر من مراوحة العملية السياسية مكانها، في خطوة قد تزيد الوضع السياسي "إرباكاً"، ويتوقّع محللون أن تشعل الشارع من جديد.

وقال رئيس مجلس النواب الحلبوسي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني عبد الكريم الدغمي في عمان الاثنين إن "عضوية أي نائب من أعضاء مجلس النواب تنتهي بشكل مباشر عند تقديم الاستقالة".لكن بعض المحللين السياسيين يشيرون إلى أن الأمر يتطلّب تصويتاً برلمانياً.

ويشرح رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل السياسي إحسان الشمري أنه إذا ما مضينا مع قانون النظام الداخلي (لمجلس النواب) من عام 2007 مادة رقم 19 بالتالي فإنّ الاستقالات بحاجة لتصويت في البرلمان.

ويبقى التأثير السياسي لهذه الخطوة هو الأساس.ويملك الصدر كتلة وازنة في البرلمان، وبالتالي فإنّ استقالتها "ستولّد قناعة لدى أغلب القوى السياسية بأن هذا البرلمان لن يستمر"، كما يرى الشمري.

بعد ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية المبكرة ومبادرات سياسية لا تحصى، لم تتقدّم العملية السياسية في العراق, ويتوقّف ذلك على التوافق بين الأطراف الشيعية المهيمنة على العملية السياسية منذ العام 2003.من جهة، دفع الصدر إلى تشكيل حكومة "أغلبية" مع تحالف "إنقاذ وطن" الذي يضمّ سنّة وأكرادًا. 

أما خصومه في الإطار التنسيقي، فيريدون حكومة توافقية تضمّ جميع القوى الشيعية كما جرت عليه العادة.وواحدة من الأسباب التي دفعت نحو هذه الاستقالة هو "شعور الصدر بأن هناك محاولة لكسره سياسياً" .

يرى الشمري أن "تشكيل حكومة" بمن تبّقى في البرلمان في حال المضي بالاستقالة، "أمر صعب".وقد تتيح استقالة نواب الصدر إذا ما تمّ المضيّ بها، واستبدالهم وفق القانون، بمن حصلوا على ثاني أعلى عدد أصوات في الدائرة نفسها، للإطار التنسيقي بتشكيل حكومة.

لكن "حكومة مماثلة لن ترى النور وستسقط سريعاً"، وفق الشمري، في بلد غالباً ما تحسم فيه الأزمات السياسية في الكواليس وليس تحت قبّة البرلمان، ما قد يضع العملية السياسية في نقطة "اللاعودة" ويفضي إلى حلّ البرلمان الذي يتطلب تصويتاً من البرلمان نفسه.

ويضيف الشمري أن "حتى الإطار التنسيقي الذي قد يشعر أنه حقق انتصاراً على مقتدى الصدر، غالبية الأطراف فيه تدرك جيداً بأنّ هذه (الاستقالات) نهاية للعملية السياسية".

ويعني ذلك بالنسبة للشمري أن "الحكومة الحالية سوف تستمر، لحين حسم الخلاف"، أو إقناع الصدر بالعودة عن قراره.ويرى بدوره المحلل السياسي العراقي حمزة حداد أن "الوقت سيكون حاسماً في معرفة ما إذا كان الصدر جدياً في هذه الخطوة أم أنها تكتيك جديد لوضع الملامة على الأطراف السياسية الأخرى وشراء الوقت".


كان الصدر على سبيل المثال قد أعلن قبيل انتخابات تشرين الأول/أكتوبر 2021 عن مقاطعته لها، قبل أن يعاود من جديد الانضمام إلى العملية السياسية.

وشُكلت الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى الكاظمي في العام 2020 بعد مفاوضات طويلة وتظاهرات شعبية غير مسبوقة، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية، لكن في صلبها، كانت اعتراضاً على النظام السياسي برمّته.

ويرجّح حدّاد اندلاع تظاهرات جديدة هذا الصيف، فهذا أمر وارد دائماً مع ارتفاع درجات الحرارة وضعف الخدمات، كما الكهرباء والمياه في الجنوب"، فضلاً عن التنديد بعدم تقدّم العملية السياسية.واستباقاً لهذا الاحتجاج الشعبي الذي قد يشعل الشارع مجدداً كما حصل في العام 2019، انسحب الصدر من العملية السياسية "لينأى بنفسه" عن الملامة، كما يرى الشمري.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة