20 May
20May

يبدو العراق جادا هذه المرة بإجراء التعداد السكاني الذي توقف منذ عام 1997، إذ تتحضر وزارة التخطيط لاختبار هذه التجربة، الأسبوع المقبل، بإجراء إحصاء تجريبي تمهيداً لتنفيذ التعداد العام قبل نهاية السنة الحالية.
وفيما تشير وزارة التخطيط، إلى قرب اكتمال التحضيرات، كشفت أن استمارة العدّ ستشمل 70 سؤالا، في وقت شدد خبير اقتصادي على ضرورة إجراء التعداد لانعدام البيانات الحقيقية التي ترسم صورة الواقع الاقتصادي.
ويقول المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، خلال حديث لـه ، إن “استعدادات إجراء التعداد العام أوشكت أن تكتمل، وما إجراء التعداد التجريبي في السادس والعشرين من هذا الشهر إلا علامة على أننا في منتصف الطريق لإجرائه، وقد بدأنا خطواتنا العملية باتجاه التنفيذ الفعلي”.
ويضيف الهنداوي، أن “التعداد التجريبي بعد أسبوع يأتي بعد استكمال المتطلبات الإلكترونية والتقنية والبرامجية والصور الفضائية للوحدات الإدارية، وكذلك تدريب جزء من الكوادر التي ستقوم بالتعداد”، لافتا إلى أن “هناك تحضيرات واستعدادات على مستوى عال لإجراء التعداد العام والنهائي للسكان والمساكن في 20 تشرين الثاني نوفمبر 2024”.
وعن محتوى استمارة التعداد، وما إذا كانت ستكون بيانات الإجابة دقيقة، يشير الهنداوي، إلى أن “هناك أكثر من 70 سؤالا تتضمنها استمارة التعداد، وهذه الأسئلة تتناول خصائص السكان في مجالات الصحة والتعليم والعمل والدخل والخدمات وغيرها، إذ تضيء هذه الأسئلة على كل تفاصيل حياة الفرد”.
ويتابع متحدث التخطيط: “نتوقع استجابة إيجابية من الأسر والسكان على هذه الأسئلة، لأن هدف التعداد هو هدف تنموي نريد من خلاله أن نضيء على الواقع وعلى أساسه نضع الخطط التنموية التي تحسن وتغيّر من الواقع في مختلف المجالات سواء في مجالات العمل أو الصحة والسكن وغيرها”.
وكان وزير التخطيط، محمد علي تميم، أكد أمس الأحد، أن الوزارة ملتزمة بالتوقيتات الزمنية لخطة العمل للتعداد العام للسكان والمساكن، مشددا على أن التعداد سينفذ في موعده المقرر في تشرين الثاني المقبل، وأشار خلال اطلاعه على مراحل العمل في تنفيذ المتطلبات العملية والميدانية، إلى أن هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية، تبذل جهودا كبيرة بالتنسيق مع الشركات المعنية، في ما يتعلق بإنشاء مركز البيانات ومركز الاتصالات فضلا عن تصنيع الأجهزة اللوحية وفقا للمواصفات العالمية، التي سيتم تجهيزها بالكامل قبل نهاية شهر تموز المقبل.
وسينطلق التعداد التجريبي بعد ستة أيام من الشهر الحالي بمناطق محددة في جميع المحافظات، بما فيها محافظات إقليم كردستان، إذ دعا الوزير، العدّادين والباحثين، إلى بذل اقصى الجهود لإنجاح هذه العملية التي تمثل “خطوة متقدمة لمعالجة جميع المشاكل والتحديات التي يمكن أن تواجه تنفيذ التعداد العام للسكان”.
ووجه السيد الوزير بان يتفرغ موظفو دوائر التخطيط والتقييس في جميع المحافظات، للتعداد بشكل كامل
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، أن “استمارة التعداد تحتوي على معلومات تفصيلية، وقسم من المؤشرات مهمة للجانب الاقتصادي والقسم الآخر حتى إن وردت الإجابات غير دقيقة فيمكن استنتاجها، فالتعداد يتضمن كل المعلومات التفصيلية عن الأسرة، وسكنها ومستوى الرفاهية لديها والعمل والتعليم والمشافي الصحية”.
ويضيف المشهداني، أن “إجراء التعداد أمر مهم جدا، والحكومة تبدو جادة هذه المرة لإجرائه، لأن العراق منذ وقت طويل لا يمتلك أرقاما ولا معلومات حقيقية عن واقعه، فعندما يبدأ إقرار الموازنة مثلا تحصل خلافات على الكثافة السكانية للمحافظات واستحقاقها من الأموال، والكثير من المشكلات مع إقليم كردستان مثلا تتوقف على نتائج التعداد، لأن الموازنات ترصد طيلة الأعوام الماضية بشكل تقديري”.
جدير بالذكر، أنه عند إقرار كل موازنة في البلد، تظهر خلافات حادة بين إقليم كردستان وبغداد من جهة، والمحافظات وبغداد من جهة أخرى، وتتلخص هذه الخلافات حول نسبة كل جهة في الموازنة وذلك بناء على عدد السكان، وهي أرقام تقديرية تقدم وعلى أساسها يتم احتساب نسبة الموازنة لكل جهة.
ويتابع المشهداني، أن “إجراء التعداد ينسحب أيضا على الانتخابات ونتائجها، فالحساب الحالي هو وجود نائب واحد لتمثيل كل 100 ألف نسمة، وهذه الحسبة تجري حاليا على ضوء تقديرات فقط”، مشيرا إلى أن “هناك فوضى في الأرقام المعلنة رسميا، فالداخلية تعلن عن أرقام لعدد السكان، بينما لدى المفوضية أرقام أخرى، ووزارة التجارة من جانبها لديها أرقامها التي توزع على أساسها الحصة التموينية، فعند المقارنة بين من يتسلمون الحصة التموينية تظهر الأرقام أكبر مما تعلنه وزارة التخطيط عن عدد السكان الكلي”.
ويشير الخبير الاقتصادي، إلى أن “العراق لا يستطيع التخطيط من دون وجود تعداد حقيقي، ففي قطاع التربية مثلا جرى تعيين مليون موظف مؤخرا لكن من دون تعداد لا يمكن معرفة فيما إذا كان توزيعهم عادلا على المدارس أم لا، وكذلك في ما يخص أرقام العمالة الأجنبية فهي غير معروفة، إذ لا يمكن في السياسات الاقتصادية، السماح لعامل أجنبي بمنافسة عامل محلي في بلد تكثر فيه البطالة”.
ويخلص إلى أن “البلد يحتاج بعد إجراء التعداد العام إلى إعادة خرائطه الاقتصادية بشكل كلي”، لافتا إلى أن “البيانات إذا ما أجري التعداد ستكون حقيقية بنسبة 95 بالمئة، إذ سيكشف التعداد أعداد الأرامل والمطلقات والبطالة ومستلمي رواتب الرعاية الاجتماعية اعتمادا على بيانات غير حقيقية”.
وفي العام الماضي، كشفت وزارة التخطيط أن عدد سكان العراق لسنة 2022 بلغ 42 مليونا و248 ألفا و883 نسمة، بحسب التقديرات، بمعدل زيادة سنوية بلغ 2.5 بالمئة.
يذكر أن آخر إحصاء للسكان في العراق كان عام 1997، وأظهر أن عدد السكان هو 22 مليون نسمة، ولم يجر أي إحصاء بعد ذلك لغاية الآن.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة