بدأ الصراع الكردي الكردي مبكرا، قبل أيام من إجراء الانتخابات المحلية، عبر انتقال مرشحين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، إلى صفوف غريمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني، وفيما رأى الأخير أن الأمر طبيعي، ولن يتكرر مع حزبه، اتهم "الديمقراطي" من جانبه، المنسحبين بخضوعهم لـ"إغراءات" مادية ووعود بمناصب، في ظل توقعات بتنامي الصراع مع محاولة الحصول على نيل منصب المحافظ.
الصراع الكردي الكردي يتنامى في كركوك ومراقبون يتوقعون اشتداده بعد الانتخابات
ويرى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي، خلال حديث لـه أن "ما يحدث من عملية انسحاب لبعض مرشحي الحزب الديمقراطي، وانضمامهم إلى الاتحاد الوطني، أمر طبيعي، يأتي ضمن العمل السياسي والانتخابي، وهذا الأمر يحصل مع كل الكتل والأحزاب العراقية وليس الكردية فقط".
وبشأن الرحيل العكسي، يلفت الهركي، إلى أنه "لا يوجد أي انسحاب لمرشح من الاتحاد وذهابه مع الديمقراطي، وكذلك لا يوجد أي من الكوادر الاتحاد، التحقت مؤخرا بالديمقراطي، لكن الأخير يريد بث هكذا شائعات من خلال محاولة إظهار بعض الشخصيات التي هي خارج الاتحاد الوطني الكردستاني من سنين طويلة أو التي لم يكن لها مناصب ومواقع حزبية".
ويردف أن "وضع الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك جيد ومستقر سياسيا وانتخابيا، وقاعدته السياسية في تزايد ونتوقع أن تكون للاتحاد الحصة الأكبر من مقاعد الكرد في مجلس المحافظة المقبل".
وفي خطوة مفاجئة، قبل أيام من الانتخابات المنتظرة في كركوك التحق مرشحون كرد في كركوك من الحزب الديمقراطي إلى الاتحاد، وأحدهم المرشح رقم 21 في قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، سامان محمد شريف، وأعلن ذلك في مؤتمر صحفي عقده في المكتب السياسي للاتحاد الوطني، وقبل ذلك كان المرشح صاحب التسلسل 2 في قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود ملا برويز، سبق زميله إلى الاتحاد.
وبحسب المفوضية المستقلة للانتخابات، فإن 16 تحالفا سيتنافسون على 15 مقعدا لمجلس محافظة كركوك، حيث سيدخل الكرد هذه الانتخابات بعدة قوائم وتحالفات.
ومن المقرر إجراء انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول ديسمبر، في 15 محافظة باستثناء إقليم كردستان، ويحق لحوالي 23 مليون عراقي التصويت في هذه الانتخابات.
في المقابل، يؤكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، خلال حديث لـه أن "انسحاب بعض المرشحين والتحاقهم بقوائم أخرى أمر طبيعي في ظل العمل السياسي، وهذا الأمر يحصل حتى في إقليم كردستان، وهذا لا يعني أن هناك صراعا كرديا كبيرا في كركوك، كما يريد البعض أن يروّج ذلك".
ويبين كريم، أن "بعض المرشحين والقيادات والأعضاء تخرج من قوائم وأحزاب، عبر تقديم إغراءات مادية لها أو وعود بتسلمها مناصب خلال المرحلة المقبلة، وهذا يأتي ضمن الحراك الانتخابي والدعاية الانتخابية".
ويضيف أن "هناك اتفاقا بين الحزبين على خوض الانتخابات في كركوك بقائمتين، والتحالف بعد إعلان النتائج من أجل تشكيل الأغلبية داخل مجلس المحافظة، ثم الاتفاق على شخصية المحافظ من أي حزب سيكون وهذا ضمن الاتفاق السياسي".
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، أكد يوم السبت الماضي، تعرض لافتاته الانتخابية للتخريب والعبث من قبل مجهولين، متهما أحزابا منافسة (لم يسمها) بالوقوف وراء تلك الأعمال.
وسيخوض الحزب الديمقراطي الكردستاني، الانتخابات باسمه وشعاره، فيما التحالف الثاني يتكون من الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الشيوعي الكردستاني باسم تحالف "كركوك قوتنا وإرادتنا"، والتحالف الثالث يتكون من الاتحاد الإسلامي الكردستاني، وجماعة العدل الكردستانية باسم تحالف "شعلة كركوك"، كما أن حراك الجيل الجديد سيشارك بمفرده في الانتخابات.
وشاركت الأحزاب السياسية الكردية عام 2005 في الانتخابات الوحيدة التي جرت في المحافظة، بقائمة واحدة سميت بـ"قائمة التآخي"، وفازت بـ26 من أصل 41 مقعدا من مقاعد مجلس المحافظة.
بدوره، يعتقد المحلل السياسي، ماهر جودة، خلال حديث لـه، أن "الصراع الكردي- الكردي بدأ مبكرا في محافظة كركوك، وهذا الصراع هدفه الحصول إلى منصب المحافظ، ولذا فإن كل جهة تريد الاستحواذ بشكل أكبر على أصوات القومية الكردية من خلال الحرب الإعلامية".
ويبين جودة، أن "أصعب عملية تشكيل حكومة محلية هي في كركوك، بسبب الانقسام الكبير ما بين كل الأطراف السياسية، والأمر غير متعلق بالكرد فقط، بل هناك انقسام ما بين الكتل العربية والتركمانية، ونعتقد أن كركوك ستشهد أزمة سياسية بسبب الصراع على منصب المحافظ".
ويضيف أن "الصراع الكردي الكردي يتعمق يوما بعد يوم، ورغم كل الحوارات والتفاوض ما بين الطرفين خلال الفترة الماضية لن تعود العلاقات كما كانت سابقا، كما نعتقد أن الصراع الحاصل هو صراع الأسرتين الحاكمتين على السلطة والنفوذ، وهذا الصراع سوف يتعمق مستقبلا".
وتجدر الإِشارة إلى أن الأحزاب الكردستانية قد حصلت في كركوك خلال الانتخابات النيابية التشريعية الماضية التي جرت في (10 تشرين الأول 2021) على أغلبية الأصوات والمقاعد، فكانت حصة الأحزاب الكردستانية 6 مقاعد، وهي: الاتحاد الوطني الكردستاني 3 مقاعد، والحزب الديمقراطي الكردستاني مقعدان، وحراك الجيل الجديد مقعد واحد من مجموع 12 مقعدا، حيث حصل المكون العربي على 4 مقاعد، والمكون التركماني على مقعدين.
وتفجرت الأوضاع في المحافظة التي لم تشهد اقتراعا منذ 18 عاما، بعد مقتل أربعة أكراد على الأقل وإصابة 16 شخصا آخرين، حين اندلعت تظاهرات في كركوك، على خلفية مساعي تسليم المقر المتقدم للعمليات المشتركة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث فرضت الحكومة على إثرها، حظرا للتجوال، بعد أيام عدة من التوتر، وضمت هذه التظاهرات سكانا كردا من جهة، وآخرين من العرب والتركمان، وشهدت صدامات رغم وجود قوات الأمن.